الحائزة "نوبل للسلام".. الإيرانية نرجس محمدي: سنوات من الدفاع عن حقوق الإنسان من خلف القضبان

نرجس محمدي.. سنوات من الدفاع عن حقوق الإنسان من خلف القضبان

الحائزة "نوبل للسلام".. الإيرانية نرجس محمدي: سنوات من الدفاع عن حقوق الإنسان من خلف القضبان


07/10/2023

أدت مواقف الناشطة والصحافية الإيرانية البارزة نرجس محمدي إلى اعتقالها مرات عدة من قبل السلطات الإيرانية منذ عام 1998، حين كانت تبلغ من العمر 26 عاما فقط.

واليوم الجمعة، تكللت مسيرة محمدي (51 عاما) التي تقبع في سجن إيفين سيئ السمعة في طهران، بجائزة نوبل للسلام لتكون بذلك المرأة التاسعة عشرة التي تفوز بالجائزة خلال 122 عاما والأولى منذ فوز الفلبينية ماريا ريسا بالجائزة في 2021 بالمشاركة مع الروسي دميتري موراتوف.

لدى محمدي، المتزوجة والأم لطفلين، تاريخ حافل بالنضال للمطالبة بحقوق المرأة ومناهضة التمييز والقمع للنساء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

صِدام مع السلطة

بدأت معاناة محمدي مع سلطات حكم رجال الدين في إيران منذ 32 عاما عندما كانت طالبة حيث بدأت مسيرتها المهنية كناشطة ومدافعة عن حقوق الإنسان.

أدت مواقفها إلى اعتقالها عدة مرات، حيث لم تمضِ سوى بضعة أشهر خارج السجن خلال الفترة بين عامي 1998 و 2011.

اللحظة الفارقة في حياة محمدي حصلت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عندما انضمت إلى "مركز المدافعين عن حقوق الإنسان" الذي أسسته المحامية الإيرانية شيرين عبادي حائزة جائزة نوبل للسلام عام 2003 والمقيمة حاليا خارج إيران.

تعرضت محمدي المعروفة خصوصا بمعركتها للمطالبة بإلغاء حكم الإعدام، للمضايقة والاعتقال عدة مرات قبل أن يتم احتجازها في عام 2015 وحينها كانت تعمل متحدّثةً باسم المركز.

تم توقيفها في مايو 2015 ثم أفرج عنها بكفالة، ليتم بعدها الحكم عليها بالسجن 16 عاما في تهم عدة، بينها "المشاركة في تجمعات والقيام بنشاط ضد الأمن القومي ولنشاطها في دائرة المدافعين عن حقوق الإنسان وكذلك الدعاية ضد الجمهورية الإسلامية".

في أكتوبر 2016 وجهت مجموعة من النواب الإيرانيين رسالة مفتوحة إلى رئيس السلطة القضائية تحض "الجمهورية الإسلامية على الرحمة والرأفة" والإفراج عن الناشطة، التي تعاني من مرض عصبي يسبب شللا في العضلات.

عرف عن سجون إيران التي تؤوي النشطاء والمعارضين السياسيين بأنها سيئة السمعة ومنها سجن إيفين بطهران حيث كانت محمدي تقضب عقوبتها.

نفذت الناشطة الإيرانية إضرابا عن الطعام في يونيو 2016 لتحتج على منعها من الاتصال هاتفيا بولديها اللذين يعيشان مع والدهما في فرنسا. وتراجعت السلطات عن هذا المنع بعد إضرابها الذي استمر 20 يوما.

في سبتمبر 2018 سمحت السلطات الإيرانية للناشطة البارزة، بالخروج من السجن لثلاثة أيام لزيارة والدها المريض.

إفراج واعتقال

في نهاية ديسمبر 2019 نقلت محمدي من سجن إيفين بطهران حيث كانت مسجونة منذ مايو 2015 إلى سجن زنجان شمال غرب إيران.

حاول محاميها الحصول في ذلك العام على إجازة طبية لها لتلقي العلاج لإصابتها بعدة أمراض منها مرض رئوي يجب مراقبة تطوره بانتظام، لكن طلبه رفض ولم يُسمح كذلك لأطباء متخصصين بمعاينتها في السجن موكلته في زنجان".

أُفرج عن محمدي في أكتوبر 2020 ولكنها أوقفت مجدداً فجأة في نوفمبر 2021 في مرآب خارج طهران خلال حضورها تأبينا لشخص قتل خلال تظاهرات عام 2019.

صدر بعدها حكم بالسجن ثماني سنوات عليها من محكمة إيرانية عقب جلسة استمرت خمس دقائق وفقا لزوجها طاغي رحماني المقيم في فرنسا.

لم تكن تفاصيل القضية والحكم على محمدي واضحة في تلك الفترة.

قبل توقيفها الأخير نشطت محمدي إلى جانب عائلات تطالب بالعدالة لأبنائها وتقول إنهم قتلوا بأيدي قوات الأمن خلال تظاهرات 2019.

وحتى خلال وجودها خارج السجن واجهت محمدي في مايو 2021 حكما بـ80 جلدة والسجن لمدة 30 شهرا، بتهمة "الدعاية" ضد نظام الجمهورية الإسلامية و"التشهير" و"التمرد" على سلطة السجون. 

كذلك اتهمت الناشطة بنشر بيان ضد عقوبة الإعدام وتنظيم اعتصام أثناء وجودها في سجن إيفين بطهران.

تعذيب ومضايقة

لم تر محمدي المسجونة نجليها البالغين 16 عاما منذ 8 سنوات، وصارت ظروف احتجازها أكثر تشديدا بالتزامن مع الاحتجاجات التي اندلعت عقب وفاة مهسا أميني العام الماضي.

كذلك لم تر منذ 11 عاما زوجها تقي رحماني الذي أمضى سنوات في السجون الإيرانية قبل أن ينتقل للعيش في المنفى في باريس. 

قررت السلطات في أكتوبر من العام الماضي حرمان محمدي لشهرين على الأقل من بطاقات الهاتف التي تخولها إجراء اتصالات من السجن.

يأتي ذلك بعدما حُرمت قبلها بشهرين أيضا من إجراء مكالمات هاتفية مع طفليها علي وكيانا المقيمين في فرنسا، ولم يعد بإمكانها الآن حتى التواصل مع عائلتها في داخل إيران. 

اعتبر رحماني في مقابلة مع وكالة فرانس برس في باريس أن "النظام السجني في إيران يعذب العائلات"، ويضيف شارحا "إنه لا يعذب السجين فحسب بل عائلته كلها". 

مُنعت نرجس محمدي من التحدث عبر الهاتف مع زوجها المعارض الذي يحظى بشعبية كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقول الأخير "إذا سمعوها تتحدث معي، قطعوا الخط". 

ويضيف "إنهم يعذبون طفلينا الذين لم يتمكنا من رؤية نرجس منذ العام 2015. وأنا لم أرها منذ عام 2010". 

اغتصاب واعتداءات جنسية

عوقبت الناشطة التي تعاني من مشاكل في القلب بـ70 جلدة، وأفرج عنها لفترة وجيزة في أبريل 2022 لأسباب طبية، لكنها نُقلت مرة أخرى إلى سجن قرتشك خارج طهران.

برزت محمدي، وهي إحدى النساء اللواتي غنّين "بيلا تشاو"، كإحدى أكثر السجينات انتقادا للأوضاع في الأشهر الأخيرة. ونددت بأوضاع السجن في إيفين وأيدت الاحتجاجات ضد مقتل مهسا أميني. 

في ديسمبر الماضي، نشرت رسالة مفتوحة من السجن كاشفةً عن اعتداءات جنسية تعرضت لها معتقلات، وأشارت إلى حالات اغتصاب نساء أثناء استجوابهن. 

في تعليق على منحها جائزة نوبل للسلام قالت محمدي في تصريح لصحيفة "نيويورك تايمز"، الجمعة، إن الدعم والتقدير العالميين لدفاعها عن حقوق الإنسان يجعلها "أكثر تصميما وأكثر شعورا بالمسؤولية وأكثر حماسا وأملا".

وقال زوجها تقي رحماني في مقابلة مع رويترز إن "جائزة نوبل هذه ستشجع نضال نرجس من أجل حقوق الإنسان، لكن الأهم من ذلك أنها في الواقع جائزة للمرأة والحياة و(حركة) الحرية".

يصف الباحث والناشط السياسي الإيراني حسن رضا الأحوازي، نرجس محمدي بأنها من النساء الشجاعات في إيران.

ويضيف الأحوازي لموقع "الحرة" أن محمدي، التي تتحدر من الأقلية التركية الأذربيجانية، "اعتقلت وسجنت 11 مرة، وكانت تخرج كل مرة بعزيمة وتحد أكبر حتى يتم اعتقالها مرة أخرى".

ويرى الأحوازي أن "منح جائزة نوبل للسلام هذا العام لامرأة "هو خطوة كبيرة ومهمة لدعم حقوق النساء ومطالبهن بالمساواة والعدالة".

"أما منحها لامرأة إيرانية فله دلالات كبيرة، ويرسل رسالة للنظام بأنه مهما قمع وسجن واعتقل النساء فلن يستطيع منع صوتهن من الوصول للعالم"، وفقا للأحوازي.

وهنأت الناشطة الإيرانية البارزة مسح علي نجاد، نرجس محمدي بمناسبة حصولها على الجائزة وكتبت على منصة "إكس" إن هذه الخطوة "تعتبر صفعة على وجه نظام علي خامنئي الذي أعلن الحرب على شعبه".

وأضافت: "لقد عرفت نرجس منذ ما يقرب من 20 عاما.. التقيت بها لأول مرة في أروقة البرلمان الإيراني عندما كانت توبخ النواب بصوت عالٍ وتدافع عن حقوق السجناء السياسيين".

وتابعت "تحدثنا آخر مرة في عام 2022 قبل أن تعود إلى زنزانتها ولم تنحن في معركتها ضد الجمهورية الإسلامية".

وقالت الحائزة السابقة على جائزة نوبل للسلام شيرين عبادي إنها تأمل في أن يؤدي منح جائزة هذا العام لنرجس محمدي إلى تحقيق الديمقراطية والمساواة للمرأة الإيرانية.

وأضافت عبادي لرويترز "أهنئ نرجس محمدي وكل الإيرانيات على هذه الجائزة... هذه الجائزة ستسلط الضوء على انتهاك حقوق المرأة في الجمهورية الإسلامية... والتي أثبتت للأسف أنه لا يمكن إصلاحها".

عن "الحرة"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية