مختار بلمختار يعيد تشكيل "المرابطين".. ماذا تعرف عنه؟

الإرهاب

مختار بلمختار يعيد تشكيل "المرابطين".. ماذا تعرف عنه؟


17/02/2019

مثّل الجزائري، مختار بلمختار، أكثر من مجرّد مهرّب ومجرم محترف، فبحسب تقارير إعلامية متواترة؛ فإنّ شهرته في عالم التهريب التي منحته اسم "السيد مارلبورو"؛ لنشاطه المكثف في تهريب هذا النوع من السجائر، قادته إلى أن يصبح "الأعور"، بعد أن فقد إحدى عينيه في أفغانستان، وصولاً إلى تزعّمه أخطر التنظيمات الإرهابية التابعة لـ"القاعدة" في شمال إفريقيا.

قاده حماسه وهو في التاسعة عشرة إلى أفغانستان حيث تدرب وقاتل مع تنظيم القاعدة

ولد مسعود عبد القادر، المعروف بـ "مختار بلمختار خالد أبو العباس"، العام 1972، في مدينة غرداية شمال الصحراء الجزائرية، وفي صغره كان متحمساً للقتال، وقد قاده ذلك وهو في التاسعة عشرة من عمره إلى أفغانستان، وهناك تدرب وقاتل مع تنظيم "القاعدة".
عاد بلمختار إلى الجزائر في وقت رفض فيه الجيش الاعتراف بنتائج المرحلة الأولى من انتخابات العام 1991، التي كانت ستضع جبهة الإنقاذ على رأس السلطة الجزائرية، وكان ممن أسسوا الجماعة الإسلامية المسلحة (جيا)، وبرز اسمه كقيادي بارز فيها.

مختار بلمختار
حين تولى جمال زيتوني قيادة الجماعة، وقام بعمل مذابح بشعة للجزائريين، رفض مختار تلك الإستراتيجية، وسعى إلى الانقلاب على زيتوني وعنتر الزوابري، ما حدا بالأخير إلى التخطيط للتخلص منه، ففرّ إلى شمال مالي، وسعى إلى تقوية مكانته بالاعتماد على العلاقات الاجتماعية، وتزوج فتاة من الطوارق، ضمنت له مساندة قبيلتها.
أسّس "الأعور" كتيبته "الملثمون" بالصحراء الكبرى، التي وطّد نفوذه فيها، وأصبح أكبر مهرب لسجائر "المارلبورو"، وكان يفرض إتاواته على المهربين والتجار العابرين لحدود دول الشمال الإفريقي، كما بات أكبر رئيس عصابة لخطف الرهائن الأجانب، والحصول على فديات قُدّرت بمئات الملايين من الدولارات.

أسّس كتيبته "الملثمون" بالصحراء الكبرى وكان يفرض إتاواته على المهربين والتجار العابرين للحدود

بعد سقوط نظام القذافي، باتت الفرصة سانحة لبلمختار، لينتقل إلى جنوب ليبيا، في الوقت الذي أصبحت فيه جماعة "أنصار الدين"، و"جماعة والتوحيد والجهاد" قوة كبيرة طمعت في احتلال مالي كلّها؛ حيث أعلنا إنشاء إمارة "أزواد" الإسلامية.
حين أصبح لبلمختار صولات وجولات في الصحراء الغربية، أسس ما يسمى كتيبة "الموقعون بالدماء"، في مطلع كانون الأول (ديسمبر) 2012، وظهر ساعتها ليخاطب المسلمين من المحيط إلى النيل، مشيراً بذلك إلى أنّ ولاية تنظيمه الإرهابي تمتدّ من المغرب حتى مصر، وليعلن أنّه اقتحم مؤسسة عين أميناس، في تيقنتورين بالجزائر، في كانون الثاني (يناير) 2013، مقابل الإفراج عن الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية عمر عبد الرحمن المعتقل في أمريكا، وإيقاف التدخل الفرنسي في مالي.
في 22 آب (أغسطس) 2013، أعلن بلمختار في شمال مالي جماعة أطلق عليها "المرابطون"، التي كانت نتاجاً للاندماج بين جماعتين، الأولى هي "الملثمون" التي يتزعمها هو، والثانية هي جماعة "التوحيد والجهاد" في غرب إفريقيا، ويتزعمها أحمد التلمسي، وساعتها قرّر بلمختار ألا يتولى هو والتلمسي القيادة، واتفقا فيما بينهما على تولّي المصري، أبو بكر المهاجر، قيادة التنظيم الجديد.

اقرأ أيضاً: كيف نقرأ خطاب الظواهري الأخير؟.. هذا هو "سبيل الخلاص" عند زعيم القاعدة!
قتل "المهاجر" قرب حدود النيجر في اشتباكات مع القوات الفرنسية، في نيسان (أبريل) 2014، ومن بعده "التلمسي" في غارات جوية للطائرات الفرنسية على شمال مالي وجبال تغرغارت، يوم 11 كانون الأول (ديسمبر) 2014، وبقيت الإمارة شاغرة، حتى تولاها أبو الوليد الصحراوي، الذى لم يكن يحكم قبضته سوى على أحد أجنحة التنظيم؛ هو جناح "التوحيد والجهاد"، وعندها ذهب ليعلن مبايعة جماعة "المرابطون" لتنظيم داعش، في تسجيل صوتي نشرته مؤسسة "الأندلس"، يوم 14 أيار (مايو) 2015، خرج بلمختار من مخبئه، ليعلن أن مبايعة الصحراوي لـ"داعش" لم تكن بموافقة مجلس الشورى، إنما كانت بقرار منفرد، وليجدّد ولاءه للقاعدة، وأميرها أيمن الظواهري.
ظهور هشام عشماوي
التقى ضابط الصاعقة المصري، هشام عشماوي مختار بلمختار في جنوب ليبيا، وفي يوم 21 تموز (يوليو) 2015؛ أعلن عشماوي تشكيله كتيبة (المرابطين)، لتكون جزءاً من التنظيم الإقليمي الذي يحمل الاسم نفسه، ويقوده الأعور.

اقرأ أيضاً: "داعش" و"القاعدة" في الصومال.. من ينتصر؟
بداية تشكيل "المرابطين" كانت من مدينة درنة، شرق ليبيا، وهي التي عُقِد فيها اجتماعٌ مهمّ لبحث الردّ على إعلان أبي بكر البغدادي الخلافة، وتنصيبه نفسه خليفة للمسلمين.

هشام عشماوي
أعلن رسمياً عن ظهور الفرع المصري من المرابطين، من خلال شريط مصور بعنوان "ويومئذ يفرح المؤمنون"، نشرته الجماعة على شبكة الإنترنت، في 21 تموز (يوليو) 2015، وتضمن كلمة مقتضبة مسجلة تقديمية لأيمن الظواهري، زعيم تنظيم "قاعدة الجهاد"، يدعو فيها الأمة إلى "الجهاد بالبيان كما تُجاهد بالسنان"، ثم كلمة للعشماوي يبارك فيها الأمة الإسلامية بحلول عيد الفطر، ويهاجم فيها النظام المصري الجديد وإعلامه، وناشد المسلمين القيام بالجهاد، ودعا السيسي والجيش المصري إلى التوبة، واختتم الشريط بلقطة للمسجد الأقصى وبيت المقدس يرفرف أمامها علم الاحتلال الإسرائيلي، وعبارة "قادمون يا أقصى".

اقرأ أيضاً: مخططات جديدة لتنظيم القاعدة تؤرق بريطانيا
مع حلول العام 2016 شنّت جماعة بملختار هجوماً انتحارياً مزدوجاً، كان أحدهما على ثكنة عسكرية بأغادير فقتل وأصيب العشرات، والآخر استهدف مؤسسة لاستخراج اليورانيوم في النيجر.. وبعدها اختفى الرجل!
إعادة تشكيل المرابطين
يوم الخميس 2 آذار (مارس) 2017؛ أعلنت عدة حركات وكتائب جهادية ناشطة في دولة مالي ومنطقة إمارة الصحراء، وهي كتائب "إمارة منطقة الصحراء، والمرابطون، وأنصار الدين، وكتائب ماسينا"، الاندماج في جماعة جديدة، أطلقوا عليها "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، واختارت الجماعات المندمجة أمير جماعة أنصار الدين إياد آغ غالي أميراً لها، مجددة المبايعة لزعيم القاعدة أيمن الظواهري.

بعد سقوط نظام القذافي باتت الفرصة سانحة لبلمختار لينتقل إلى جنوب ليبيا

ظهر على منصة إعلان الاندماج قاضي إمارة منطقة الصحراء أبو عبد الرحمن الصنهاجي، ونائب بلمختار أمير كتيبة المرابطون الحسن الأنصاري، وأمير جماعة أنصار الدين، الذي اختير لإمارة الجماعة الجديدة، إياد آغ غالي، وأمير إمارة منطقة الصحراء، يحيى أبو الهمام، وأمير كتائب ماسينا محمد كوفا.
بعدها بشهور طويلة، عقد بلمختار، بحسب ما ذكرته وكالة "فرانس برس"، نقلاً عن صحيفة ألمانية، اجتماعاً في جنوب ليبيا، ناقش إستراتيجية جديدة إقليمية قائمة على التنسيق والوحدة بين الجماعات، ورفض مبايعة البغدادي، والاستمرار في التحالف مع تنظيم القاعدة، بقيادة أيمن الظواهري، وتدفّق المقاتلين الإسلاميين على مصر وتونس.

اقرأ أيضاً: داعش والقاعدة... من الافتراق إلى الاندماج
كما بحث الاجتماع إعلان قيادات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي، وجماعة "المرابطين"، وحركة التوحيد والجهاد، وبقايا مرابطي هشام عشماوي، وحدتهم وتشكيلهم جماعةً واحدة، لتكون نواة لجماعة كبرى ستسيطر على إمارة الصحراء الشاسعة، في شمال مالي حتى الحدود الموريتانية، مع أجزاء من النيجر، وليبيا، وجنوب الجزائر، وبعدها تتوجّه إلى مصر.
يعود تنظيم القاعدة بإستراتيجية قتالية جديدة

إعادة البناء
يرى بعض الخبراء، ومنهم السياسي والأكاديمي الليبي؛ الدكتور أحمد العبود، في تصريحات نقلتها صحيفة "العرب" اللندنية؛ أنّ القبض على هشام عشماوي في تشرين الأول (أكتوبر) 2018 سيكشف العلاقة بين تنظيمات القاعدة العاملة بأسماء حركية في ليبيا، تحت مسميات: (مجالس الثوار، ومجالس المجاهدين، وقوة حماية، وسرايا الدفاع بنغازي)، فضلاً عن القبض على مرعي زغبية، المطلوب دولياً، والذي يعدّ أحد مؤسسي ما يسمى "كتيبة راف الله السحاتي"، في بنغازي، وهو أيضاً صندوق أسود للتنظيمات الإرهابية في ليبيا.

يذهب باحثون أنّ جماعة المرابطين لن تنتهي وأن بلمختار سيعيد تشكيلها وأن الذي تأثر فرع مصر فقط

وهو ما يذهب إليه الباحث في الإسلام السياسي، علي بكر، بأنّ جماعة المرابطين لن تنتهي، وأن مختار بلمختار سيعيد تشكيل التنظيم، وأن الذي تأثر فقط هو فرع مصر، مضيفاً في تصريحه لـ"حفريات"؛ أنّ جماعة "المرابطين" تمتلك خبرات متراكمة، وعناصر لديها خبرة قتالية لا تبدو هينة، نتيجة مشاركتها قبل ذلك في بعض العمليات الإرهابية، فضلاً عن انضمامها لأكثر من تنظيم إرهابي، مثل تنظيم "الموقعون بالدماء"؛ الذي كان يقوده الأعور في السابق، عقب انفصاله عن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"؛ بسبب بعض الخلافات مع عبد المالك درودكال، قبل أن ينضم بلمختار من جديد إلى التنظيم، ويرفض إعلان البيعة لتنظيم داعش.

اقرأ أيضاً: دلائل ارتباط حزب الإصلاح بتنظيم القاعدة في اليمن
وهو ما يتفق مع توقع الباحث المغربي، إدريس الكنبوري، في مقال نشرته صحيفة "العرب" تحت عنوان "تنظيم القاعدة في إفريقيا.. توحيد الخلايا لضخ دماء جديدة" بأن يعود تنظيم القاعدة بإستراتيجية قتالية جديدة، "فالمعروف أنّ تنظيم القاعدة سعى إلى الاندماج وسط القبائل والإثنيات في المناطق التي يسيطر عليها، حتى إنه يُكيّف نفسه مع البيئة السائدة والأعراف المحلية".
الكثافة العددية تدفع مراقبين إلى الاعتقاد بأنّ مختار بلمختار قادر على إعادة تشكيل التنظيم، وأنّه سيستفيد كثيراً من علاقاته القديمة بمقاتلي تنظيم "التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا"؛ الذي كان يعدّ الأكبر من الناحية العددية مقارنةً بالمجموعات والتنظيمات الإرهابية المنتشرة في تلك المنطقة، وأنّ خبراته في التنقل عبر الدروب الصحراوية، والقدرة على تنفيذ مهام في ظروف مناخية صعبة، والتمويل المتعدد في هذه المنطقة، هو ما يدعم الرؤية، التي تقول بالاستمرارية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية