تفرّد حماس ببلديات غزة يثير موجة من الانتقادات والرفض الشعبي

تفرّد حماس ببلديات غزة يثير موجة من الانتقادات والرفض الشعبي


18/08/2020

موجة من الانتقادات والرفض الشعبي والفصائلي شهدها قطاع غزة، بعد إجراء وزارة الحكم المحلي، التي تتبع حركة حماس، سلسلة تغييرات في عدة مجالس بلدية، كانت أبرزها: بلديات غزة وخان يونس ورفح، أكبر بلديات القطاع، كما عيّنت أخيراً مجالس جديدة لكلّ من بلدية بيت لاهيا ودير البلح والمغازي، بعد إقالة الحركة التي سيطرت على قطاع غزة بانقلاب عسكري منذ عام 2007، رؤساء المجالس البلدية، الذين تمّ تعيينهم إبان السلطة الفلسطينية، واستبدالهم بشخصيات عمدت على اختيارها ممن ينتمون إليها، أو من المؤيدين لها، بعيداً عن إجراء أيّة انتخابات محلية.

صرح وكيل وزارة الحكم المحلي، التي تديرها حماس، إبراهيم رضوان لوسائل إعلام بأنّ اعتماد هذه الطريقة بانتخاب رئيس جديد لبلدية غزة جاء "في ظل استمرار تعطل إجراء الانتخابات المحلية"

وصرح وكيل وزارة الحكم المحلي، التي تديرها حماس، إبراهيم رضوان لوسائل إعلام بأنّ اعتماد هذه الطريقة بانتخاب رئيس جديد لبلدية غزة جاء "في ظل استمرار تعطل إجراء الانتخابات المحلية".

وأوضح رضوان أنّ عملية انتخاب رئيس بلدية غزة الجديد "شارك فيها نخب مجتمعية وممثلو مؤسسات وهيئات محلية ونقابات مهنية ورؤساء جامعات".

مبنى بلدية خان يونس

ووفق القانون الأساسي الفلسطيني لعام 2005؛ فإنّ رؤساء المجلس البلدي، يتمّ تعيينهم عن طريق الانتخابات المحلية، وبعدها يشكّل الرئيس البلدي المنتخب المجلس، بعد مشاورات مع وجهاء المنطقة، ثمّ يمارس المجلس البلدي صلاحيته حتى انتخاب مجلس جديد، ولا يتمّ اختيار رئيس البلدية عن طريق التعيين، كون ذلك يهدف تحقيق مصالح فئوية.

ورفضت حركة فتح، مفوضية الاتحادات والنقابات العمالية، ما تقوم به وزارة الحكم المحلي بغزة من إحلال للمجالس البلدية المنتخبة وتعيين أخرى، بما يتناقض مع حالة الإجماع الوطني، ويعزّز الانقسام ويكرسه في هذا التوقيت الحرج، الذي يتطلب من الجميع التوافق والاتفاق لمواجهة تهديدات الاحتلال بضمّ الأراضي الفلسطينية وصفقة القرن، وغيرها من المخاطر التي تهدد المشروع الوطني الفلسطيني.

اقرأ أيضاً: بالونات غزة الحارقة تضغط على عصب الاحتلال الإسرائيلي

وقالت فتح في بيان لها، في 9 حزيران (يونيو) الماضي، إنّ حماس، وما تمارسه كسلطة أمر واقع في غزة، تسير وفق برنامج إقصائي يستهدف معظم المجالس البلدية، في خطوة شديدة الخطورة من ناحية إقصاء من انتخبهم أبناء شعبهم، وما في ذلك من اعتداء صارخ على حقوق المواطنين، ومصادرة أيّ حقّ كفله القانون لهم في الترشح والانتخاب.

ولم يشهد قطاع غزة انتخابات للمجالس المحلية منذ عام 2005، فيما جرت بالضفة الفلسطينية وضواحي القدس المحتلة، بين عامَي 2011 و2017، إلى جانب إجراء الانتخابات التكميلية والإعادة، في تموز (يوليو) 2019، واشترطت حركة حماس إجراءها بتطبيق المصالحة.

ويبلغ عدد الهيئات والمجالس البلدية في القطاع المحاصر إسرائيلياً، للعام الرابع عشر على التوالي، 25 مجلساً وهيئة تقدم خدماتها لأكثر من مليوني مواطن في غزة، وتعاني في أغلبها من أزمات مالية خانقة تؤثر في خدماتها المقدمة.

وكانت صحيفة "الجريدة" الكويتية قد ذكرت، في 7 أيلول (سبتمبر)؛ أنّ منظمات مانحة دولية، لم تحددها، حذرت السلطة الفلسطينيّة، خلال لقاء جمع ممثليها مع وزير الحكم المحلي الفلسطيني، حسين الأعرج، في مطلع الشهر ذاته، في رام الله، من أنّها ستوقف الدعم لكلّ هيئة محلية تفوز فيها حماس 

سياسة مرفوضة وطنياً

ويرى عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، طلال أبو ظريفة، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "سياسية التعيين التي تقوم بها حركة حماس مرفوضة، وتتناقض مع موقف الإجماع الوطني في أيّة مؤسسة وطنية، وليس فقط في المجالس البلدية"، مشيراً إلى ضرورة أن تتمّ إعادة بناء كافة المؤسسات، بما فيها البلديات، عن طريق إجراء الانتخابات، لفتح الطريق أمام الكفاءات الوطنية القادرة على النهوض بالمجالس البلدية، وتقديم خدماتها للسكان، كما جرى من انتخابات بلدية في الضفة الغربية قبل عدة أعوام".

وتابع: "البلديات في قطاع غزة هي مؤسسات خدماتية، لا ترتبط بالحالة السياسية والانقسام الفلسطيني، ولا بدّ من إشراك السكان في عملية اختيار المجالس البلدية ورؤسائها، على أساس إجراء انتخابات حرة ونزيهة، تقوم على مبدأ التمثيل النسبي، وتفتح المجال لأوسع مشاركة فيها، لتوحيد الطاقات لمعالجة كافة القضايا والتحديات التي تواجه المجتمع".

سياسة الاستحواذ

ولفت أبو ظريفة إلى أنّ "الانتخابات البلدية جرت في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال عام 2017، إلا أنّ النجاح لم يكتب لها منذ لمراحلها الأولى في القطاع، مؤكداً أنّه في حال وجِدت إرادة جادة لإخراج المؤسسات التي لها علاقة بخدمة المجتمع، كالمجالس البلدية من دائرة المناكفات والتجاذبات السياسية، ستتحقق خطوات إيجابية ومتقدمة على المستوى الوطني".

عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، طلال أبو ظريفة لـ "حفريات": سياسية التعيين التي تقوم بها حركة حماس مرفوضة، وتتناقض مع موقف الإجماع الوطني

وأوضح: "تعيين المجالس البلدية من قبل حركة حماس، دون إجراء انتخابات نزيهة، من شأنه التأثير في تقديم الخدمات والمشاريع التنموية، بالتالي، التقنين من قيمة الأموال التي تقدمها بعض الدول المانحة للبلديات في قطاع غزة، مما سيزيد من تفاقم المشكلات والعقبات التي تعاني منها البلديات منذ عدة أعوام".

وأكّد أبو ظريفة على ضرورة توحيد كافة المؤسسات الوطنية وإعادة بنائها وفق معايير الكفاءة والخبرة ومدى قدرتها على خدمة المجتمع بعيداً عن سياسة الاستحواذ.

التفرّد بالحكم دون إرادة شعبية

بدوره، أكد القيادي في حزب الشعب الفلسطيني، وليد العوض إنّ على "أهمية إجراء الانتخابات في كافة المؤسسات الفلسطينية، خاصة في المجالس البلدية، باعتباره حقّاً دستورياً لكلّ مواطن فلسطيني بانتخاب من يدير أموره الحياتية".

اقرأ أيضاً: غزة تضيء الشموع وتتبرع بدمائها لضحايا بيروت

وقال العوض، لـ "حفريات" إنّ "السلطة الحاكمة في غزة تعتمد على سياسية التعيينات، بعد إزاحة المجالس البلدية التي تمّ تعيينها سابقاً، وإحلال أعضاء مجالس من لون سياسي واحد مكانها، وهو ما من شأنه التأثير بشكل كبير في شفافية هذه المجالس وخدماتها المقدمة، ويحوّلها من مجالس خدماتية إلى مجالس لجباية الأموال والضرائب، كما حصل مؤخراً من أساليب جباية مبتكرة أطلقتها عدة بلديات في عموم قطاع غزة".

ولفت إلى أنّ "كافة المبررات والمسوّغات لإجراء التعيينات في المجالس البلدية غير مقبولة، وتهدف إلى التهرّب من استحقاق إجراء الانتخابات في المجالس البلدية، والتأكيد على التفرد في الحكم دون إرادة شعبية، والاستحواذ والسيطرة على البلديات في قطاع غزة، بعيداً عن الشفافية والمراقبة الشعبية والمتابعة الإدارية التي تخصّ وزارة الحكم المحلي".

غياب الديمقراطية في الانتخابات

وتابع العوض: "إجراء الانتخابات البلدية في قطاع غزة سيشكل مدخلاً مهماً لفتح الطريق لإعادة النظر في إنهاء الانقسام، وتعزيز الثقة بين الأطراف الفلسطينية للعبور إلى المصالحة الفلسطينية"، مؤكداً أنّه منذ عام 2007، لم يمارس الشعب الفلسطيني في غزة أيّ شكل من الأشكال الديمقراطية في انتخاب المجالس البلدية، وحتى النقابية، وهو ما يزيد الفجوة بين السلطة الحاكمة والمجتمع".

اقرأ أيضاً: سلطتان في غزة ورام الله لحكم الفلسطينيين: أما لهذا العذاب من نهاية؟

وعن إمكانية إجراء الانتخابات البلدية دون تحقيق المصالحة الفلسطينية؛ أكّد العوض أنّ "الانتخابات البلدية والنقابية لا علاقة لها بالأوضاع السياسية السائدة، ومن الممكن القيام بها في أيّ وقت، وعلى مراحل مختلفة، من خلال إمكانية إجرائها في الضفة الغربية، ثمّ في قطاع غزة، ويجب ألا تذكَر أيّة مبرّرات لعدم إجراء هذه الانتخابات، وتعلّق على شماعة الانقسام والظروف السياسية الراهنة".

تعميق الخلافات السياسية

ويرى العوض؛ أنّ "ما تقوم به السلطة الحاكمة في غزة من سياسة التعيينات في المجالس البلدية والنقابية، من شأنه أن يترك آثاراً نفسية صعبة على المواطنين، ويعمّق الخلافات السياسية بين مختلف الفصائل الفلسطينية، والتي ترى أنّ إجراء الانتخابات هو جزء مهم وتعبير عن الالتزام بالقانون الأساسي الفلسطيني".

وعن آثار هذه الإجراءات في تفاقم المشكلات والقضايا العالقة لدى البلديات في قطاع غزة، أوضح العوض؛ أنّ "هذه الإشكاليات والمعيقات ستتضح آثارها على السكان تدريجياً، والذين سيمتنعون عن دفع ما عليهم من ضرائب واستحقاقات للبلديات، لعدم إشراكهم، منذ البداية، في اختيار مجالسهم البلدية، مبيناً أنّ "إشراك السكان في الانتخابات يدفعهم لتحمّل الأعباء، كي يكون لهم دور في تطوير مدنهم وقراهم".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية