أيهما أكثر تأثيراً في الإخوان: حسن البنا أم سيد قطب؟

في ذكرى إعدام قطب... هل ما زال يحكم الإخوان من قبره؟

أيهما أكثر تأثيراً في الإخوان: حسن البنا أم سيد قطب؟


06/09/2023

في الذكرى الـ (57) لإعدام مرجعية الإخوان التطرفية والتشددية سيد قطب، استذكر الكاتب المصري حازم حسين، في مقالة نشرها عبر صحيفة (اليوم السابع)، مبادئه التي وضعها واستراتيجيته التي سارت عليها الجماعة حتى يومنا هذا.

قال حسين: "إنّ سيد قطب ما زال يحكم الإخوان من قبره، وإنّ أثره حاضر داخل الجماعة، وفاعل في أفكارها وممارساتها، وربما يفوق تأثير حسن البنا، والجيل الأول ممّن أرسوا ركائز التنظيم وحدّدوا حركته العابرة للقومية المصرية".

سيد قطب ما زال يحكم الإخوان من قبره، وإنّ أثره حاضر داخل الجماعة، وفاعل في أفكارها وممارساتها، وربما يفوق تأثير حسن البنا.

وأضاف الكاتب المصري: "كان قطب بمثابة تأسيس جديد لمرتكزات الأُصولية المُحدِّدة لأداء الرجعية الدينية، مازجاً الجهد التنظيري بالدور العملي، ومُزاوجاً بين المركزية الروحية والقيادة الحركية. كانت طروحات (معالم في الطريق) وغيره من الكتابات ابتكاراً لوجه مُغاير في تأصيل العنف الديني، وقيادته لـ "تنظيم 65"، ومُخطّطه الإرهابي تطويراً لاستراتيجيات اختصام الدولة واستهداف وجودها، وبينما كان مُنتظَراً أن تُسفر إزاحته خارج مشهد التنظيم عن تبدُّلٍ في الرؤى وبرامج العمل؛ حدث العكس، وتمكّن صقور القطبيِّين من مفاصل المنظومة لعقود تالية، ما يُكافئ ضعف حاكمية المُؤسِّس ووصايته على عقل الجماعة".

مُلخّص الحالة النفسية والذهنية للرجل يدور بكامله في حيِّز الخلل الروحي والاعتلال النفسي، ممّا طبع لاحقاً كل مجالات حركته في الفضاء العام.

ووفق الكاتب، فإنّ مُلخّص الحالة النفسية والذهنية لـ (قطب) يدور بكامله في حيِّز الخلل الروحي والاعتلال النفسي، ممّا طبع لاحقاً كل مجالات حركته في الفضاء العام، وأغلب منتوجه الفكري، وقد خرج مُحمَّلاً بكامل حصيلته من النقمة والكراهية وشهوة الثأر من الجميع.

وقارن الكاتب بين البنا وقطب، مؤكداً أنّ الأول ينطلق من كون الجماعة حاضنة اجتماعية وتربوية تتعالى على محيطها ولا تتحرَّش به ظاهراً، لذا كان العنف مخفيّاً وراء ستار "تنظيم سرّي"، وأدبيات مُخادعة وحمَّالة أوجه، أمّا الثاني، فيضع القوّة عنصراً أصيلاً واستعراضيّاً ضمن الهيكلة الحركية. 

عمل قطب تحت قاعدة أنّ الحكومة الإسلامية غاية، وما دون ذلك من طقوس وعبادات مجرَّد وسائل نحو العبودية على شرط الإذعان الكامل.

وتابع: صيغة المُؤسِّس سمحت بانفصال الذراع الخشنة جزئيّاً عن جسد التنظيم، ممّا تسبَّب لاحقاً في انقسام أودى بحياته شخصيّاً على وقع صدام مع قائد النظام الخاص، أمّا مُنظِّر التكفير والقتل، فقد عقد "الدعوي والدموي" معاً في ضفيرة واحدة، ليجمع العقل والعضلات ضمن سُلطة واحدة، وكان الفرز الاجتماعي والسياسي وخطابات الحرب خبزاً يوميّاً، ومن نتاج ذلك أنّه صار إرهابيّاً بالممارسة، لا بالخطاب وحده، وتطوَّر الأمر إلى أن ينتقل الشبّيحة القطبيون/ مُعادلو نموذج "السندي" الذي كان يد البنّا الباطشة، من هامش الحظيرة المظلم إلى واجهتها، كما حدث بارتقاء مُجرمَي التنظيم القطبي، عاكف وبديع، إلى موقع المُرشد.

وأكد حسين أنّ سيد قطب استعار قاعدته التأسيسية من الباكستاني أبي الأعلى المودودي في كتابه (المصطلحات الأربعة في القرآن)، وهو قراءة سياسية خالصة للإسلام تحت لافتة "الحاكمية"، التي اعتبرها صُلب الألوهيّة وأخصَّ خصائصها، في سَطوه على الفكرة، تحت قاعدة أنّ الحكومة الإسلامية غاية، وما دون ذلك من طقوس وعبادات مجرَّد وسائل نحو العبودية على شرط الإذعان الكامل. 

مات قطب جزاء جريمة مادية ارتكبها؛ لكنّ جرائمه المعنوية أفدح وأشدّ عنفاً، وتستوجب عقابه بعدد الأرواح التي تسبَّب في إزهاقها.

ووفق حسين، فإنّ حسن البنا "كان مُجرماً مَوتوراً، لكن يظلّ سيد قطب الأخطر بين طابور المرضى والمأفونين في المُدوّنة الإخوانية"، متابعاً: "التغيُّر الذي أحدثه أنّه نقل صراع الأصولية من خلاف على تفسير الدين، إلى نزاع في مِلكيته، وحوَّل النصَّ لبندقيّة تقتل الخصوم معنويّاً قبل أن يقنصهم الرصاص، وعندما قال (بديع) لشباب الجماعة: "تحملون ماء السماء الطهور"، وكرَّرها صبحي صالح بادّعاء أنّهم أطهر المصريين، كانا يُجسّدان التصوُّر القطبي عن جاهلية المجتمع، وعندما هدَّد (البلتاجي)، وتسافل (خيرت)، واستأسد (محمد كمال ومحمود عزت)، كانوا يُعيدون سيرة أبيهم المُنحطَّة، وعندما قتلوا الناس في الشوارع، واغتالوا السادات، وضربوا المُتظاهرين، وأحرقوا الكنائس، وفجّروا المُنشآت، واستدعوا جبريل والرسول لمنصَّة رابعة والصلاة خلف مُرسي، كانوا يبتذلون "الحاكمية" كما تعلّموا من قطب. إنّ إخوان اليوم سبيكةٌ قطبيّة خالصة، يحضر (البنّا) فيها اسماً وإشهار ملكية؛ إنّما المالك والفاعل الحقيقي هو ذلك الحانق على الناس والمُغرم بالدم. مات (قطب) جزاء جريمة مادية ارتكبها؛ لكنّ جرائمه المعنوية أفدح وأشدّ عنفاً، وتستوجب عقابه بعدد الأرواح التي تسبَّب فى إزهاقها".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية