نهاية "النهضة"

نهاية "النهضة"


07/09/2021

تأخر الوقت، و«ندم البغاة ولات ساعة مندم»، كما يقول الشاعر. أن تقّر حركة «النهضة»، ذراع «الإخوان المسلمين» في تونس، بالمسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في تونس، بالاشتراك مع «الأحزاب التي تقاسمت معها السلطة» طوال الأعوام ال 11 الماضية، وأن تبدي «تفهمها لغضب الشارع»، و«استعدادها للتقييم الجدي والموضوعي، وإجراء مراجعات عميقة خلال مؤتمرها المقبل»، الذي لا يزال زعيم الحركة راشد الغنوشي يتهرب من تحديد موعده.. كل ذلك لم يعد يعني الشعب التونسي شيئاً. فقد سقطت الحركة شعبياً، وهي تسقط تنظيمياً من جراء الصراعات والانشقاقات الداخلية، ولم يعد يجدي توسل التصحيح والمراجعة وإعادة تقييم تجربتها في الحكم التي كانت وبالاً على الشعب التونسي، وجرّت عليه المآسي الاقتصادية والاجتماعية التي بات ينوء تحتها، وأدت إلى ما أدت إليه من ضيق العيش والبطالة والفقر والفساد الذي ضرب أطنابه بلا رحمة في كل مؤسسات الدولة وإداراتها.

لقد سقطت حركة «النهضة»، وهي باتت تستشعر هذا السقوط، وتحاول تجنب الهاوية التي تنتظرها، من خلال إعلان التوبة عن ماضيها الأسود، وما أدت إليه ممارساتها، من تغوّل على السلطات، والسعي للسيطرة على مفاصل الدولة، وتشكيل مظلة للمتطرفين والإرهابيين الذين نفذوا العديد من عمليات الإرهاب والاغتيال التي كان ضحيتها المناضلان محمد البراهمي وشكري بلعيد، ولعب دور محوري في تجنيد المرتزقة الذين زجت بهم في سوريا والعراق تحت مظلة «داعش» و«جبهة النصرة».

وإذا كان الرئيس قيس سعّيد قد استشعر الخطر الذي باتت تشكله «النهضة» على تونس، واتخذ خطوات تصحيحية جريئة لقصقصة أجنحة هذه الحركة يوم 25 يوليو (تموز) الماضي، بحل البرلمان وإقالة الحكومة، فلأنه أدرك في لحظة فارقة بأنه كرئيس مؤتمن على الدستور وعلى تونس، عليه أن يتخذ القرار الصحيح الذي تفرضه مسؤولياته، وينقذ تونس من شرور هذا الحركة.

فضلاً عن سقوط الحركة في الشارع، فإنها باتت داخلياً في وضع لا يحسد عليه، إذ تعاني صراعات جدية، تمثلت باستقالة العديد من القيادات البارزة، أو إقالة قيادات أخرى مثل عماد الحمامي الذي تقلد منصب وزير التشغيل في حكومة يوسف الشاهد، وإعفاء أعضاء المكتب السياسي وإعادة تشكيله بما يتوافق مع أهواء الغنوشي، إضافة إلى بيانات وعرائض تطالب بإقالة الأخير، وتحميله مسؤولية ما آل إليه وضع الحركة من فشل ووهن وضعف وانقسامات، حتى أن بعض البيانات حذرت من مصير مشابه لمصير «الإخوان» في مصر.

حركة «النهضة» كتبت نهايتها بيدها، كما هو حال كل جماعات الإسلام السياسي التي تسعى إلى السلطة من باب تملق الجماهير بشعارات إسلامية كاذبة، ثم تسقط في شر أعمالها.

عن "الخليج" الإماراتية

 

  



    انشر مقالك

    لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
    الصفحة الرئيسية