بعد اختراق مهرجان "يورو فيجن": القراصنة الفلسطينيون يتوعدون إسرائيل بالمزيد

فلسطين

بعد اختراق مهرجان "يورو فيجن": القراصنة الفلسطينيون يتوعدون إسرائيل بالمزيد


19/05/2019

بعد اختراق مهرجان "يورو فيجن" الأسبوع الماضي، ما زال القراصنة الفلسطينيون يتوعدون الاحتلال بهجمات سيبرانية متعددة ذات دقة عالية وآثار فادحة. فقد أحدثت المقاومة الفلسطينية نوعاً جديداً من الحروب، وباتت تشكل تهديداً مركزياً لإسرائيل خلال القرن 21؛ بدخولها في معركة جديدة لا تستخدم فيها القذائف والهجمات المسلحة، من خلال اقتحامها عالم الفضاء الإلكتروني، واستخدام ما يعرف بـ "حرب السايبر"، ومهاجمة العشرات من المواقع الحكومية والإستراتيجية الإسرائيلية، لإلحاق خسائر فادحة في أنظمتها الرقمية، والتي لم تتوقعها أجهزة الاستخبارات الصهيونية.

اقرأ أيضاً: مسيحيّو فلسطين اعتصموا بالثورة والمقاومة وأناروا العالم بحضورهم
وتعرضت دولة الاحتلال الإسرائيلي، في نيسان (أبريل) 2013، لأضخم هجوم إلكتروني، اخترقت به مجموعة من الهاكرز الفلسطينيون، وقراصنة متعاطفون مع القضية الفلسطينية، العشرات من المواقع الأمنية والحكومية الحساسة، كان من أبرزها: مهاجمة موقع جهاز الموساد الإسرائيلي، ووزارة الحرب الإسرائيلية، وسوق الأوراق المالية، وموقع رئاسة الوزراء الصهيونية، ومواقع أخرى عديدة، وأدّى إلى إغلاقها لساعات متواصلة، وبُثّت عليها رسائل داعمة للقضية الفلسطينية، وشعارات تندد بالسياسة الإسرائيلية العنصرية التي تنفذها ضدّ السكان الفلسطينيين.
 هذا النوع من الحروب الإلكترونية غير التقليدية، تصعب مواجهتها والقضاء عليها بسهولة

حرب عالمية ثالثة
أستاذ هندسة الإلكترونيات وعلوم الحاسوب، لؤي سالم، يقول لـ "حفريات": إنّ "الاحتلال الإسرائيلي أمام حرب عالمية ثالثة تخوضها المقاومة الفلسطينية ومجموعة من القراصنة حول العالم، والذين لا يمتلكون سوى قدرة عالية على التفكير، مستخدمين الفيروسات والبرمجيات المتقدمة، في ظلّ الإمكانيات الضئيلة التي تعمل بها المقاومة الفلسطينية، مقارنة بالتكنولوجيا والتقنيات الإسرائيلية المتقدمة، إلا أنّها استطاعت إحداث اختراقات فعلية، وأدّت إلى خسائر معنوية وأمنية غير مسبوقة لدى الاحتلال".

خبير برمجيات لـ"حفريات": الاحتلال الإسرائيلي أمام حرب عالمية ثالثة تخوضها المقاومة الفلسطينية ومجموعة من القراصنة حول العالم

ويشير إلى أنّ "الحروب التقليدية، التي يستخدم بها الرصاص والصواريخ، يمكن حسمها بالقضاء على الخصم، لكنّ هذا النوع من الحروب الإلكترونية غير التقليدية، تصعب مواجهتها والقضاء عليها بسهولة، وهي عمليات منظمة، وغير عشوائية، وتعتمد أحدث البرامج للدخول إلى الأنظمة الإلكترونية، واختراقها، وسرقتها، وهو الأمر الذي يثير الذعر لدى دولة الاحتلال من تعرضها لهجوم إلكتروني، يؤدي إلى شلل تامّ في مواقعها الإستراتيجية والأمنية، ولن تستطيع السيطرة عليه سريعاً، لاحتواء حرب السايبر على وسائل متطورة غاية في التطور والتعقيد".

وأكد سالم أنّ الهجمات الإلكترونية تؤرق الاحتلال الإسرائيلي، في ظل "اعتماد المؤسسات الحكومية، والمرافق المختلفة في إسرائيل؛ كالكهرباء والماء، والقطاع المصرفي، والأقمار الاصطناعية، والتقنيات الحربية، على شبكة الإنترنت؛ حيث يساهم الاعتماد على التقنيات المتقدمة في الكيان الصهيوني في نمو اقتصادها، وقد بلغ حجم استثمار دولة الاحتلال في الشبكة العنكبوتية أكثر من 90 مليار شيكل، خلال عام 2015، وهو ما يعادل 9% من الناتج المحلي الصهيوني".

اقرأ أيضاً: مثقفون مصريون: المقاومة سبيل الفلسطينيين الوحيد إلى الحرية
ولفت إلى أنّ "الاحتلال الإسرائيلي يخشى من قيام المقاومة الفلسطينية من تنفيذ هجمات إلكترونية جديدة، قد يستمر تأثيرها لفترات طويلة، رغم أنّ إسرائيل من الدول المتطورة في الصناعات الإلكترونية والرقمية، منذ تسعينيات القرن الماضي، وأنّه كلّما زاد اعتماد دولة إسرائيل على توظيف التكنولوجيا داخل مؤسساتها، تتنامى فرص تعرضها للهجمات الإلكترونية، أو ما يعرف بالحرب الباردة، وبالتالي؛ تكبيدها خسائر مالية باهظة".

اقرأ أيضاً: هكذا يحيي الفلسطينيون ذكرى نكبتهم الـ 71

واستدرك سالم بأنّ "الحكومة الإسرائيلية قامت، خلال العام 2015، بإنشاء هيئة السايبر الوطنية لمواجهة محاولات اختراق المقاومة الفلسطينية لمواقعها وحصولها على معلومات سرية عن الدولة العبرية؛ لإدراك إسرائيل مدى مخاطر الفضاء الإلكتروني في التأثير عليها، أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، إضافة إلى قيام الاحتلال بتجنيد جيش من المقاتلين التقنيين لحماية مراكز المعلومات الصهيونية، وتمّ إنشاء عدة وحدات أمنية، منها وحدة "مستيفان"، وهي المسؤولة عن الهجمات الإلكترونية التي يقوم بها الاحتلال، ووحدة "8200"؛ وهي من أكبر الأجهزة الأمنية السرية في إسرائيل، التي تقوم بالقرصنة الإلكترونية حول العالم".

اقرأ أيضاً: لاجئون فلسطينيون في ذكرى النكبة يقاومون النسيان بسلاح الأمل

وتوقع سالم أنّ يؤثر التطور التكنولوجي المتواصل لدى المقاومة الفلسطينية، سلباً في إسرائيل، "وسيؤدي بدوره إلى زيادة الهجمات ضدّها، كمّاً نوعاً، وبالتالي ستكتوي إسرائيل بنيران التكنولوجيا والخبرات التقنية، التي استغرقت أعواماً عديدة في تطويرها، دون السيطرة المطلقة على الهجمات الفلسطينية، الأمر الذي سيدفعها إلى اللجوء للخبرات الخارجية، للتصدي لأيّة هجمات إلكترونية مفاجئة تقع ضدها".

أصبحت تعرف بأنّها مجال قتال جديد، وذلك لتأثيرها على الأعداء ومحاربتهم عبر الفضاء الإلكتروني

اختراق مواقع إسرائيلية مهمّة
الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي، عدنان عبيات، يعتقد أنّ "المقاومة الفلسطينية تلجأ إلى مهاجمة الاحتلال الإسرائيلي لوجود ثغرات وفجوات كبيرة بين الاحتياطات الدفاعية عن البنية التحتية الأمنية، وبين الدفاع عن البنى المدنية، وهو ما يدفع المقاومة للتركيز على هذه الجوانب في محاربة الكيان الصهيوني عبر الفضاء الإلكتروني، لإلحاق الأضرار الجسيمة فيها، وتعطيل عمل مرافق الدولة الصهيونية؛ كالكهرباء، والبنوك، والطائرات بدون طيار، وغيرها، باعتبارها خاصرتها الضعيفة، والتي قد يتسلل إليها المقاومون، والتأثير عليها، وتعطيلها عن العمل".

هآرتس: الجيش الإسرائيلي رصد في الآونة الأخيرة محاولات من قبل المقاومة الفلسطينية للحصول على معلومات سرية من جنود الجيش

ويعدد عبيات لـ "حفريات" مزايا الهجمات الإلكترونية "حتى أصبحت تعرف بأنّها مجال قتال جديد، وذلك لتأثيرها على الأعداء ومحاربتهم عبر الفضاء الإلكتروني، أينما تواجدوا، على اليابسة والماء، وفي الفضاء، والذين يبعدون ألاف الكيلومترات، وقد أثبتت المقاومة الفلسطينية قدرتها على اختراق مواقع إلكترونية إسرائيلية حساسة، والسيطرة على بثّ قنوات إسرائيلية والتحكّم فيها، واختراق حسابات وأرقام هواتف مئات الجنود الإسرائيليين، وشكّل ذلك مرحلة جديدة من استخدام الهجمات الإلكترونية في مجال القتال، دون إلحاق خسائر بشرية بالمهاجمين".

ويرى أنّ المقاومة الفلسطينية استطاعت تطوير قدراتها التقنية، مع التطور التكنولوجي، "وهو ما تدركه إسرائيل جيداً؛ من أنّ المعركة القادمة هي حرب العقل للعقل، وبات لدى الجيش الإسرائيلي مخاوف كبيرة من قدرة المقاومة على اختراق قواعد أمنية وعسكرية حساسة، والوصول إلى حسابات عدد من الجنود الإسرائيليين، كما حصل سابقاً، والذين دأبوا على تزويد المقاومة بمعلومات وصور سرية عن بعض المواقع العسكرية، وهو ما دفع جيش الاحتلال إلى إعطاء توجيهاته لجنوده بمتابعة حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، والتأكد من الأشخاص، لتجنّب وقوعهم في فخّ الحسابات المزيفة، والتي قد يقف وراءها سايبر فلسطينيون".

 الحرب الإلكترونية هي معركة إضافية بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية

إسرائيل الحلقة الأضعف
ويشير إلى أنّ الحرب الإلكترونية هي معركة إضافية بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، مؤكداً أنّ القدرات التقنية والتكنولوجية بين الجانبين، هي التي ستحدد مَن يمكنه الوصول إلى المعلومات التي من شأنها إحداث خسائر فادحة بالآخر. وقال إنّ "الاحتلال هو الحلقة الأضعف في هذه المواجهة، والتي لا تقل أهمية عن المواجهة العسكرية؛ لاعتماد مصالحه الأمنية والعسكرية والاقتصادية والتعليمية والقضائية على الشبكة العنكبوتية، وقد اعترف روني بكار، المسؤول الإسرائيلي في عالم السايبر، بأنّ "دولة إسرائيل لا تمتلك القوة اللازمة لمواجهة أيّ هجوم إلكتروني من قبل المقاومة الفلسطينية، ولا يوجد أمامها سوى الجلوس ومشاهدة الحرب التي تدور بين القراصنة"، بحسب وصفه.

اقرأ أيضاً: ماذا يعني تهديد السلطة الفلسطينية بالخروج من بروتوكول باريس؟

وبيّن عبيات أنّ الاحتلال الإسرائيلي يسعى جاهداً لمحاولة القضاء على القدرات التكنولوجية للمقاومة الفلسطينية، "وهو ما ظهر جلياً خلال التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وقصف وتدمير الاحتلال لعدد من المباني السكنية، بحجة أنّها مراكز سايبر تتبع للمقاومة الفلسطينية، والمسؤولة عن إسقاط الطائرات الإسرائيلية بدون طيار". لكن ما يغيب عن إسرائيل، في نظر عبيات أنّ الحرب الإلكترونية "لا تحتاج إلى مبانٍ وبنية تحتية للقيام بها؛ حيث يستطيع الهاكرز القيام بعملية الاختراق في ظروف وأماكن لا يتوقعها الاحتلال، كما تستطيع المقاومة الاستعانة بمناصرين لها في عدة دول عربية وأوروبية، للقيام بتلك العمليات، وما يصدر عن الاحتلال ليس سوى حرب نفسية وإعلامية، تجنباً لأيّة هبة أو انتفاضة يقوم بها الرأي العام الإسرائيلي ضدّ الحكومة الصهيونية".
جرى افتتاحه، في 14 أيار (مايو) الجاري

اختراق مهرجان "يورو فيجن"

الأسبوع الماضي شهد قيام مجموعة من الهاكرز باختراق موقع "كان" الإسرائيلي، خلال البثّ الأول والمباشر لموقع مهرجان الأغنية الأوروبية "يورو فيجين"، والذي جرى افتتاحه، في 14 أيار (مايو) الجاري، وتمّ نشر رسائل تهديد بقصف مكان إقامة المهرجان داخل إسرائيل، وتمكّن الهاكرز من بثّ تحذير صادر عن جيش الاحتلال الإسرائيلي، يحذر فيه من هجوم صاروخي على مكان المسابقة، ويدعو للتوجه إلى الملاجئ، وفق صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية.
وهذا ليس الحدث الأول من هذا النوع وبهذا الحجم والدقة؛ فقد كشف جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، في كانون الثاني (يناير) 2017؛ اخترق خلية تابعة لحماس المئات من أجهزة الاتصالات الخلوية لجنود بالجيش الإسرائيلي، والتنصت على مكالماتهم ورسائلهم، وقرصنة معلومات سرية، بحسب الإذاعة الإسرائيلية العامة.

اقرأ أيضاً: ألا تستحق الثورة الفلسطينية تخليدها في متحف؟

وبعد أيام على الهجوم، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أنّ قيادة الجيش الإسرائيلي رصدت في الآونة الأخيرة محاولات من قبل المقاومة الفلسطينية، للحصول على معلومات سرية من جنود الجيش، عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

ووفق الصحيفة؛ فقد أفادت مصادر عسكرية إسرائيلية بأنه جرى "ضبط عشرات الأسماء المستعارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لفتيات هنّ بالأصل عناصر تتبع للمقاومة، واستطعن التحدث مع العشرات من الجنود النظاميين والاحتياطيين، وحصلن على معلومات سرية، وتمكّنّ من اختراق هواتفهم الخلوية، بفيروسات وبرمجيات خطيرة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية