هل تخلى الأسد عن إيران وحزب الله مقابل الجولان؟ هذا ما كشفه دبلوماسي أمريكي

هل تخلى الأسد عن إيران وحزب الله مقابل الجولان؟ هذا ما كشفه دبلوماسي أمريكي


16/04/2022

كشف الدبلوماسي الأمريكي فريدريك هوف، الذي عمل بشكل مكثف مع وزارة الخارجية الأمريكية حول سوريا نهاية القرن الماضي ومطلع القرن الحالي، أنّ الرئيس السوري بشار الأسد كان على وشك التخلي عن علاقته بالنظام الإيراني وحزب الله وحركة حماس، مقابل صفقة سلام مع إسرائيل.

وفي تقرير نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" الأربعاء الماضي، عرضت فيه ملخصاً لكتاب الدبلوماسي الأمريكي، "بلوغ المرتفعات: قصة محاولة سرية لعقد سلام سوري – إسرائيلي"، وذكر فيه ملخصاً لاتفاق سلام سوري-إسرائيلي كاد أن يتم لولا توقف التواصل بسبب اندلاع الاحتجاجات في سوريا وتطور الأمور بعد ذلك.

تضمن الكتاب تفاصيل المفاوضات غير المباشرة التي ذكرها فريدريك هوف، وبما أنه عسكري سابق في القوات الأمريكية كان له الإسهام الأكبر في تحديد خط الرابع من حزيران 1967 الذي كان سيمثل الحدود بين سوريا وإسرائيل في معاهدة السلام.

 الدبلوماسي الأمريكي فريدريك هوف

وبين نيسان (أبريل) 2009 ومنتصف آذار (مارس) 2011، كان الدبلوماسي والمبعوث الأمريكي فريد هوف "يحلم بفكرة تحقيق سلام بين سوريا وإسرائيل، وهو حلم خطر في ذهنه للمرة الأولى عندما كان يزور دمشق وهو في الـ 16 من عمره، باعتباره طالباً أمريكياً زائراً.

وساطة هوف خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، قامت على مقايضة "إعادة الأرض مقابل التموضع الاستراتيجي". بأن تعيد تل أبيب الجولان مقابل تخلي دمشق عن تحالفها وعلاقاتها العسكرية مع إيران و"حزب الله" و"حماس".

 قامت وساطة هوف خلال إدارة أوباما، على مقايضة "إعادة الأرض مقابل التموضع الاستراتيجي"، بأن تعيد تل أبيب الجولان مقابل تخلي دمشق عن تحالفها مع إيران و"حزب الله" و"حماس"

يشار إلى أنه بعد انطلاق عملية السلام في مؤتمر مدريد 1991، جرت جولات عديدة من المفاوضات السورية - الإسرائيلية العلنية والسرية، السياسية والأمنية والعسكرية، في أمريكا وأوروبا، وفق ما أوردته صحيفة "الإندبندنت".

ويقول هوف، أنه قام عام 2009، بزيارة دمشق مرتين وتل أبيب أيضاً، لاختبار احتمال استئناف مفاوضات المسار السوري، وفي 2010، تواصلت رحلات هوف الدورية إلى سوريا وإسرائيل.

اجتماعات سرية

وفي أيار (مايو) من العام 2010، اجتمع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، جون كيري، بالأسد في دمشق، حيث ظهر من خلال وثيقة خطية "انفتاح الأسد على اتفاق سلام يلبي جميع المتطلبات الإسرائيلية في مقابل الانسحاب الإسرائيلي الكامل إلى خط 4 حزيران /يونيو 1967"، في موازاة ذلك، نجح المبعوث الأمريكي السابق دينيس روس في ترتيب عقد لقاءات له وهوف مع نتنياهو، حيث عرض الأمريكيان مسودة وثيقة، قبل تقديمها إلى الأسد.

وسافر ميتشل وهوف إلى دمشق في أيلول (سبتمبر) في محاولة للحصول على موافقة الأسد، وهو ما حصل، إذ "وافق الأسد فوراً على منهجية الوساطة الجديدة"، حسب قول هوف. 

غلاف كتاب (بلوغ المرتفعات: قصة محاولة سرية لعقد سلام سوري – إسرائيلي)

أما موقف إسرائيل، فقد ركز على: وجوب تناول جميع عناصر ورقة المناقشة في آن واحد، بما في ذلك تراجع سوريا وضبط العلاقات الإقليمية التي تشكل تهديداً لأمن إسرائيل. سوريا توافق على أن بحر الجليل (بحيرة طبريا) بأكمله يمكن أن يكون تحت السيادة الإسرائيلية.

وتنقل هوف بين دمشق وتل أبيب، مع مشاركة دينيس روس في المباحثات مع الفريق الإسرائيلي. وإذ أبلغ نتنياهو ضيفيه الأمريكيين بـ"شكوكه المتزايدة في التزام الأسد الشخصي بوساطة السلام وبالسلام نفسه"، وحسب وثائق الاجتماعات، فإنه "رحب بالفكرة الأمريكية الخاصة بربط رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا بتنفيذ دمشق لالتزامات معاهدة السلام".

موافقة الأسد

وبحسب محضر أمريكي للاجتماع الذي عقد في التاسعة صباحاً من يوم 22 أيار (مايو)، وصل كيري حاملاً مسودة رسالة مُعدة لتوقيع الأسد، تُنقل إلى الرئيس أوباما من خلال السيناتور كيري.

 وتتضمن مسودة الرسالة "تأكيد الأسد على أنّ معاهدة السلام بين سوريا وإسرائيل، بما في ذلك الحدود التي تعكس استعادة سوريا الكاملة للأراضي التي فقدتها في حزيران (يونيو) 1967، من شأنها أن تنهي كل دعم سوري للأعمال، والسياسات، والتعاون الذي يهدد أمن إسرائيل من جانب الدول وغير الدول على حد سواء".

وجاء رد فعل الأسد إيجابياً على الفور "يجب أن نوافق على هذه الرسالة". إلا أنّ وزير الخارجية المعلم اعترض، قائلاً إنه يجب أن يسبق ذلك رسالة من إسرائيل إلى الولايات المتحدة، تؤكد فيها أنّ الاتفاق الشامل يستلزم انسحاب إسرائيل الكامل إلى خط 4 حزيران (يونيو) 1967.

لقاء مباشر بين الأسد ونتنياهو

هذا التفاؤل، شجع هوف في اجتماع مع نتنياهو وفريقه على "السعي لعقد اجتماع مباشر مع الأسد لتقييم التزام الرئيس الشخصي بإعادة توجيه الاستراتيجية السورية التي من شأنها تعزيز الأمن الإسرائيلي".

هوف: سألت الأسد عما إذا كان وجد أمراً مستهجناً في مسودة الاتفاق، وكان رده مباشراً وقاطعاً بالنفي

وقد تم صوغ ما اسماه هوف وثيقة "المراجع المحددة" كان قد طلبها الأسد، وفي 28 شباط (فبراير)، وافق الأسد، في اجتماع مع هوف في دمشق، على "المراجع المحددة بشأن الأمن (التي تقضي بإنهاء الأنشطة والعلاقات السورية التي تشكل تهديداً للأمن الإسرائيلي)"، حسب المبعوث الأمريكي.

وأكد الرئيس السوري وقتها أنّ "لبنان وإيران و(حزب الله) سوف يلتزمون بمعاهدة السلام بين سوريا وإسرائيل". كما أعرب عن ارتياحه لمفهوم رفع العقوبات الأمريكية مع تنفيذ سوريا لالتزاماتها التعاهدية. خلال كل ذلك، بقي الانسحاب الإسرائيلي الكامل حتى خط 4 حزيران (يونيو) 1967 مطلباً أساسياً للأسد.

تحفظات الأسد 

وفي 27 شباط (فبراير) 2011، وصل هوف إلى دمشق للقاء الأسد، حيث تحدث المبعوث الأمريكي عن اهتمامه بتحقيق "سلام سوري - إسرائيلي وبناء علاقة رسمية ودية بين دمشق وواشنطن، يتجلى من خلالها دفء علاقات الصداقة التي تربط بين الشعبين". وقد ردّ الأسد بشكل إيجابي.

وحسب نص الكتاب "مع ذلك، سيكون ردك على الحواشي، سيدي الرئيس، أساسياً لتحديد بلادي للقرار الخاص بمواصلة هذه العملية. نحن في حاجة إلى معرفة ما إذا كانت سوريا والولايات المتحدة الأمريكية متفقتين على ما تحتاج سوريا إلى القيام به لتنفيذ التزاماتها المتعلقة بمعاهدة السلام، ما يلزم الولايات المتحدة الأميركية برفع العقوبات أم لا".

سافر ميتشل وهوف إلى دمشق في أيلول في محاولة للحصول على موافقة الأسد، وهو ما حصل، إذ وافق الأسد فوراً على منهجية الوساطة الجديدة، حسب قول هوف

طلب الأسد توضيح ومعرفة ما إذا كانت تلك الحواشي مهمة للطرف الآخر، فأكدت على أنّ تلك النقاط لها القدر نفسه من الأهمية بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأنّ موافقته عليها سوف تمكّن أمريكا من المُضي قدماً الآن باتجاه القضايا المتبقية المتعلقة بالأرض، وبدء عملية التخطيط المتعلقة برفع العقوبات. وسوف يتيح تنفيذ سوريا تلك الأمور، بمجرد إقرار معاهدة السلام، للولايات المتحدة الأمريكية رفع العقوبات، وقد أشار الأسد إلى تفهمه وموافقته".

سلم هوف الورقة إلى الأسد، وقرأها ببطء وحرص على ما يبدو، وأشار إلى أنّ النقاط الـ 4 الأولى تتضمن مرجعيات خاصة بلبنان، لكن النقطة الرابعة فقط ذاتها هي التي تذكر اسم البلد صراحة. وتساءل عما إذا كان من الملائم ذكر لبنان في نص معاهدة سلام سورية - إسرائيلية. 

وأعرب الأسد، حسب الكتاب، عن موافقة حماسية على النقطة الخامسة بما تتضمنه من دعوة إلى سلام عربي - إسرائيلي شامل، ثم تحدث لدقيقتين عن "المصالح".

أكّد الأسد أنّ سوريا لم تكن دولة عميلة لإيران حيث كان اتفاق سلام مع إسرائيل شأناً سورياً لا إيرانياً

بدأ بالتركيز على الشرط الخاص بطرد حركة "حماس" وجماعات أخرى، وسأل "عما سيكون مطلوباً من سوريا في حال ظهور أحدهم على شاشة التلفزيون السوري وطلبه التزام إسرائيل بالعدالة مع الشعب الفلسطيني؟ هل يعني ذلك أنه من الضروري طرده من البلاد؟ وكان ردي بالنفي، لكنني أضفت أنه سيكون على أي شخص يؤيد أو يخطط أو ينفذ أعمال عنف أو تهديد بتنفيذ أعمال عنف ضد إسرائيل من الأراضي السورية الرحيل بمجرد دخول معاهدة السلام حيز التنفيذ".

تحول انتباه الأسد بعد ذلك نحو اللغة الخاصة بـ"حزب الله"، حيث أشار إلى أن "الجميع سيفاجأون بالسرعة التي سوف يلتزم بها حسن نصر الله، أمين عام (حزب الله)، بالقواعد بمجرد إعلان كل من سوريا وإسرائيل التوصل إلى اتفاق سلام"، حسب هوف.

وزاد "أجبته بقولي إنني سأكون من بين الأشخاص الأكثر تفاجؤاً، وسألت الرئيس كيف ستكون لديه تلك القناعة بالنظر إلى ولاء نصر الله لإيران و(للثورة الإسلامية) الإيرانية. بدأ الأسد بإيضاح أنّ نصر الله عربي لا فارسي، وأشار إلى ضرورة أن تكون سوريا ولبنان ضمن مسار عملية السلام العربي – الإسرائيلي؛ إذ يعتمد المسار اللبناني على سوريا، وقد أخبر ميشال سليمان، الرئيس اللبناني، بضرورة تجهيز فريق مفاوض مع اعتزام سوريا المضي قدماً في حال تعاون إسرائيل. لقد أكّد لي أنه في حال توصل سوريا إلى سلام مع إسرائيل، لن يتمكن نصر الله من الحفاظ على منصبه الحالي كزعيم "للمقاومة".

سأل هوف الأسد "عما إذا كانت رؤيته بشأن خروج نصر الله من عالم المقاومة سوف تتطلب من سوريا إعادة مزارع شبعا إلى لبنان بمجرد جلاء إسرائيل عن قطاع هضبة الجولان؟".

وأضاف "مع ذلك، في ظل عدم حديث الأسد الآن عن الحق في مزارع شبعا، أكّد لي أنّ الخرائط توضح أنّ مزارع شبعا هي أراض سورية، وربما يكون إجراء تعديلات مستقبلية مع لبنان أمراً ممكناً".

وأكّد الأسد بشكل عفوي أنّ "سوريا لم تكن دولة عميلة لإيران، حيث كان اتفاق سلام مع إسرائيل شأناً سورياً لا إيرانياً"، وأضاف "أنه لم يخطر إيران حين بدأت جهود الوساطة التركية في اتفاق السلام".

يضيف هوف "سألت الأسد عما إذا كان قد وجد أمراً مستهجناً في حواشي مسودة الاتفاق، وكان رده مباشراً وقاطعاً بالنفي، وطلب أن أخبر الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية كلينتون بأنه ليس لديه مشكلة في أي منها". 

مع اندلاع الاحتجاجات السورية عُلقت الوساطة "بسبب الفوضى الرسمية" في سوريا

وطلب الأسد أن يتم "إخبار إسرائيل بأنّ سوريا أيضاً لديها رأي عام، وعلى السوريين الاقتناع بأنه قد تمت استعادة أرضهم بالكامل، فلا يوجد أي مجال للتلاعب. وكان ردي هو التأكيد مرة أخرى للأسد على اعتقادي بإحراز تقدم جاد في المسائل المتعلقة بالأرض".

الثورة السورية 

ومع اندلاع الاحتجاجات السورية في منتصف آذار (مارس)، علقت الوساطة "بسبب الفوضى الرسمية" في سوريا. سعى هوف إلى زيارة دمشق، لكنه مُنع من الحصول على إذن من البيت الأبيض كي يناقش مع الأسد الآثار المترتبة على الوساطة إثر العنف الحكومي السوري.

وفي 13 آذار (مارس)، استقال ميتشل من منصبه كمبعوث خاص للسلام في الشرق الأوسط، وفي 19 من الشهر نفسه، قال أوباما، في خطاب لوزارة الخارجية، إنّ "الأسد يجب أن يقود انتقال سوريا إلى الديمقراطية أو يتنحى عن الحكم". وفي 18 آب (أغسطس)، أعلن أوباما أنّ "الوقت قد حان لتنحي الأسد". أما هوف، فانتقل من فريق السلام في الشرق الأوسط إلى تقديم المشورة إلى وزير الخارجية ومكتب الشرق الأدنى بشأن تفاقم الأزمة السورية.

تطورت الأمور في سوريا وانحدرت لسنوات مؤلمة وطويلة. وفي 25 آذار (مارس) 2019، أصدر الرئيس دونالد ترامب إعلاناً يعترف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان: الجزء الرئيسي من الأراضي موضوع النزاع.

مواضيع ذات صلة:

بعد أنباء عن إصلاح العلاقات.. هل يجلس أردوغان على طاولة الحوار مع الأسد؟ ‎

هل طرد الأسد قيادياً في الحرس الثوري الإيراني؟

هل يفرض الأسد قيوداً على حركة الإيرانيين داخل سوريا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية