بعد الكشف عن برنامجها الصاروخي...هل تنجح السعودية في تحقيق توازن عسكري بالمنطقة؟

بعد الكشف عن برنامجها الصاروخي...هل تنجح السعودية في تحقيق توازن عسكري بالمنطقة؟


29/12/2021

تسعى المملكة العربية السعودية لتحقيق توازن صاروخي في المنطقة ضد الأعداء الإقليميين، بما في ذلك إيران وحلفاؤها، التي تستعرض بشكل شبه يومي قدراتها الصاروخية دون الاكتراث بدول كبرى أو بمحاذير دولية تتعلق بالتسلح الصاروخي، خاصة بعيدة المدى.

التعنت الإيراني دفع دولاً كالمملكة العربية السعودية للبحث عن سبل إيجاد توازنات عسكرية في المنطقة، وهي الوسيلة المثلى لضمان عدم تمادي إيران، التي تحاول التوسع في الدول العربية، وفرض أجندتها بوساطة ميليشيات تابعة لها تدير أعمالها تحت لواء الطائفية بأجندات بعيدة عن المصالح الوطنية أو القومية العربية.

التعنت الإيراني دفع دولة كالسعودية للبحث عن سبل إيجاد توازن عسكري في المنطقة، لضمان عدم تمادي إيران، التي تحاول التوسع في الدول العربية وفرض أجندتها

ورغم أنّ التعاون السعودي الصيني في القطاعات العسكرية منذ ثمانينيات القرن الماضي، إلّا أنّ شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية أعادت فتح الملف قبل أسبوع تقريباً بمعلومات حصلت عليها من الاستخبارات الأمريكية، تفيد بأنّ السعودية تعمل الآن بنشاط على تصنيع صواريخها الباليستية بمساعدة الصين.

ولفتت الشبكة إلى أنّ صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها تشير إلى أنّ المملكة تقوم حالياً بتصنيع الأسلحة في موقع واحد على الأقل.

إقرأ أيضاً : العراق يعلن عن فحوى مباحثات شراء الطاقة الكهربائية من السعودية

وقالت الشبكة: إنّ صور الأقمار الصناعية تشير إلى أنّ المملكة تقوم بالفعل بتصنيع صواريخ باليستية في موقع تم إنشاؤه مسبقاً بمساعدة صينية، مشيرة إلى أنّه وفقاً للخبراء الذين حللوا الصور، ومصادر أكدت أنّ هذه الصور والمعلومات تعكس تطورات تتفق مع أحدث تقييمات الاستخبارات الأمريكية.

شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية: السعودية تعمل الآن بنشاط على تصنيع صواريخها الباليستية بمساعدة الصين

وقالت مصادر لــ"سي إن إن":  إنّه "تمّ إطلاع المسؤولين الأمريكيين في العديد من الوكالات، بما في ذلك مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، في الأشهر الأخيرة، على معلومات استخبارية سرّية تكشف عن عمليات نقل متعددة واسعة النطاق لتكنولوجيا الصواريخ الباليستية الحساسة بين الصين والمملكة العربية السعودية".

ولم تصدر السعودية تعليقاً رسمياً حول تلك التقارير حتى اللحظة، وقد علّق متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية بأنّ "البلدين شريكان استراتيجيان شاملان، وحافظا على تعاونهما في كافة المجالات، بما في ذلك التجارة العسكرية".

وأكد أنّ "مثل هذا التعاون لا ينتهك أي قانون دولي، ولا ينطوي على انتشار أسلحة الدمار الشامل".

"التايمز": السعوديون بنوا ترسانة صواريخ سرّية بمساعدة الصينيين، والبرنامج الصاروخي تطور بشكل يفوق التوقعات السابقة

وحول إمكانية السعودية الصاروخية، نشرت التايمز تقريراً لمراسلها لشؤون الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر حول الموضوع نفسه قبل أيام بعنوان: "السعوديون بنوا ترسانة صواريخ سرّية بمساعدة الصينيين".

ولفتت في تقريرها إلى أنّ أعضاء في الكونغرس الأمريكي اكتشفوا أنّ البرنامج الصاروخي للسعودية تطور بشكل يفوق التوقعات السابقة.

ونظراً لأهمية الموضوع تناولته في تقرير تحليل وكالة مهر للأنباء وموقع الخندق للإيرانيين، مستعرضة القدارت السعودية في هذا القطاع.

وسائل إعلام إيرانية تتناول الحدث لأهميته، وتستعرض البرامج الصاروخية السعودية منذ ثمانينيات القرن الماضي

وقالت: إنّ السعودية نشطت في هذا المجال منذ أواخر الثمانينيات، عندما بدأت بالاعتماد على استيراد الصواريخ من الصين، لكنّها مؤخراً لجأت إلى مجال التصنيع المحلي بمساعدة صينية.

وأضافت أنّ منذ العام 1988 استوردت حوالي (50) صاروخاً صينياً من نوع  DF- 3  إضافة إلى منصات إطلاق لا تقلّ عن (10) منصات.

إقرأ أيضاً: قائد إيراني: نتواصل مع السعودية والإمارات... وهذه النتيجة

في عرض دفاعي في 29 نيسان (إبريل) من العام 2014، عرضت السعودية علناً لأول مرة صاروخين من هذا النوع الأحادي المرحلة التي تعمل بالوقود السائل، الذي قد يصل مداه إلى (2500) كيلومتر، مع حمولة (2000) كغ، أو قد يصل إلى (3000) كم برأس حربي أخف.

وأضافت الوكالات العالمية ضمن استعراضها أنّه في العام 2007 أوردت بعض وسائل الإعلام أنّ الرياض حصلت على صواريخ من طراز DF-21، ذات الوقود الصلب والأقل تعقيداً من الصين.

وسائل الإعلام الإيرانية: البرنامج نما بسرعة، منذ أن أعلنت السعودية عن مبادرة للحصول على أسلحة نووية كإجراء مضاد للنووي الإيراني

ووفقاً لمقال نُشر في مجلة Newsweek عام 2014 بقلم جيف شتاين، وافقت سي آي إيه على هذا الاستحواذ، بشرط أن يتمّ تعديل رؤوس الصواريخ، بحيث لا يمكنها أن تحمل أسلحة نووية.

ويبلغ مدى الصاروخ DF-21 حوالي (1700) كيلومتر، لكنّ ما يميزه الدقة العالية مع CEP  تُقدّر بـ (300) متر، وتبلغ سرعته النهائية (10) ماخ.

في العام 2019 كشفت الصور الجوية المأخوذة لقاعدة صواريخ الوطا أنّ السعودية أنشأت مصنعاً لإنتاج محركات تعمل بالوقود الصلب، وكان المؤشر الرئيسي على ذلك هو وجود منصة اختبار للمحرك الصاروخي، تشبه إلى حد كبير ما يوجد في منشأة صينية، لكن على نطاق أصغر.

زادة: نحن لا نعارض قدرة وتقدم أيّ دولة في المنطقة، لكنّنا لا نتفق على أن تكون قدرة هذه الدول ضد جيرانها

وأضافت وسائل الإعلام الإيرانية أنّ الملفت للنظر هو أنّ هذا البرنامج نما بسرعة منذ أن أعلنت السعودية ودول عربية أخرى في الخليج خلال العام 2009 عن مبادرة للحصول على أسلحة نووية، كإجراء مضاد للبرنامج النووي الإيراني.

ورغم القلق الذي بدا على النظام الإيراني من تلك المعلومات، إلّا أنّ لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علقت أول من أمس على التقارير التي تفيد بأنّ الصين تساعد السعودية في إنتاج الصواريخ الباليستية.

إقرأ أيضاً: حوار أمني بين السعودية وإيران في عمّان: معضلة بناء الثقة

وادّعى المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني محمود عباس زاده، في تصريح مع موقع "انتخاب" الإيراني، أنّ إيران غير قلقة حيال العلاقة التي تجمع بكين والرياض.

وأضاف: "الصين تقيم علاقات مع إيران والسعودية دون التدخل في العلاقات بينهما، ونحن نحترم ما تقوم به"، متابعاً: "دول الجوار هم أصدقاؤنا، ولسنا قلقين من العلاقة بين بكين والرياض".

حمد اعتبر أنّ إقامة منشآت سعودية لبناء الصواريخ الباليستية خطوة مهمة لتطوير قدرات دفاعية من شأنها إحلال التوازن العسكري، ويجب على دول الخليج دعمها

وتابع قائلاً: نحن لا نعارض قدرة وتقدّم أيّ دولة في المنطقة، لكنّنا لا نتفق على أن تكون قدرة هذه الدول ضد جيرانها"، زاعماً أنّ إيران بطبيعة الحال هي أقوى دولة في المنطقة، وقوتها تخدم سلام وأمن الدول الإسلامية في المنطقة، دون التطرق للميليشيات المسلحة الموزعة في اليمن ولبنان والعراق وسوريا، التي تحاول نشر أجندتها بقوة السلاح، وتقسيم البلاد، واختلاق الأزمات، والاعتداء على دول الجوار.

من جهته، علّق رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم على تقرير قيام المملكة العربية السعودية بتطوير صواريخ باليستية بمساعدة من الصين، قائلاً: "إنّها تعتبر خطوة مهمّة".

إقرأ أيضا : هل تستطيع إسرائيل وحدها مهاجمة إيران؟

وأضاف الشيخ حمد في تغريدة لصفحته بتويتر: "إذا كانت الأخبار المتداولة صحيحة بأنّ المملكة العربية السعودية أقامت منشآت لبناء الصواريخ الباليستية، فإنّني اعتبرها خطوة مهمّة في الاتجاه الصحيح لتطوير قدرات دفاعية من شأنها إحلال التوازن العسكري في منطقتنا، ومن هنا فإنّه يجب على بقية دول الخليج أن تدعم هذا التوجّه وتشجعه".

ولأعوام عديدة كانت السعودية تحت المظلة الأمنية الأمريكية، ومن المستبعد أن تتضرر هذه العلاقة في المرحلة المقبلة، لكنّ الرياض تتفاعل مع سياسة "التوازن خارج المجال" التي تتبناها واشنطن من خلال تنويع شركائها الاستراتيجيين، وكذلك التعبير عن عدم رضاها تجاه السياسة الأمريكية في التعامل مع إيران، وتشعر دول المنطقة بخيبة أمل من عدم إدراج قضية الصواريخ الإيرانية والسياسة الإقليمية في المحادثات النووية مع إيران في فيينا.

الرياض نجحت في تحقيق مساعيها من خلال التعاون مع الصين في مجال الصواريخ، لتحقيق التوازن ضد أعداء معروفين، رغم أنّهم يعملون بالخفاء في المنطقة، وسيكون للبرنامج الصاروخي السعودي الأثر الكبير في الخارطة الدبلوماسية والخلافات الدولية في المنطقة.

الصفحة الرئيسية