هل هناك في الأفق أزمة صحية جديدة تواجه العالم؟

هل هناك في الأفق أزمة صحية جديدة تواجه العالم؟


17/03/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

شكّلت الآونة الأخيرة نقطة تحوّل رئيسة في تقدّم الجائحة في الإمارات العربيّة المتّحدة، مع التّرويج لعددٍ من الإعلانات المهمّة المتعلّقة بتغييرات في القيود الحدوديّة، والتّكليف بوضع أقنعة الوجه، وإرشادات السّفر.

قالت لجنة إدارة الطّوارئ والأزمات والكوارث في أبو ظبي إنّ المسافرين القادمين إلى العاصمة لن يضطّروا بعد الآن إلى إظهار تطبيق "الحصن" عند السّفر برّاً.

اقرأ أيضاً: كيف كشفت جائحة كورونا تفوّق الديمقراطية على الاستبداد؟

وقالت الهيئة الوطنيّة لإدارة الأزمات والطّوارئ، يوم الجمعة، إنّ المسافرين الذين طُعِّموا بالكامل من الخارج يحتاجون فقط إلى إظهار شهادة لقاح بها رمز "كيو آر" قابل للقراءة عند الوصول إلى الإمارات. ولا تزال إرشادات السّلطة للرّكاب بالخضوع لاختبار "بي سي آر" في غضون 24 ساعة من وصولهم قائمة.

أخيراً، أُسقِط أيضاً شرط ارتداء أقنعة الوجه في الخارج، على الرّغم من أنّه لا يزال من الضّروريّ ارتداؤها بالدّاخل في معظم الأماكن.

تحدث المدير العام لمنظمة الصحة العالمية عن العواقب طويلة المدى لوباء كورونا

استعرضت الهيئة الوطنيّة لإدارة الأزمات والطّوارئ تفاصيل هذه الإعلانات خلال إحدى إحاطاتها الدّوريّة عبر الإنترنت، وأصدرت تحديثات حول العديد من السّياسات الأخرى، مع اغتنام الفرصة لتذكير سكّان الإمارات بأنّ كلّ إمارة لديها مرونة في تطبيق هذه الإجراءات.

النّجاح الذي حققته الإمارات

وقالت الهيئة أيضاً إنّ النّجاح الذي حققته الإمارات في استجابتها للجائحة - حيث تحتلّ الدّولة المرتبة الأولى في مؤشّر استجابة بلومبرغ لكوفيد-19 هذا العام - ما كان ليكون ممكناً لولا الاستجابة المنسّقة بين السّلطات المعنيّة، فضلاً عن الالتزام المجتمعيّ.

وتمّ اتخاذ القرارات على خلفيّة تراجع الحالات في البلاد واستمرار تحسّن نتائج العدوى.

أشارت منظّمة الصّحّة العالميّة، إلى أنّها شُجّعت لرؤيتها بلدان العالم تخفّف القيود من دون فرض ضغوط على النّظم الصّحّيّة، لكن "من السّابق لأوانه إعلان النّصر على كوفيد-19"

أبلغت الإمارات عن ما يقرب من 500 حالة جديدة في ذلك اليوم، وبشكل عام، كانت الحالات النّشطة في انخفاض حادّ منذ أن بلغت ذروتها في الأسبوع الأول من شباط (فبراير). قد تكون موجة فيروس أوميكرون التي اجتاحت البلاد في نهاية عام 2021 قابلة للانتشار إلى حدّ كبير - وهي حقيقة انعكست في الارتفاع الملحوظ في عدد الإصابات في بداية عام 2022 - لكن هذه السّلالة أثبتت أنّها أضعف وأكثر قابليّة للإدارة من المتحوّرات السّابقة.

يبدو وكأنّ الوقت محوريّ وقد يمثّل الّلحظة التي ننتقل فيها أخيراً من حالة الجائحة إلى حالة الوباء أو نتحرّك نحو تسوية ما بعد جوائحيّة.

كما هو الحال في أجزاء أخرى من العالم، نواصل إجراء عمليّة تعلّم كيف نتعايش مع كوفيد-19، عملية مدعومة بالمبادئ الأساسيّة للوصول إلى اختبار "بي سي آر" رخيص ومتوفّر بسهولة، وعملية تطعيم فعّالة قالت الهيئة، إنّها وصلت إلى نسبة 259.1 في المائة من سكّان البلاد، مع مراعاة الجرعات المتعدّدة. أيضاً، أثبت نظام المرور الأخضر لتطبيق "الحصن" أنّه أداة فعّالة للغاية على مدار الجائحة.

عامان على الجائحة

مرّ عامان منذ إعلان منظّمة الصّحّة العالميّة الجائحة وفرض عمليّات إغلاق في أنحاء العالم كافّة. وقد احتاج الوصول إلى النّقطة الحالية إلى وقت طويل.

الحسابات التي أجريناها جميعاً في ذلك الوقت حول المدّة التي قد نعيشها في ظلّ التّدابير الوقائيّة تبدو الآن ساذجة. قلّة قليلة من النّاس اعتقدت قبل عامين أنّ هذه التدابير ستظلّ سارية لمثل هذا الوقت.

يجب أن يبدأ العمل المعقّد الخاصّ بالانتعاش المجتمعيّ بشكل جدّيّ في وقت يبدو فيه العالم أكثر غموضاً وهشاشة من أي وقت مضى

حتّى بداية التّوزيع الواسع للقاحات في بداية العام الماضي، والتي تمّ التّرحيب بها في البداية على أنّها الّلحظة التي سيلتفّ فيها المدّ الجوائحيّ حول العالم، لم تتطوّر بهذه الطّريقة. فلا يزال التّوزيع غير المتكافئ للّقاح على مستوى العالم يمثّل مشكلة كبيرة يجب حلّها بعد عام أو أكثر.

أشارت منظّمة الصّحّة العالميّة، إلى أنّها شُجّعت لرؤيتها بلدان العالم تخفّف القيود من دون فرض ضغوط لا داعي لها على النّظم الصّحّيّة، لكن "من السّابق لأوانه إعلان النّصر على كوفيد-19".

في الوقت نفسه، أصدرت المنظّمة بيانات جديدة حول معدّلات القلق والاكتئاب على مستوى العالم منذ ظهور الجائحة، حيث أبلغت عن زيادة حادّة - 25 في المائة - في تشخيص هذه الحالات وغيرها من حالات الصّحّة العقليّة.

اقرأ أيضاً: الصحة العالمية: أخبار سارة بشأن عدد الإصابات بفيروس كورونا.. ما الجديد؟

من ناحية، هذا ليس مفاجئاً على الإطلاق. فقد تمّ التّنبؤ لبعض الوقت بأنّ أزمة صحّة عقليّة ستتبع الجائحة. وبعد كلّ شيء، عانى معظمنا من شكل من أشكال فقدان السّيطرة على مصائرنا على مدى العامين الماضيين. خسر الكثير منّا بطريقة أو بأخرى، سواء كان ذلك الذي خسرناه وقتاً مع الأصدقاء أو العائلة أو الزّملاء، أو فرصاً في العمل أو المدرسة، أو خسارة اجتماعيّة، أو، بالمعنى الأكثر عمقاً، أحباء. يشعر معظمنا أنّ حياتنا ليست كما كانت قبل عامين، وأنّها ليس من المحتمل أن تكون كذلك.

معدّلات القلق والاكتئاب

من ناحية أخرى، قد تشير معدّلات القلق والاكتئاب المتزايدة أيضاً إلى وجود قبول مجتمعيّ أوسع لطلب المساعدة وتلقّي العلاج أكثر من أيّ وقت مضى.

بالتّأكيد، تُعدّ الصّحّة العقليّة جزءاً مركزيّاً في جميع عوالمنا أكثر من أيّ وقت مضى، ولكن كما علّق المدير العام لمنظّمة الصّحّة العالميّة، الدّكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، على نشر البيانات الجديدة: المعلومات التي لدينا الآن حول تأثير كوفيد-19 على الصّحة العقليّة في العالم هي مجرّد غيض من فيض. هذه دعوة للاستيقاظ لجميع البلدان لإيلاء المزيد من الاهتمام للصّحّة العقليّة والقيام بعمل أفضل لدعم الصّحّة العقليّة لسّكانها.

إذا كان تشخيصه صحيحاً، فنحن نعرف الآن حجم ما ستخلّفه الجائحة. يجب أن يبدأ العمل المعقّد الخاصّ بالانتعاش المجتمعيّ بشكل جدّيّ في وقت يبدو فيه العالم أكثر غموضاً وهشاشة من أي وقت مضى وفي منعطفٍ تكون فيه نظرتنا، بشكل مفهوم، مثبّتة بشدّة على ما يحدث في أوروبا.

المصدر:

نيك مارش، ذي ناشونال، آذار (مارس) 2022

https://www.thenationalnews.com/opinion/comment/2022/03/04/as-the-pandemic-recedes-globally-a-new-health-crisis-has-emerged/




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية