أوروبا والإرهاب في 2023

أوروبا والإرهاب في 2023

أوروبا والإرهاب في 2023


16/08/2023

ذكي بن مدردش

لطالما كان الإرهاب مشكلة في أوروبا لقرون عدة، حيث نفذت الجماعات والأيديولوجيات المختلفة هجمات لأسباب عدة، وخلال الأعوام الأخيرة كان الشكل الأكثر شيوعاً للإرهاب في أوروبا هو التطرف الذي تقوم به مجموعات مستوحاة من تنظيم "داعش".

ويتذبذب تهديد الإرهاب في أوروبا مع مرور الوقت، لكنه ظل مصدر قلق كبير للحكومات والأجهزة الأمنية، ففي عام 2015 حدث عدد من الهجمات الإرهابية البارزة في فرنسا وبلجيكا وألمانيا، مما أدى إلى تسليط الضوء على قضية الأمن، ومع ذلك انخفض عدد الهجمات الإرهابية في أوروبا خلال الأعوام الأخيرة ليسجل 15 هجوماً عام 2021.

وهناك عدد من العوامل التي تسهم في تهديد الإرهاب لأوروبا، وتشمل وجود مقاتلين إرهابيين أجانب عادوا من مناطق الصراع في الشرق الأوسط، وانتشار الفكر المتطرف على الإنترنت والسجون، وتعرض بعض الدول الأوروبية إلى التطرف بسبب عوامل مثل الاغتراب الاجتماعي وعدم المساواة الاقتصادية.

وقد اتخذ الاتحاد الأوروبي عدداً من الخطوات لمواجهة تهديد الإرهاب ومنها تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدول الأعضاء، وتعزيز أمن الحدود والتماسك والتكامل الاجتماعيين، ومواجهة الفكر المتطرف على الإنترنت.

وعلى رغم هذه الجهود لا يزال تهديد الإرهاب في أوروبا مصدر قلق خطر، إذ تحتاج الحكومات والأجهزة الأمنية إلى مواصلة العمل معاً لمنع الهجمات المستقبلية.

ومن ناحية زمنية فإن أبرز الهجمات الإرهابية التي وقعت في أوروبا خلال الأعوام الأخيرة هي:

- هجمات نوفمبر (تشرين الأول) 2015 في باريس وأسفرت عن مقتل 130 شخصاً وإصابة مئات آخرين.

- إطلاق النار في "شارلي إبدو" خلال يناير (كانون الثاني) 2015 وأسفر عن مقتل 12 شخصاً وإصابة 11 آخرين.

- هجمات بروكسل في مارس (آذار) 2016 والتي قتلت 32 شخصاً وأصابت مئات آخرين.

- هجوم "شاحنة نيس" في يوليو (تموز) 2016 والذي أسفر عن مقتل 86 شخصاً وإصابة مئات آخرين.

- هجوم سوق عيد الميلاد في برلين خلال ديسمبر (كانون الأول) 2016 ونتج منه مقتل 12 شخصاً وإصابة 56 آخرين.

وكان لهذه الهجمات تأثير عميق في المجتمع الأوروبي أدى إلى زيادة الإجراءات الأمنية وزيادة الشعور بالخوف، ومع ذلك فمن المهم أن نتذكر أن الغالبية العظمى من الناس في أوروبا يعيشون في سلام وأمن، وأن تهديد الإرهاب يجب ألا يمنعنا من الاستمتاع بحياتنا.

وحتى عام 2023 لا يزال الإرهاب في أوروبا يمثل تهديداً كبيراً على رغم انخفاض عدد الهجمات منذ ذروة تمرد تنظيم "داعش" بين عامي 2015 و2017، ومع ذلك فهناك عدد من الاتجاهات الناشئة التي تجعل الإرهاب في أوروبا أكثر تعقيداً وتصعب مكافحته.

وأحد أهم الاتجاهات هو التنوع المتزايد للجماعات الإرهابية العاملة في أوروبا، ففي الماضي كانت معظم العمليات الإرهابية من تنفيذ مجموعات تابعة لـ "القاعدة" أو "داعش"، لكن خلال الأعوام الأخيرة كان هناك عدد متزايد من الهجمات التي نفذتها مجموعات ذات دوافع أيديولوجية أخرى، مثل "اليمين المتطرف" و"الحركة البيئية".

أما الاتجاه الآخر فهو زيادة اللامركزية للجماعات الإرهابية، ففي الماضي كانت الجماعات الإرهابية في كثير من الأحيان منظمة بشكل هرمي مع تسلسل قيادي واضح، غير أنه خلال الأعوام الأخيرة كان هناك اتجاه نحو مزيد من المجموعات اللامركزية، إذ تعمل الخلايا بصورة مستقلة عن بعضها بعضاً، وهذا يجعل من الصعب على قوات الأمن تتبع النشاط الإرهابي وتعطيله.

ويلعب صعود وسائل التواصل الاجتماعي دوراً أيضاً في الطبيعة المتغيرة للإرهاب داخل أوروبا، إذ يمكن استخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الدعاية وتجنيد أعضاء جدد وتنسيق الهجمات، وهذا يسهل على الجماعات الإرهابية الوصول إلى جمهور أوسع والتخطيط للهجمات وتنفيذها.

من ناحية أخرى تعتبر الـ "إسلاموفوبيا" في أوروبا قضية معقدة، إذ من الواضح أن بعض الجماعات الإرهابية هناك مدفوعة بتفسيرها للإسلام، وعلى سبيل المثال فقد برّر تنظيم "داعش" صراحة هجماته في أوروبا كجزء من التطرف العالمي.

ومن المهم ملاحظة أن الغالبية العظمى من المسلمين في أوروبا لا يدعمون الإرهاب، وتحدث كثير منهم ضده كما عملوا على مكافحة التطرف، في حين أن التحدي الذي تواجهه الحكومات وقوات الأمن في أوروبا هو إيجاد طرق لتعطيل النشاط الإرهابي من دون تنفير المجتمع المسلم، وهو ما يعتبر مهمة صعبة لكنها ضرورية إذا كان لأوروبا أن تواجه بشكل فعال تهديد الإرهاب.

وفي ما يلي بعض الاتجاهات الناشئة في الإرهاب والتي من المحتمل أن يكون لها تأثير في أوروبا خلال عام 2023:

-  الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا مثل الطائرات من دون طيار والأسلحة المطبوعة ثلاثية الأبعاد من قبل الجماعات الإرهابية.

- ظهور هجمات الذئاب المنفردة التي يصعب منعها.

- التهديد المتزايد للإرهاب السيبراني، إذ يمكن استخدامه لتعطيل البنية التحتية الحيوية أو نشر الدعاية.

- تزايد التطرف لدى الشباب الذين هم أكثر عرضة للتأثر بالفكر المتطرف على الإنترنت.

ويلاحظ أن هذه ليست سوى بعض الاتجاهات التي من المحتمل أن تشكل الإرهاب في أوروبا خلال عام 2023، إذ إن تهديده يتطور باستمرار، ومن المهم أن تكون الحكومات وقوات الأمن مستعدة لمواجهة التحديات الجديدة.

عن "اندبندنت عربية"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية