آيا صوفيا.. هل ينجح أردوغان في طمس الهوية الحقيقية؟

آيا صوفيا.. هل ينجح أردوغان في طمس الهوية الحقيقية؟


15/07/2020


تواصلت ردود الفعل الرافضة والمتحفظة على قرار تركيا إعادة اعتماد "آيا صوفيا" مسجداً، بعد 86 عاماً من تحويله إلى متحف بقرار من مجلس الوزراء العام 1934، حيث أدلى بابا الفاتيكان، البابا فرانسيس، بأوّل تصريح له حول قرار تركيا تحويل آيا صوفيا من متحف إلى مسجد.

وأعرب البابا فرانسيس عن حزنه الشديد لهذا القرار، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز، وأدّى صلاته الأسبوعية في ميدان القديس بطرس قائلاً: "إسطنبول تهيمن على فكري، فأنا أفكر في آيا صوفيا وأشعر بالحزن الشديد عليها".

مجلس الكنائس العالمي يدعو السلطات التركية إلى العدول عن القرار تحويل آيا صوفيا إلى مسجد

وكان مجلس الكنائس العالمي، الذي يضمّ في عضويته 350 كنيسة، قد دعا السلطات التركية إلى العدول عن هذا القرار، وذلك خلال خطاب بعثه إلى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.

وأفاد نائب رئيس المجلس، لوان ساوكا، في الخطاب: أنّ قرار تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد حوّل الدلالات الإيجابية على انفتاح تركيا إلى دلالات انقسام وانفصال.

وأعرب ساوكا عن حزنه الشديد لاتخاذ تركيا مثل هذا القرار دون استشارة اليونسكو قائلاً: "مجلسنا متخوّف من أن يصبح قرار آيا صوفيا هذا مصدر إلهام لمساعي الراغبين في تأجيج فكرة تقسيم المجتمعات الدينية وتغيير الوضع الراهن".

وفي سياق متصل، بدأ الشارع التركي يسأل عن مصير الرسوم والزخارف المسيحية الموجودة داخل المبنى عند فتحه للعبادة.

اقرأ أيضاً: تحويل آيا صوفيا إلى مسجد لا يخدم تركيا ولا المسلمين

وقدَّم عدد من علماء الآثار القائمين على أعمال ترميم متحف آيا صوفيا بعض الاقتراحات، ضمن استعدادات فتحه للعبادة، بحسب صحيفة "حريت" التركية.

المقترحات المقدّمة بخصوص آيا صوفيا، الذي سيفتح للصلاة يوم الجمعة الموافق 24 تموز (يوليو) الجاري، تتحدّث عن وضع أنظمة إضاءة في أرضية الأماكن التي ستؤدّى فيها الصلاة، وستعمل الإضاءة على تعتيم الرسوم والزخارف الموجودة على الجدران في أوقات الصلاة فقط.

اقرأ أيضاً: أردوغان و"آيا صوفيا"... محاولة لهزيمة التاريخ من أجل انتصار سياسي

المقترح ينصّ على توجيه أضواء بتقنية معيّنة لتعتيم هذه الرسوم والزخارف والفسيفساء المسيحية في أوقات الصلاة، ومن ثمّ إظهارها مرّة أخرى بعد أوقات الصلاة.

استطلاع: الغرض من القرار إشغال الرأي العام عن الحديث عن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تتعرّض لها تركيا

وفي الإطار ذاته، أعلن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا أول من أمس، وفق المتحدث الرسمي، عمر جيليك، أنّ أيقونات الفسيفساء في آيا صوفيا في إسطنبول ستغطّى بستائر أو أضواء ليزر أثناء الصلوات الخمس.

وأضاف جيليك أنّ الأيقونات المسيحية ستُزال من فوقها أي أغطية، مشيراً إلى أنّه سيتم فتح المسجد لكل الزوار في غير أوقات الصلاة وسيكون الدخول مجانياً.

يُشار إلى أنّ جدران آيا صوفيا تحمل صوراً للسيد المسيح والسيدة مريم، بالإضافة إلى الإمبراطور البيزنطي كومنينيان، فضلاً عن أعمال فسيفساء لقبة الملاك وفسيفساء الإمبراطور كومنينيان.

وفي سياق الردود الغاضبة، أبدى وزير يوناني تأييده مقترح أحد الأحزاب السياسية بتحويل منزل مؤسّس الدولة التركية كمال أتاتورك في بلاده إلى متحف للإبادة العرقية.

اقرأ أيضاً: أردوغان يجد طريقاً جديداً إلى القدس يمر عبر آيا صوفيا

وكان حزب القرار طرح مقترحاً لتحويل منزل أتاتورك، في مدينة سالونيك، إلى متحف للإبادة الجماعية للبونتيك اليونانيين، في حال تمّ تحويل آيا صوفيا إلى مسجد.

وزير الزراعة اليوناني ماكيس فوريديس أبدى دعمه لهذا المقترح، مؤكداً في حوار تلفزيوني أنّه "على تركيا أن تقدِّم إجابات لليونان، وكذلك المجتمع الدولي حول سبب تغيير وضع آيا صوفيا".

مقترحات تركية لإخفاء الرسوم والزخارف المسيحية الموجودة داخل المبنى وحزب العدالة والتنمية يقترح تغطيتها بستائر

من جانبها قالت رئاسة الوزراء اليونانية في بيان تعليقاً على القرار التركي: "هذا القرار أصبح خياراً للإساءة للجميع، بالرغم من أنّ آيا صوفيا ضمن قائمة التراث العالمي".

و لم تعلّق تركيا على الدعوات اليونانية بتحويل منزل كمال أتاتورك إلى متحف للإبادة العرقية.

وكان رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس قد أجرى اتصالاً هاتفياً ببطريرك الروم في إسطنبول، أول من أمس، وكشفت المصادر المقربة أنه أكد للبطريرك دعمه الكامل لهم، وأنه سيجري اجتماعاً ولقاءات هاتفية مع قادة الدول لبحث الأمر.

أمّا وزارة الثقافة اليونانية، فقد وصفت قرار التحويل لآيا صوفيا بأنّه "عمل استفزازي واضح".

بدوره، أعرب المعهد الكندي للإسلام الإنساني عن رفضه قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واعتبره "مخالفاً للقيم الكليّة الإسلامية التي تحترم بشكل مطلق حرية الاعتقاد، وترفض رفضاً قاطعاً أيّ اعتداء على الآخر المختلف في الدين أو اللون أو الجنس، بما يتناقض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، كما أنه يسيء إلى صورة المسلمين أمام العالم ويحوّلهم إلى مجرمين يعتدون على حقوق غيرهم"، وفق ما نقلت فرانس برس.

أحزاب سياسية يونانية ووزراء يؤيدون تحويل منزل مؤسس الدولة التركية كمال أتاتورك إلى متحف للإبادة العرقية

هذا، وكشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "MetroPOLL" لاستطلاعات الرأي والدراسات، تحت عنوان "نبض تركيا – حزيران (يونيو)"، أنّ 43.8% من المشاركين يرون أنّ الغرض من قرار فتح آيا صوفيا للعبادة وتحويله إلى مسجد هو "إشغال الرأي العام عن الحديث عن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تتعرّض لها البلاد منذ أشهر وتزداد حدّة يوماً بعد يوم".

اقرأ أيضاً: أردوغان مطالب بالإجابة... لماذا غير موقفه من آيا صوفيا؟

من جانبه، قال مدير المؤسسة أوزير سينجار في تغريدة عبر تويتر: "ملف تحويل آيا صوفيا إلى مسجد كان حديث الإسلاميين الحالمين في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. ولكن اختفى الحديث عن الأمر عقب انقلاب الثمانينيات. وفي العام 2010 عندما كان حزب العدالة والتنمية قوياً، بدأت محاولات إعادة إحياء المشروع".

وكانت محكمة تركية قد قضت يوم الجمعة بأنّ تحويل المبنى الواقع في إسطنبول، والذي يرجع للقرن السادس إلى متحف في العام 1934 "غير قانوني"، وأعلن أردوغان أنه بات الآن مسجداً، وستقام أوّل صلوات فيه خلال أسبوعين.

وأثارت الخطوة انتقادات ومخاوف دولية من عدّة دول وجهات، من بينها اليونان والولايات المتحدة وروسيا ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية