بعد الهزيمة الانتخابية المدوية.. كيف فشل “إخوان” الكويت في لعبة التوازنات العشائرية؟

بعد الهزيمة الانتخابية المدوية.. كيف فشل “إخوان” الكويت في لعبة التوازنات العشائرية؟

بعد الهزيمة الانتخابية المدوية.. كيف فشل “إخوان” الكويت في لعبة التوازنات العشائرية؟


16/04/2024

سامح إسماعيل

صوّت الكويتيون لصالح إعادة انتخاب أغلبية أعضاء البرلمان المنحل قبل شهرين، في انتخابات شهدت إقبالاً كبيراً على التصويت، حيث أعلن المسؤولون أن 62 بالمئة من الكويتيين ممّن يحق لهم التصويت، والبالغ عددهم 834.733 شاركوا في الانتخابات الأخيرة. وبحسب النتائج، احتفظ 39 من أصل 46 عضواً – ترشّحواـ في البرلمان السابق بمقاعدهم.

وكان الأمير الشيخ مشعل الأحمد، الذي خلف أخيه غير الشقيق، في كانون الأول/ ديسمبر الفائت، حلّ البرلمان الأخير، في فاصل جديد من الصراع بين البرلمان والحكومة، بداعي استخدام النائب عبد الكريم الكندري، لغة اعتبرت غير دستورية. وللمفارقة، فقد أُعيد انتخاب الكندري، بنسبة عالية من الأصوات في دائرته الانتخابية.

وقبل أيام من الانتخابات، شدّد الأمير مشعل على ضرورة محاربة “الفوضى”، وهي كلمة استخدمها مراراً في خطاباته منذ تولّى الحكم بعد وفاة الشيخ نواف.

“الإخوان” أبرز الخاسرين

أسفرت الانتخابات التشريعية الأخيرة في الكويت، عن هزيمة غير مسبوقة للحركة الدستورية الإسلامية (حدس)، الذراع السياسية لـ”الإخوان المسلمين”، حيث خرجت الحركة بمقعد واحد، اقتنصه القيادي عبد العزيز الصقعبي، بينما فشلت الحركة في حسم ثلاثة مقاعد أخرى ترشحت عليها بأبرز قياداتها، حيث فشل مرشّحو الحركة الرسميينَ: محمد المطر، وحمد المطر، ومعاذ الدويلة في دوائرهم، كما فشل مرشّحو الظل: عبدالله العنزي، وعلي الكندري، وحمد المدلج، وحمد العليان في المرور إلى البرلمان.

الخسارة المدوية فجرت خلافات عميقة داخل الحركة الدستورية الإسلامية، وهي خلافات كانت سابقة على الانتخابات، وحاولت الحركة استيعابها قدر الإمكان، حتى لا تتأثر الحملة الانتخابية للتيار، في ظل ضغوطات عشائرية وعائلية، فجرتها الأذرع المتنافسة داخل “حدس”.

بداية الأزمة جاءت مع إعلان النائب “الإخواني”، أسامة الشاهين، الاحجام عن خوض الانتخابات في الدائرة الأولى، التي اعتاد حسم مقعدها منذ العام 2012، وهي دائرة تتمتع فيها عائلة الشاهين بشعبية ونفوذ كبيرين، نظراً لجذورها التي تمتد إلى بني تميم، وسبق أن فاز والده في العام 1981، بعضوية “مجلس الأمة”، وترأس اللجنة التشريعية فيه.

وبحسب مصدر مطّلع، مقرّب من الحركة الدستورية الإسلامية، تواصلت معه “الحل نت”، فإنّ عبد الرحمن عبد الغفور، رئيس المكتب السياسي للحركة، اجتمع بشكل فردي مع الشاهين، محاولاً إثنائه عن قراره، إلّا أن الأخير رفض بشكل قاطع خوض الانتخابات، مؤكداً أنّه غير مؤهّل في الفترة المقبلة لتحمّل الضغوطات التي تتعرض لها المعارضة، وأنّه من جهة أخرى يتطلع إلى إنهاء دراسته للدكتوراة في القانون، الأمر الذي يتطلب منه التفرغ بعض الشيء.

الشاهين حذّر من الانصياع للمنافسات العائلية داخل “حدس”، وعدم اختيار خليفة مناسب له على مقعد الدائرة، قبل أن يدخل في عزلة؛ رافضاً الخضوع للضغوطات التي مارسها المكتب السياسي للحركة، وبالأخص الأمين العام مساعد السعيدي، ونائبه محمد الشامري.

الصراعات العائلية تنهك “الإخوان”

سرعان ما اشتعلت المنافسة داخل “حدس” على مقعد الدائرة الأولى، حيث طالبت عشيرة العوازم بالدفع بمرشح لها على مقعد الدائرة الأولى خلفاً لأسامة الشاهين، بوصفها أبرز البيوتات الإخوانية في الكويت، بينما زَكّى النائب والقيادي الإخواني حمد المطر، الدفع بالدكتور محمد المطر على مقعد الدائرة خلفاً للشاهين.

الحركة الدستورية الإسلامية انشغلت بصراع الأجنحة العشائرية على مقعد الدائرة، دون التحضير الجيد لخوض الانتخابات، وتأجل حسم اسم المرشح، وسط خلاف بين جناح الصقعبي، الذي كان يميل، بحسب المصادر المطلعة، إلى اختيار محمد العازمي، في حين احتج حمد المطر بتزكية أسامة الشاهين للدكتور محمد المطر، والذي انتهى الأمر باختياره، الأمر الذي فجر غضب العوازم، والذين قرروا الدفع بالمرشح محمد العازمي، مع التصويت العقابي ضدّ مرشح “حدس”، بينما لم تبد القوة التصويتية الخاصة ببني تميم، مسقط رأس آل شاهين، حماسها المعتاد للمشاركة في التصويت، لينتهي الأمر بخروج محمد المطر من قائمة الفائزين العشرة في الدائرة، والتي ضمت محمد العازمي.

العوازم نجحوا أيضاً في حسم أحد مقاعد الدائرة الثانية، بفوز مرشّحهم نواف العازمي، بينما خرج القيادي في “حدس” والنائب السابق، حمد المطر، خالي الوفاض.

الارتباك الذي ألحقته النتائج بالحركة الدستورية الإسلامية، وصل ذروته بهزيمة المرشح القوي معاذ الدويلة، في الدائرة الرابعة، الأمر الذي فجر أزمة مدوية داخل الحركة، ما استدعى اجتماعاً عاصفاً ضمّ عدداً من قيادات الحركة، في محاولة لاستيعاب النتائج المفاجئة، وسبر أغوار المرحلة المقبلة، التي تبدو مدخلاً لخريف إخواني جديد.

وبحسب مصادر مطّلعة داخل “حدس”، فإنّ الاجتماع شهد حضور النائب عبد العزيز الصقعبي، وبالإضافة إلى رئيس المكتب السياسي عبد الرحمن عبد الغفور، والأمين العام مساعد السعيدي، ونائبه محمد الشامري، بالإضافة إلى القيادي ناصر الصانع والدكتور محمد الدلال، وبحسب المصدر فقد وُجهت الدعوة إلى أسامة الشاهين للحضور، إلّا أنّه اعتذر لاحقاً.

ووفق المصدر، الذي تواصلت معه “الحل نت”، انتقد عبد العزيز الصقعبي طريقة المكتب السياسي في اختيار المرشحين، كما حمّل أسامة الشاهين مسؤولية خسارة مقعد الدائرة الأولى، وهو ما أيده ناصر الصانع، مطالباً بسرعة إنجاز جملة من التحالفات مع عدد من النواب المحسوبين على “حدس”، وتفعيل ما أسماه بمبدأ الضرورة، من أجل الدخول ضمن تحالف إسلامي موسع، وهو ما تحفظ عليه عبد الرحمن عبد الغفور، الذي طالب بمراعاة المسافات البينية مع التيار السلفي، وكذا التيار الشيعي.

عبد الغفور أبدى في الوقت نفسه تفهّماً لمطالبات الصقعبي باستمالة العوازم، وإعادة التحالف فيما بينهم وبين “الإخوان”، وكُلف القيادي محمد الدلال بفتح خطوط الاتصال مع العشيرة ونوابها.

معطيات الخريف الإخواني

في 4 آذار/ مارس الفائت، أصدرت اللجنة العليا للتحقيق في الجنسية الكويتية، قراراً بسحب الجنسية من حاكم المطيري رئيس حزب الأمة السياسي في الكويت، وهو قيادي إخواني كبير، باعتباره متطرف ويشكل تهديداً للدولة،التي لا تعترف بحزب الأمة، أحد الأذرع الإخوانية في الكويت. 

يذكر أن المطيري، المقيم حالياً في تركيا، غادر الكويت منذ سنوات، جراء صدور أحكام من المحكمة العليا ضدّه في قضايا سياسية.

هذا وجاء قرار اللجنة بإسقاط الجنسية عن المطيري، بناء على المادة 11 من المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 في شأن قانون الجنسية الكويتية. 

جدير بالذكر أنّه في تموز/ يوليو 2020، اتُهم المطيري في قضية “تسريبات القذافي”، والتي تشير وقائعها إلى أن المطيري عقد لقاءات مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، بهدف التخطيط لإثارة الفوضى في منطقة الخليج، وأنّه طلب دعماً مالياً من القذافي للإطاحة بالنظام الحاكم في الكويت.

وفي كانون الأول/ ديسمبر 2023، اعتقلت السلطات التركية المطيري، على خلفية طلب ترحيله الصادر عن الكويت، إلّا أن السلطات التركية لم تنفذ طلب الترحيل.

قرار سحب الجنسية من المطيري، أثار حفيظة عدد من قيادات “الإخوان”، والتي استشرفت تحوّلاً في موقف الأمير الجديد تجاه الإخوان، حيث بات من الواضح أن التوازنات التي حكمت علاقة الجماعة بالقصر، أصبحت مهددة، وأن متغيراً سياسياً شديد الخطورة، بات يتهدد مستقبل “الإخوان” في الكويت.

مؤشر آخر يمكن رصده في سياق التحول في العلاقة بين الدولة بعمقها الأمني والإخوان، تجلى في رفض الجهات الأمنية دعوات التظاهر التي دعت إليها الحركة الدستورية الإسلامية في ساحة التحرير لنصرة فلسطين، كما ضيقت الدولة التحركات التي اعتاد “الإخوان” ممارستها من أجل توظيف القضية الفلسطينية، وخاصّة ما يتعلق بالجهود الإغاثية.

وفيما يبدو، فإنّ الحركة الدستورية الإسلامية، ربما تلجأ إلى اتباع استراتيجية الكمون الاستراتيجي، وعدم الدخول في الصراع المرتقب بين البرلمان المنتخب حديثاً والحكومة، مع السعي تجاه بناء تحالفات متنوعة مع التيار الإسلامي، ونواب القبائل، بالتزامن مع حسم الصراع العشائري داخل الحركة، وكلّها معطيات تنذر بمخاض عسير لمستقبل غامض، يكتنف مستقبل “الإخوان” في الكويت.

عن "الحل نت"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية