"التحالف الديمقراطي": تكتّل جديد على الساحة الفلسطينية ..هل يكسر هيمنة فتح وحماس؟

فلسطين

"التحالف الديمقراطي": تكتّل جديد على الساحة الفلسطينية ..هل يكسر هيمنة فتح وحماس؟


22/01/2019

في ظلّ الأوضاع السياسية الراهنة التي تعاني منها القضية الفلسطينية، واستمرار حالة الانقسام، ظهر تجمّع جديد يضمّ خمسة فصائل يسارية، تحت اسم" التحالف الديمقراطي الفلسطيني"، ليكوّن جسماً سياسياً جديداً يسعى إلى كسر هيمنة وتفرد حركتي فتح وحماس على الساحة الوطنية.
ويتكون التحالف الديمقراطي من الأحزاب اليسارية الفلسطينية الخمسة: الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطيّة لتحرير فلسطين، وحزب الشعب، وحزب فدا، وحركة المبادرة الوطنيّة.

التكتل يسعى إلى كسر هيمنة وتفرد حركتي فتح وحماس

أداة أخرى للنضال

يقول عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وعضو اللجنة التأسيسية للتحالف، طلال أبو ظريفة إنّ "إيجاد قوّة فلسطينيّة ثالثة إلى جانب حركتي فتح وحماس، يهدف إلى النهوض بالقضيّة الفلسطينيّة بعد حالة التراجع الكبيرة، التي حدثت نتيجة السياسات الإسرائيليّة والأمريكية المعادية للشعب الفلسطيني، والانقسام الداخلي بين فتح وحماس".

التحالف الجديد يضم 5 فصائل يسارية ويسعى لكسر تفرد حركتي فتح وحماس بالحراك الوطني الفلسطيني

ويضيف في حديثه لـ "حفريات" أنّ التجمّع الديمقراطي هو "أداة للنضال دفاعاً عن الحقوق والحريات الديمقراطية للمواطنين، والتصدّي لأيّ انتهاكات، أو تجاوزات لها، سواء في الضفة الغربية أو في غزة، بما يكفل تحريم الاعتقال السياسي وضمان حرية الرأي والتعبير والصحافة والنشر، بما في ذلك إلغاء قانون الجرائم الإلكترونية، ووقف التعديات على حرية الاجتماع والتظاهر، وكفّ يد الأجهزة الأمنية عن التطاول على حقوق وكرامة المواطنين".
ويوضح أبو ظريفة؛ أنّ آلية عمل التحالف تقوم على مبدأ المشاركة الجماعية في صناعة واتخاذ القرار، "فلا يوجد شخص أو حزب يرأس التحالف، إنما تتمّ إدارته بالتوافق بين الأحزاب اليسارية الخمسة".

اقرأ أيضاً: صراعات حماس وفتح ..هل تعبد الطريق أمام صفقة القرن؟
وكشف نية التحالف القيام بمسيرات شعبية كبيرة تجوب كافة مناطق قطاع غزة والضفة المحتلة، للضغط على طرفي الانقسام بضرورة إتمام المصالحة الفلسطينية، وتشجيع الجماهير بالضفة الغربية على الخروج في مسيرات سلمية، للتصدي للمستوطنين الذين يعتدون على المواطنين والممتلكات العامة والخاصة.

زاد الاستيطان وزاد تهويد الدولة

التيار الثالث

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، د.مخيمر أبو سعدة، أنّ "التحالف يشكل التيار الثالث في الساحة الفلسطينية إلى جانب حركتي فتح وحماس، وبإمكانه تحريك المياه الراكدة، لكن من الضروري التركيز على نقطتين رئيستين لنجاح التحالف، النقطة الأولى؛ يجب أن يكون هناك انتخابات رئاسية وتشريعية وانتخابات مجلس وطني في الضفة وغزة والقدس، لإثبات وجوده كقوة برلمانية وتيار له مقاعد في البرلمان".

اقرأ أيضاً: ما الذي يدفع مسيحيي غزة إلى هجرة أراضيهم؟
وأكد في حديثه لـ"حفريات" أنّ النقطة الثانية التي يجب اتباعها لينجح "التحالف الديمقراطي الفلسطيني" تتمثل في "استمرار الدعم الفلسطيني في ظلّ حالة التجاذب السياسي بين فتح وحماس؛ فوجود قاعدة شعبية جماهيرية تدعم هذا التحالف ستشكل له عوامل النجاح في المستقبل، ويثبت نفسه كقوة فلسطينية ثالثة قادرة على صنع القرار وتغيير الواقع".
وشدّد أبو سعدة على أنّ الجمهور الفلسطيني فقد الثقة بالطرفين السائدين على الساحة الفلسطينية، ففتح بعد ربع قرن من المفاوضات مع إسرائيل وصلت إلى طريق مسدود، فلم ينتهِ الاحتلال ولم تقم الدولة الفلسطينية، بل على العكس؛ زاد الاستيطان وزاد تهويد الدولة.
بديل ديمقراطي
ويذهب أبو سعدة إلى أنّ المقاومة الفلسطينية أيضاً وصلت إلى طريق شبه مسدود، "كون قوتها لا توازي مطلقاً القوة العسكرية الإسرائيلية، وأصبحت محاصرة، وهذا بدا واضحاً عندما اشترطت إسرائيل وقف مسيرات العودة، وإطلاق النار مقابل إدخال السولار والأموال القطرية؛ لذلك فإنّ الفلسطينيين في حاجة إلى بديل ثالث ديمقراطي يستجمع الحالة الفلسطينية، ويركز على الصمود والبناء الداخلي، وهم في حاجة أيضاً إلى استثمار ما لديهم من إمكانيات لمواجهة إسرائيل".

اقرأ أيضاً: حركة الصابرين.. هل تمثل ذراع التشيع الإيراني في غزة؟
وفي سياق متصل، يرى الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب؛ أنّ التجمع فرصة ليوقف حالة الاستقطاب بين الطرفين السائدين على الساحة الفلسطينية، حماس وفتح، وتشكيل طرف ثالث لكسر هيمنة أكبر حزبين فلسطينيين على الساحة السياسية الفلسطينية، مستدركاً أنّ نجاح هذا التحالف، "وضمان عدم فشله كباقي التجمعات اليسارية التي تأسست ولم تحقق أي أهداف؛ مرتبط بعدم تكرار الأخطاء السابقة، والتعريف بهوية التجمّع، وأن تكون لهم مواقف وقرارات واضحة، وانسجام داخلي مع كافة القضايا".
حماس وفتح لا تريدان لهذا التجمع أن يكون منافساً لهما

تحقيق الأهداف
ويضيف حبيب، في حديثه لـ "حفريات"، أنّ الأمر الثاني الذي يجب التركيز عليه لضمان نجاح "التحالف الديمقراطي الفلسطيني"، وتحقيق الأهداف المرجوة منه، إتاحة الفرصة للشباب، ليكونوا شركاء في صنع القرار؛ "فهذا الوسط الشبابي الأكثر قرباً من المشكلات الراهنة، وعلى التجمّع الأخذ بعين الاعتبار الزجّ بين المستويات الشبابية، وأنّ الأجيال الجديدة دائماً في المقدمة".
وشدّد حبيب على أنّ "حماس وفتح لا تريدان لهذا التجمع أن يكون منافساً لهما، وبالتالي سيواجه تحريضاً من قبل الطرفين؛ لذلك يجب أن يكون لديه نقاط قوة، وخطة سياسية واضحة للتمكين، حتى لا يتعرضوا للمصاعب التي تعرضت لها التجمعات السابقة، ولجم هذه الثنائية في الساحة الفلسطينية".
ويشير إلى أنه من الضروري أن يكون لهذا التجمع مواقف واضحة ومحددة وجريئة، ويخرج ضدّ الانقسام الفلسطيني وتوعية المجتمع بأضراره، وأخذ مواقف تدل على أنه تجمّع مركزيّ على الساحة الفلسطينية، لافتاً إلى أنّه من دون ذلك لن يتمكن التجمع من تحقيق شيء.
أجندة سياسية
في المقابل؛ يرى أستاذ العلوم السياسية في جماعة النجاح الوطنية، د. عبد الستار قاسم، أنّه من الصعب نجاح أيّ تجمّع أو حزب سياسي جديد على الساحة الفلسطينية، دون وجود دعم مالي وأجندة سياسية واضحة، معللاً ذلك بأنّ المال أساس وجود التنظيمات في قطاع غزة والضفة الغربية والمحرك الأساسي لها، "فضعف تمويل الأحزاب الخمسة التي أسست "التحالف الديمقراطي الفلسطيني" من أسباب عدم نجاح هذا التجمّع".

اقرأ أيضاً: حماس تناصر أردوغان في معركته المفتعلة مع نتنياهو
ويقول، في تصريح لـ"حفريات": "يجب أن تكون لهذا التجمّع سياسة محددة وأهداف واضحة، للعمل على أرض الواقع، وعدم الاكتفاء بالاجتماعات الداخلية وإصدار والبيانات الصحفية، فوجود طرف ثالث منافس لأكبر تنظيمين على الساحة الفلسطينية، وكسر التفرد السياسي يجب أن تكون لديه إمكانيات لا تقل عنهم، لضمان عدم لجمهم من الطرفين المنافسين".
ويلفت إلى أنّ أساس نجاح أيّ تنظيم أو تجمّع في الساحة الفلسطينية، خاصة في قطاع غزة المقاومة، والعمل المسلح، ومقارعة الاحتلال الإسرائيلي، "ودون ذلك لا يستطيع تحقيق أهدافه، وسيكون مصيره مثل مصير كثير من الأحزاب السياسية المهشمة، والتي لا يوجد لها دوراً بارزاً بين الأحزاب".

اختناق سياسي
من جانبه، يقول المحلل والكاتب السياسي، أكرم عطا الله، في حديثه لـ "حفريات": "في ظلّ حالة الاختناق السياسي تبحث فصائل اليسار الخمسة عن بدائل، بعد اليأس من تحقيق المصالحة الفلسطينية، فعدم وجود طرف ثالث زاد من حالة الانقسام، ووجود التحالف الديمقراطي ربما يسمح بوجود هذا الطرف كنوع من توازن المعادلة".

قاسم: نجاح أيّ تجمّع أو حزب سياسي جديد على الساحة الفلسطينية مرهون بالدعم المالي وأجندة سياسية واضحة

ويضيف "التحالف الديمقراطي يعدّ بمثابة محاولة؛ لكنّ الواقع الفلسطيني أكثر تعقيداً من أن يستقبل أيّة محاولة نجاح جديدة، فالأزمة التي تمرّ القضية الفلسطينية بها، ليست فقط عدم وجود طريق ثالثة؛ بل هي حالة اختناق سياسي ووضعية فلسطينية استثنائية جعلت الوضع يزداد سوءاً".
وينوّه إلى أنّه من الصعب أن يكسر التحالف الجديد هيمنة حماس وفتح على الساحة السياسية الفلسطينية؛ "لأنّ كافة إمكانيات القوة متمركزة في أيديهما؛ من أجهزة أمن ومال وعلاقات خارجية"، لافتاً إلى أنه يمكن لهذا التحالف أن يكسر هيمنة تلك الفصائل فقط، في حال العمل بشكل جدي بين الناس، و"هذا يحتاج إلى وقت، ومن ثم الذهاب إلى صندوق الاقتراع".

اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة إذ تصوّت على حماس وليس على القضية الفلسطينية
ويعزو المحلل والكاتب السياسي سبب تأسيس "التجمّع الديمقراطي الفلسطيني" إلى أنّ الأحزاب اليسارية نفسها أحزاب ديمقراطية، وتشعر أنها لا تلتقي مع القوة الإسلامية، وليس هناك تقارب كبير بين الفكر الإسلامي والسياسي، لذلك أرادت أن يكون لها وجود في الساحة الفلسطينية.
وبعيداً عن تشكيك بعض الأطراف الفلسطينية في إمكانية نجاح هذا التحالف، إلا أنّ نتائج الحراك الشعبي، المتوقَّع انطلاقه الفترة المقبلة، هو ما سيحدد إمكانية نجاحه وفشله، وقدرته على إثبات نفسه قوةً ثالثة على الساحة الفلسطينية، ومنافساً قوياً للقوة الثنائية "فتح وحماس".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية