هل يكون نصر الدين عبد الباري رئيس الوزراء السوداني؟

هل يكون نصر الدين عبد الباري رئيس الوزراء السوداني؟

هل يكون نصر الدين عبد الباري رئيس الوزراء السوداني؟


18/12/2022

يبدو أنّ أهم منصب في الفترة الانتقالية في السودان؛ رئاسة مجلس الوزراء الانتقالي سيجد من يشغله قريباً، بعد توقيع الاتفاق الإطاري مطلع الشهر الجاري بين طيف سياسي تتزعمه الحرية والتغيير - المجلس المركزي والعسكريين ممثلين في الجيش والدعم السريع، بمباركة أممية ودولية وإقليمية.

ويدور حديث حول عدد من الشخصيات المرشحة للمنصب، منها رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، فضلاً عن وزير العدل السابق نصر الدين عبد الباري. وبحسب مشروع الدستور الانتقالي الذي بُني عليه الاتفاق الإطاري ستختار عدة قوى سياسية رئيس الوزراء، منها من وقع على الاتفاق ومنها من يعارضه من أطراف اتفاق سلام جوبا.

أسماء متداولة

وبعد توقيع الاتفاق الإطاري صرح المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير - المركزي شهاب إبراهيم، بأنّ تسمية رئيس الوزراء وتشكيل حكومة سيجريان خلال شهر تمهيداً لبدء الفترة الانتقالية المقرر أن تستمر عامين. وقال لـوكالة "الأناضول" بأنّه خلال (3-4) أسابيع يمكن أن ننتهي من تنفيذ الاتفاق الإطاري، ومن ثم سيُعلن رئيس الوزراء وتُشكل الحكومة، وبالتالي بداية الفترة الانتقالية.

ومن هذه المهام المطلوب إنجازها قبل اختيار رئيس الوزراء، ما صرح به الأمين العام لحزب الأمة القومي الواثق البرير بأنّ "التشاور في تشكيل الحكومة بمجرد الانتهاء من عدد من الورش والمؤتمرات التي سنعقدها في الفترة القليلة المقبلة". وتشمل هذه الورش القضايا التي أرجأها الاتفاق الإطاري، مثل العدالة الانتقالية، الإصلاح الأمني والعسكري، مراجعة اتفاقية جوبا، وحلّ قضية شرق السودان.

نور الدين صلاح الدين: ليست هناك نقاشات رسمية

هذه المهام الواجب إنفاذها قبل الإعلان عن اسم رئيس الوزراء تحتاج ما هو أكثر من شهر بخلاف تفاؤل الحرية والتغيير؛ حيث أطراف اتفاق جوبا من ضمن الرافضين للاتفاق، وكذلك القوى المؤثرة في شرق السودان، فضلاً عن أنّ الحديث عن إصلاح أمني وعسكري تعتبر قضية تستغرق شهوراً طويلة في البحث فقط، علاوةً على التنفيذ المرتبط أيضاً بموافقة أطرف سلام جوبا.

مع ذلك، واعتماداً على تصريحات الحرية والتغيير فخلال شهر سيكون في السودان رئيس للوزراء، يفتتح العامين المُتفق عليهما للفترة الانتقالية. ومن المتوقع أنّ التداول بشأن الأسماء يجري على الأقل منذ ظهرت بوادر الانفراجة قبل عدة شهور مضت.

لا ينتمي أستاذ القانون في السودان والولايات المتحدة نصر الدين عبد الباري إلى حزب سياسي، ولا صلة له بالحركات المسلحة رغم جذوره التي تعود إلى وسط دارفور

ويقول القيادي بحزب المؤتمر السوداني، نور الدين صلاح الدين "صراحةً حتى اللحظة ليست هناك نقاشات رسمية حول الموضوع". وذكر لـ"حفريات" أنّ هناك ترشيحات لأسماء منها؛ وزير المالية السابق في حكومة حمدوك إبراهيم البدوي، رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، ومضوي إبراهيم.

ومن جانبه يرى السياسي بحزب الأمة السوداني محمد المشرف، بأنّ نصّ الاتفاق بكلّ ما اعتراه من شوائب يؤشّر إلى أنه صيغ على عجل بدوافع سياسية خارجية على الأرجح، وأنّ عملية تطبيقه لن تخلو من اضطرابات وخلافات وربّما وصراعات. وذكر لـ"حفريات" أنّ من الأسماء المطروحة لرئاسة الوزراء منذ فترة وزير العدل في حكومة حمدوك السابقة، نصر الدين عبد الباري. منوهاً بأنّه مقبول لدى دول الترويكا والولايات المتحدة خاصةً، بما أنّهما من يديران المشهد السياسي الذي أنتج الاتفاق الإطاري.

المرشح الأوفر حظاً

بدوره ذكر الكاتب السوداني عبد العال المليجي، أنّ اسم نصر الدين عبد الباري مطروح للمنصب. وقال لـ"حفريات" أنّه ترشيح من السفير الأمريكي، ولديه اتصالات بمسؤولين إسرائيليين.

تخلق علاقة عبد الباري بإسرائيل خلافات كبيرة على شخصه من تيارات متعددة، حيث التطبيع لا يلقى قبولاً ملحوظاً في الشارع ولا بين القوى السياسية. والتقى عبد الباري إبان عمله وزيراً للعدل باثنين من كبار المسؤولين الإسرائيليين؛ وزير الشؤون الإقليمية الإسرائيلي عيساوي فريج ونائب وزير الخارجية عيدان رول.

فضلاً عن ذلك يرى قطاع واسع من السودانيين المحافظين أنّ نصر الدين عبد الباري راعي للتعديلات القانونية التي تتعلق بالأحوال الشخصية. وعلق السياسي محمد المشرف بأنّ ذلك "سيخلق حالة من الاحتقان إذا ما تم اختياره".

عبد العال المليجي: ترشيح من السفير الأمريكي

ولا ينتمي أستاذ القانون في السودان والولايات المتحدة نصر الدين عبد الباري إلى حزب سياسي، ولا صلة له بالحركات المسلحة رغم جذوره التي تعود إلى وسط دارفور. وهذه الحالة تجعله يجمع توافق المكوّنات المهمة في تسيير الفترة الانتقالية، وهم الجيش والدعم السريع والحرية والتغيير - المركزي، فضلاً عن الدعم الغربي وخصوصاً الأمريكي. علاوة على ذلك يملك عبد الباري مميزات شخصية تجعله الأفضل من بين الأسماء المطروحة، فعمره لا يتجاوز 44 عاماً، وهو أستاذ في القانون وله خبرة في العمل الانتقالي من خلال عمله كوزير في حكومة حمدوك الانتقالية.

ويقول الكاتب السوداني سامح الشامي حول نصر الدين عبد الباري كمرشح لرئاسة الوزراء "درس في هارفارد وعمل مع عدة منظمات مجتمع مدني، ومراكز دراسات أمريكية. بلا انتماء حزبي أو حاضنة اجتماعية".

وأفاد لـ"حفريات" بأنّه كان رأس الرمح في التعديلات على القوانين والتشريعات وتحويلها إلى قوانين ليبرالية فجة، وهو مؤيد للتطبيع مع اسرائيل ووقع اتفاقية معها في التعليم والثقافة رغم أنه كان وزيراً للعدل".

الكاتب سامح الشامي لـ"حفريات": "لم يُعرف عن عبد الباري معارضة ملموسة لإجراءات 25 أكتوبر ويحتفظ بعلاقات جيدة مع العسكر مع علاقات ممتازة مع الغرب والحرية والتغيير أيضاً.

ويسلط الكاتب السوداني الضوء على زاوية أخرى في صالح عبد الباري، وهي أنّه "لم يُعرف عنه معارضة ملموسة لإجراءات 25 أكتوبر. ويحتفظ بعلاقات جيدة مع العسكر، مع علاقات ممتازة مع الغرب والحرية والتغيير أيضاً".

وقبل يومين من أحداث 25 أكتوبر حين كان وزيراً للعدل، طرح مخرجاً تمثّل في "المخرج العملي الوحيد مما يجري هذه الأيام من الأزمة المُختلقة لخلق ‏واقع سياسي جديد، هو الالتزام الحرفي الصارم بالوثيقة الدستورية وتنفيذها بغية الانتقال الكامل إلى الحكم المدني الديمقراطي". وهو الطرح الذي لم يحمل هجوماً على الجيش الذي أطاح لاحقاً بحكومة حمدوك، التي كان عبد الباري عضواً فيها.

من يختار رئيس الوزراء؟

أحال الاتفاق الإطاري مهمة اختيار رئيس الوزراء إلى "قوى الثورة الموقعة على الإعلان السياسي بالتشاور، وذلك وفقاً لمعايير الكفاءة الوطنية، والالتزام بالثورة والإعلان السياسي ومهام وقضايا الانتقال". يتشاور رئيس الوزراء الانتقالي مع الأطراف الموقعة على الإعلان السياسي والدستور الانتقالي؛ باختيار وتعيين الطاقم الوزاري وحكام الولايات أو الاقاليم.

التقى عبد الباري اثنين من كبار المسؤولين الإسرائيليين

ووفق إعلان "رؤية الحرية والتغيير حول أسس ومبادئ الحل السياسي المفضي لإنهاء الانقلاب" في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تأسست العملية السياسية التي أدت إلى التوصل للاتفاق الإطاري. وجاء فيها أنّ قوى الثورة المناهضة لانقلاب 25 أكتوبر يكون لها حق اختيار؛ رئيس الوزراء، ورأس الدولة (مجلس السيادة). وتشمل الحرية والتغيير والقوى السياسية وحركات الكفاح المسلح ولجان المقاومة وتجمع المهنيين والأجسام النقابية والمجتمع المدني الديمقراطي. أما قوى الانتقال فتشمل القوى الموقعة على "الإعلان السياسي" وشاركت في مشروع الدستور الانتقالي المُعد بواسطة اللجنة التسييرية لنقابة المحامين.

وهناك عدة شروط يجب على رئيس الوزراء الانتقالي المقبل تحقيقها كشرط للتوافق عليه، وهي؛ القبول الكبير من المجموعة الغربية الأمريكية، موافقة قوى الحرية والتغيير - المجلس المركزي، موافقة المؤسسة العسكرية بشقيها. وتتحقق في وزير المالية السابق نصر الدين عبد الباري هذه الشروط السابقة، غير أنّه لن يلقى قبولاً من قطاع واسع من القوى الإسلامية وغيرهم ممن يرفضون الاتفاق الإطاري.

ويدعم حظوظ عبد الباري كوّنه قريباً من المجتمع الغربي، مثل العديد من القيادات السودانية التي نشأت في دول أوروبا والولايات المتحدة، والتي يُراد تمكينها من حكم السودان كما يرى البعض، أو إتاحة الفرصة أمامها للمساهمة في التحوّل الديمقراطي في وطنهم. وارتباطاً بذلك جاء في شروط تولي رئاسة الوزراء أو الوزارات "أنّ يكون سودانياً بالميلاد" فقط، بينما فيما يتعلق برأس السلطة اشترط "أنّ يكون سوداني الجنسية بالميلاد ولا يحمل جنسية دولة أخرى"، وذلك وفق نصّ مشروع الدستور الانتقالي.

محمد المشرف: عبد الباري لن يلقى قبولاً من القوى الإسلامية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية