إخوان ألمانيا بـ2022.. مناورات وأكاذيب ومواجهة

إخوان ألمانيا بـ2022.. مناورات وأكاذيب ومواجهة


01/02/2022

حسام حسن

يعيش تنظيم "الإخوان" الإرهابي أوقات عصيبة في عدة دول أوروبية، خاصة ألمانيا، رغم محاولاته المناورة وترويج الأكاذيب والعمل خلف ستار مدني.

وفي عام ٢٠٢١، واجه تنظيم الإخوان في ألمانيا مشاكل جمة، بداية من رصد تقارير هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" ’آلاعيبه وتحركاته، وصولا إلى تحركات برلمانية للحد من خطورته وأنشطته.

وفي هذا الإطار، برز مشروع قرار جرى مناقشته في أروقة برلمان ولاية شمال الراين ويستفاليا، أكبر ولاية ألمانية، لحصار تنظيم الإخوان الإرهابي وتجريده من أدوات التأثير والنفوذ في الأراضي الألمانية.

 ويحمل المشروع عنوان "وقف تعاون وتمويل الدولة للجمعيات الإسلامية المتأثرة بالإسلاميين والتصدي بشكل فعال لاختراق الأحزاب" السياسية، ولم يصدر البرلمان قرارا نهائيا بشأنه حتى اليوم.

ولمواجهة الإخوان الإرهابية، نص مشروع القرار على أن "يدعو برلمان شمال الراين ويستفاليا حكومة الولاية إلى تعليق جميع أشكال التعاون والتمويل مع المنظمات الإسلامية المتأثرة بالإسلاميين".

مشروع القرار نص أيضا على أن "يدعو برلمان الولاية الحكومة إلى وقف التعاون المستقبلي مع التنظيمات التي لا تتوافق توجهاتها وأهدافها مع النظام الأساسي الديمقراطي الحر".

وأضاف: "يطالب برلمان الولاية الحكومة بإنشاء الكراسي التي تتعامل علميًا مع ظاهرة "الإسلاموية" في الجامعات، وإجراء دراسات واسعة النطاق حول مواجهة التنظيمات الإسلامية".

وفي يونيو/حزيران الماضي، نشرت هيئة حماية الدستور الألمانية، تقرير يفيد بأن "هدف جماعة الإخوان المسلمين هو تطبيق نظام حكم قائم على تفسيرها الضيق للشريعة الإسلامية في الدول الإسلامية"، لافتا إلى أنه "في أحسن الأحوال، تقبل الجماعة النظام الدستوري الديمقراطي العلماني كوسيلة فقط للوصول إلى هدفها وتطبيق نظامها الخاص".

ومضى التقرير موضحا "تحقيقا لهذه الغاية، تتبع الجماعة استراتيجية الأسلمة من الأسفل، والتي تركز في البداية على الفرد وتهدف إلى تغيير إدراكه ونظرته للحياة".

ووضع تقرير هيئة حماية الدستور في ولاية شمال الراين ويستفاليا، يده على آخر ألاعيب الإخوان للهروب من الضغوط السياسية والإعلامية التي تتعرض لها في ألمانيا، ليصبح أول تقرير رسمي يقر بتغير في تكتيك الجماعة في العام الماضي.

وقال التقرير في هذا الإطار "نقلت منظمة المجتمع الإسلامي أنشطتها بشكل متزايد إلى الإنترنت، مع التركيز على مواقع تابعة لها وتدشين حملات على شبكات التواصل الاجتماعي، وسعت إلى إنكار صلاتها بجماعة الإخوان بشكل كامل"، في محاولة للهروب من الضغوط السياسية والإعلامية.

وقبل أسابيع، رصدت السلطات الألمانية نشاطا مكثفا للإخوان الإرهابية في برلين، وتأسيس بؤرة تطرف جديدة بتمويل مباشر من فرع التنظيم في بريطانيا.

ووفق تحقيق لصحيفة دي فيلت الألمانية، فإن بؤرة تطرف ظهرت في الفترة الأخيرة في برلين، يصفها البعض بأنها "تملك هيكلا يشبه المافيا"، وسط صعوبات في رصد تعاملاتها المالية.

وظهرت هذه البؤرة الجديد للإخوان في برلين، بعد استحواذ مؤسسة تسمى "Europe Trust" على عقار في منطقة "فيدنغ" ببرلين مقابل أربعة ملايين يورو.

وبعد الاستحواذ على العقار، انتقلت العديد من الجمعيات والمؤسسات التي تخضع لرقابة هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" بألمانيا، لارتباطها بجماعة الإخوان، ما يعني تأسيس بؤرة تطرف تجمع العديد من منظمات الجماعة في مكان واحد، وفق ما نقلته "دي فيلت" عن مصادر أمنية ألمانية.

وما يزيد الأمور وضوحا هو أن مؤسسة "Europe Trust" النشطة في مارك فيلد بوسط إنجلترا مرتبطة أيضا بالإخوان، وفق التحقيق الألماني.

ومنظمة "Europe Trust" تتخذ من العمل الخيري والتنموي في أوروبا غطاء لتحركاتها منذ تأسيسها في 1996 بقرار من اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا؛ المنظمة المظلية للإخوان في القارة العجوز.

وفي السنوات الماضية، ذكرت تقارير لصحف عالمية مثل وول ستريت جورنال والتايمز أن "Europe Trust" هي الأداة المالية لجماعة الإخوان في أوروبا.

ماذا ينتظر الإخوان في ٢٠٢٢؟

يبدأ عام ٢٠٢٢ في ظل وجود حكومة جديدة في ألمانيا مكونة من ٣ أحزاب هي الاشتراكي الديمقراطي "يسار وسط"، والخضر، والديمقراطي الحر "ليبرالي"، بدأت عملها في وقت سابق الشهر الجاري.

الحكومة الجديدة تحمل برنامجا قويا لمكافحة الإسلام السياسي، والإخوان على وجه التحديد، ما ينذر بعام جديد صعب على الجماعة في ألمانيا.

وفي القسم المتعلق بالحرية والأمن، ذكرت ورقة المحادثات الاستكشافية لتشكيل الائتلاف الحاكم الجديد، بوضوح بأن الأحزاب الثلاثة تتعهد بـ"اتخاذ إجراءات حاسمة على كل المستويات، ضد الإسلام السياسي، والتطرف اليمني واليساري، ومعاداة السامية، حتى يصبح الأمن متوفر لكل شخص بقدر متساو".

كما تضمنت النسخة النهائية لاتفاق الائتلاف الحاكم الجديد في ألمانيا نصا واضحا على مكافحة الإسلاموية في البلاد.

ولا يتوقف الأمر على الحكومة فقط، فالحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم سابقا وحزب المعارضة الرئيسي في الوقت الحالي، بات تحت قيادة السياسي المتشدد، فريدرش ميرتس، المعروف بعدائه الشديد لتنظيمات الإسلام السياسي، ومن ثم سيضغط الحزب بقوة في البرلمان من أجل خط قوي ضد هذه التنظيمات، وفق مراقبين.

ورغم ذلك ترى الخبيرة الألمانية في شؤون الإخوان، سيغريد هيرمان مارشال أن منظمات الإخوان ستكثف مناوراتها في الفترة المقبلة، وتحاول النأي بنفسها عن المنظمة الأم لتفادي الضغط وانتزاع بعض حرية الحركة.

وقالت مارشال لـ"العين الإخبارية"، "الحيلة، في رأيي، ستتمثل ببساطة في عدم الإشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين بالإخوان المسلمين".

وتابعت أن المنظمات التي تخفي روابطها بالإخوان خلف وجه الاندماج وغيره من الأهداف المدنية، ستجد طريقا للتعاون مع المؤسسات الحكومية والحصول على تمويل عام.

وتملك الإخوان الإرهابية وجودا قويا في ألمانيا، عبر منظمة المجتمع الإسلامي، والعديد من المنظمات الصغيرة والمساجد المنتشرة في عموم البلاد.

وتخضع هيئة حماية الدستور مؤسسات الإخوان وقياداتها في ألمانيا لرقابتها، وتصنفها بأنها تهديد للنظام الدستوري والديمقراطي.

عن "العين" الإخبارية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية