محللون فلسطينيون يكشفون لـ"حفريات" دوافع عودة التنسيق الأمني مع إسرائيل

محللون فلسطينيون يكشفون لـ"حفريات" دوافع عودة التنسيق الأمني مع إسرائيل


22/11/2020

بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار، أعلنت السلطة الفلسطينية استئناف العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، والحصول على الأموال المحتجزة، بعد قطيعة استمرت ستة أشهر، اعتراضاً على السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، والمصادقة على خطة الضم، والمضي بتنفيذ صفقة القرن، وقد شهدت تلك الفترة وحدة موقف فلسطينية شملت كافة الفصائل على رأسها حركتا فتح وحماس.

قرار السلطة الفلسطينية بعودة العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، والتنسيق دون الرجوع إلى الفصائل الفلسطينية وأخذ رأيها أصاب الأخيرة بالإحباط، خاصة بعد توحيد الصف الفلسطيني لمواجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، والأجواء الإيجابية التي نتجت عن اجتماع الأمناء العامين، والذي شكل نقطة تحول كبيرة في تاريخ القضية الفلسطينية في نظر بعض المراقبين.

محللون فلسطينيون: استئناف العلاقة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل لا يقدم للفلسطينيين سوى مزيد من عرقلة المصالحة الفلسطينية، وعدم اتمامها في الوقت الراهن

بررت السلطة الفلسطينية قرار العودة بالزعم أنها حصلت على ضمانات مكتوبة من قبل الاحتلال الإسرائيلي بالالتزام بالاتفاقات الموقعة بين الطرفين، فيما لم يرد أي تأكيد إسرائيلي على التزامها.

وعبرت فصائل فلسطينية عن رفضها المطلق لإعلان عودة العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، وعدّته انقلاباً على مخرجات اجتماع الأمناء العامّين الذي عقد في بيروت.

وصف وليد العوض عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، الإعلان عن إعادة مسار العلاقة مع "اسرائيل" والسلطة الفلسطينية بأنه استخفاف مرفوض في المؤسسات الفلسطينية كافة.

وأوضح العوض أن هذا القرار يأتي في سياق استمرار ممارسات إسرائيل الاستيطانية العدوانية، مشيراً إلى أن هذا الإعلان يمثل استخفافاً باللجنة التنفيذية، واجتماع القيادة التي اتخذت قرارات التحلل من جميع الاتفاقات مع دولة الاحتلال.

اقرأ أيضاً: الزحف البطيء.. كيف بدأ المشروع الصهيوني الاستيطاني في العهد العثماني؟

وقالت الجبهة الديمقراطية، إنّ "قرار العودة إلى العلاقات مع إسرائيل صدر بشكل منفرد دون العودة إلى الإطار القيادي الذي اتخذ قرار 19/5، ودون العودة إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبما يخالف اتجاهات العمل ومخرجات اجتماع الأمناء العامون بين بيروت ورام الله في 3 سبتمبر/أيلول الماضي".

فلماذا أعادت السلطة الفلسطينية علاقتها مع إسرائيل؟ وهل ستلتزم إسرائيل بتعهداتها وإلغاء الضم ووقف التوسع الاستيطاني والهدم؟ وهل حققت السلطة اختراقاً لإسرائيل؟ وهل كان لنجاح بايدن علاقة بعودة التنسيق؟ وكيف ستبدو العلاقة بين السلطة وحماس بعد عودة التنسيق؟ وما هي دلالات اختيار هذا التوقيت بالذات؟

هل ستلتزم إسرائيل بتعهداتها وإلغاء الضم ووقف التوسع الاستيطاني والهدم؟

وفي سياق الرد على تلك التساؤلات، يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم المدهون في حديثه لـ"حفريات" : "لا يوجد أي مبرر لإقدام السلطة الفلسطينية على عودة العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي سوى أنها خذلت الشعب الفلسطيني، والفصائل، وتجاوزت مخرجات اجتماع مجلس الأمناء العامين، وذهبت نحو مسار منفرد وشكلت حالة صدمة للكل الفلسطيني". 

ويوضح أنّ السلطة "تتذرّع بأنها فعلت ذلك بعد تغيير الإدارة الأمريكية، ولكن حتى الآن لا يوجد أي تراجع عما قام به ترامب، فهي فقط لوحت أنها سوف تعيد الدعم للسلطة الفلسطينية، وبهذه الخطوة السلطة تقزم نفسها، وتذهب إلى الاحتلال الإسرائيلي راضخة، وتقفز عن كل ما أنجزته من وحدة موقف، وتعزيز صمود في هذه المرحلة."

وفي نظر المدهون، فإنّ أهم إنجاز للسلطة الفلسطينية هو "وحدة الموقف الذي أربك صفقة القرن، وعرقل خطة الضم. وبكسر هذا الموقف أصبح الوضع خطير، وكافة الإنجازات التي تراكمت في صورة المشهد الفلسطيني القوي الذي يواجه العالم كله ذهبت في أدراج الرياح".

اقرأ أيضاً: كيف نقرأ قرار السلطة الفلسطينية إعادة العلاقات مع إسرائيل؟

عرقلة المصالحة

استئناف العلاقة بين السلطة الفلسطينية وبين الاحتلال الإسرائيلي بنظر المدهون لا يقدم للفلسطينيين سوى مزيد من عرقلة المصالحة الفلسطينية، وعدم اتمامها بالوقت الراهن؛ لأنّ السلطة تفضل عودة التنسيق الأمني بدلاً من التقرب للشعب الفلسطيني، وفصائل المقاومة التي أجمعت على رفض هذه الخطوة، واعتبرتها طعنة في ظهر القضية الفلسطينية".

ويرى المدهون بأنه لو أنّ السلطة تلحّفت بشعبها وبفصائل المقاومة لاستطاعت مواجهة الاحتلال، وفرض معادلات سياسية بدلاً من أن يكون إنجازها تحت السقف الأمني فقط.

ويبين المحلل السياسي أن السلطة ضربت بعرض الحائط كافة مخرجات اجتماع الأمناء العامين، ووحدة الموقف مع باقي الفصائل بعرض الحائط؛ لأنها لم تستطع الصبر والصمود والثبات وخشيت من الانهيار.

الباحث أحمد عوض لـ"حفريات": التوقيت الذي اختارته السلطة الفلسطينية لإعادة علاقتها مع إسرائيل خاطئ والدلالات سلبية. السلطة تفردت بالقرار لوحدها، لتنقذ نفسها من الأزمات

وهل ستتراجع الحكومة الإسرائيلية عن سياستها ضد الفلسطينيين؟

يستبعد المدهون أن تتراجع الحكومة الإسرائيلية عن سياستها التغولية بالضفة الغربية، بل يتوقع أن تزداد وتيرة الاستيلاء على الأراضي والتهويد وبناء المستوطنات، مبيناً أنّ الإعلان عن عودة العلاقات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي جاء بالتزامن مع الإعلان عن بناء 250 وحدة استيطانية شرقي القدس.

وينوه إلى أن التعهدات التي أعطاها الاحتلال لقيادة السلطة هي تعهدات مالية، وليس تعهدات سياسية، لافتاً إلى أنّ السلطة فضلت أن تكون كياناً وظيفياً هامشياً كجزء من تنسيقية الاحتلال الأمنية.

ويشدد على أنّ شجب واستنكار الفصائل الفلسطينية لعودة التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي "غير كافٍ، ويجب أن تكون هناك خطوات عملية على أرض الواقع، وتظافر الجهود والعمل على تفوير الحالة الفلسطينية، ومحاولة اشتباك وخلق ميادين جماهيرية فلسطينية لمواجهة المخططات الإسرائيلية".

ضغوطات كبرى

وفي سياق متصل، يؤكد الخبير بالشؤون الإسرائيلية أحمد عوض أنّ السلطة الفلسطينية تعرضت بالآونة الأخيرة إلى ضغوطات كبيرة منها اقتصادية واجتماعية نتيجة عدم تسلمها أموال المقاصة "الضرائب"، إضافة إلى التسيب بالضفة الغربية، والذي كان يهدد بانهيارها، وبالتالي تلك الأسباب دفعتها لاستئناف العلاقات مع إسرائيل، وتجاوز الفصائل الفلسطينية التي ترفض هذا الأمر.

ويشير في حديثه لـ"حفريات" إلى أنه بعد انفكاك السلطة الفلسطينية عن الاحتلال الإسرائيلي حدث تقارب كبير بين قيادة السلطة وحركة حماس، وتم الاتفاق على خطة موحدة لمواجهة السياسات الإسرائيلية، ولكن إعادة العلاقات إلى سابق عهدها أغضب حماس، وأحدث شرخاً كبيراً بينها وبين  السلطة، الأمر الذي سوف يعرقل قطار المصالحة، ويجعل إجراء الانتخابات أمراً مستحيلاً في الوقت الراهن.

وبسؤاله عن النتائج المترتبة عن استئناف السلطة الفلسطينية العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، أبلغ عوض "حفريات" بأنّ الرئيس محمود عباس قدم تنازلات قبل العودة إلى طاولة المفاوضات، وقبل تحديد مسار سياسي، وقبل تولي بايدن مقاليد الحكم، وبالتالي تلك السياسة ستؤدي إلى خلق أزمة سياسة فلسطينية، والسير نحو تصفية القضية الفلسطينية بشكل تدريجي".

التوقيت الذي اختارته السلطة الفلسطينية لإعادة علاقتها مع إسرائيل، في نظر عوض، "خاطئ والدلالات سلبية، وهي قدمت تنازلات مجانية للحكومة الإسرائيلية، بالتزامن مع عقد اجتماعات لإتمام المصالحة الفلسطينية بالعاصمة المصرية القاهرة، وبتلك الخطوة حولت الأنظار من القاهرة إلى التنسيق الأمني، وأثبتت أن الانتصار الحقيقي بالنسبة لها هو انتصار المال لا انتصار الوحدة الفلسطينية".

اقرأ أيضاً: هل يقود وقف التمويل الخارجي إلى انهيار السلطة الفلسطينية؟

هل حققت السلطة انتصاراً؟

 يعرب عوض عن اعتقاده بأنّ السلطة لم تحقق انتصاراً على إسرائيل بهذه الخطوة، كما يدعي المسؤولون الفلسطينيون، وما حدث مختلف تماماً، فالسلطة وافقت على تسلم الأموال مقابل عودة التنسيق الأمني، ولم تكون هناك أية أشياء أخرى بالنسبة للجانب الفلسطيني.

ويخبر عوض "حفريات" بأنّ السلطة الفلسطينية أدركت أنّ نجاح جو بايدن بالانتخابات الأمريكية أزاح خطة خريطة الطريق التي وضعها ترامب.

ويبين أنّ السلطة الفلسطينية لم تستشر الفصائل الفلسطينية، وخاصة حركة حماس، لأنها على دراية بموقفهم من تلك الخطوة، وأنهم سيرفضون ويضعون عقبات كثيرة، لذلك تفردت بالقرار لوحدها، لتنقذ نفسها من الأزمات التي تمر بها.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية