جذور استراتيجية حركة حماس ومآلاتها

جذور استراتيجية حركة حماس ومآلاتها

جذور استراتيجية حركة حماس ومآلاتها


17/10/2023

طارق العليان

قال دانييل سوبلمان، زميل باحث في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية التابع لكلية هارفارد كينيدي، إن الحرب الحالية في قطاع غزة تشكّل تهديداً وجودياً واضحاً لحماس، وربما للقضية الفلسطينية برمتها.

إسرائيل ستنخرط في تصرفات وسلوكيات من المرجح أن تتصادم مع المصالح الحيوية لأعدائها

ورأى الكاتب في مقاله بموقع مجلة "ناشونال إنترست" أن الصراع الحالي، ونية إسرائيل المعلنة محو حماس من على وجه الأرض، حتى لو كان ذلك يعني خوض حرب تستمر لأشهر، ستكون لها آثار عميقة طويلة المدى على أي جهة فاعلة لها مصلحة في توازن القوى والنظام الإقليمي في الشرق الأوسط بعد  أن تضع الحرب أوزارها.

محور المقاومة

تقود إيران ما يُعرف بـ"محور المقاومة"، حيث تُعد المورد الرئيسي للمعدات العسكرية والمعرفة والتكنولوجيا، ويتكون هذا المحور في الأساس من حزب الله اللبناني، وقطاع غزة، وسوريا، والميليشيات الحوثية المتمردة في اليمن، والعديد من الجماعات الشيعية المدعومة من إيران.

يسعى "محور المقاومة" إلى هزيمة إسرائيل والقوى الغربية في الشرق الأوسط، وبالإضافة إلى ذلك يتقاسم أعضائه مفهوماً استراتيجياً مماثلاً. يتمثل جوهر هذا المفهوم الاستراتيجي في أن الجهات الفاعلة المعادية والمتفوقة مثل إسرائيل والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ستكون قادرة دائماً على إلحاق أضرار هائلة بمدنييها.

ومع ذلك، وعلى الرغم من أن هذه الجهات الفاعلة تظهر ضعفاً شديداً من ناحية حماية المدنيين، إلا أنها تملك القدرة على حماية أجهزتها العسكرية وأنظمة القيادة والسيطرة وقدراتها التقليدية. وهذا هو على وجه التحديد المنطق الكامن وراء اعتماد "محور المقاومة" على مخزونات هائلة من الأسلحة مثل الصواريخ، والصواريخ الموجهة، والطائرات الهجومية المسيرة بعيدة المدى، وصواريخ أرض - بحر.

وفي العديد من المناسبات على مر السنين، أوضح الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي ظل لفترة طويلة جزءاً أساسياً لا يتجزأ من عملية صنع القرار الإيرانية، المنطق الاستراتيجي وراء تحركات "المقاومة".

ووفقاً لنصر الله، فإن الصواريخ والقذائف الصاروخية هي وسيلة "المقاومة" لتعويض التفوق الجوي للجانب المعادي الأقوى. وبالتالي، طالما استمر هجوم الطرف الأقوى، فإن وابل صواريخها سيظل عنصراً يؤثر على مناطق المدنية للأعداء.

وكما أوضح نصر الله، في نهاية المطاف، قد يضطر الجانب الأقوى إلى شن غزو بري، وهو أمر من المفترض أن يؤدي إلى تكافؤ الفرص. وبالتالي، يُنظر إلى الغزو العسكري على أنه نتيجة مرغوبة.

وبالنسبة للجهات الفاعلة في محور "المقاومة"، فإن هذه الاستراتيجية نفسها معرضة للخطر حالياً، والتي كان يُنظر إليها فيما مضى بأنها قادرة على الصمود أمام القوة العسكرية الإسرائيلية كما حدث في العديد من الصراعات في لبنان في التسعينات وحرب لبنان في عام 2006. فشلت إسرائيل في كل هذه الصراعات، في توجيه ضربة عسكرية حاسمة، وهو ما أدى بالتبعية إلى فشلها على الصعيد الدبلوماسي.

وصدّر حزب الله هذا النموذج إلى قطاع غزة، حيث استفادت حماس من تجاربها الماضية وصاغت نسختها الخاصة منه. وبالتالي فإن الظاهرة ذاتها تنطبق على الصراعات الإسرائيلية في قطاع غزة منذ سيطرة حماس على قطاع في غزة في يونيو (حزيران) 2007.

معادلات الردع

وتحاول حماس الآن ردع إسرائيل وإخضاعها لـ"معادلات الردع"، حيث يتم الرد على الاعتداءات الإسرائيلية التي تتجاوز عتبة معينة بإطلاق صواريخ كثيفة على العاصمة التجارية لإسرائيل، تل أبيب.

ووصف المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس احتمال غزو الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة بأنه "مثير للضحك"، وذكر أن "أفراد جيش القسام" ينتظرون بفارغ الصبر مواجهة أي جيش غاز.

وأكد الكاتب أن حماس استمدت الشجاعة والإلهام من تعاونها مع إيران وحزب الله، الذي تزايد بشكل كبير منذ عام 2021، ومن شعورها بأن "محور المقاومة" برمته يحمي ظهرها.

وأكد المتحدث العسكري لحماس أن "مستوى التنسيق بين حماس والأشقاء في محور المقاومة أرتفع وتطور على صعيد حشد الجهود فيما يتعلق بمستقبل الصراع". ولم يكن هذا أكثر وضوحاً مما كان عليه في مقابلة أجراها مؤخرا صالح العاروري، الرجل الثاني في قيادة حماس، الذي صرح في أواخر أغسطس (آب) بأن الحرب الإقليمية "الحاسمة" متعددة الجبهات مع إسرائيل ليست مرغوبة فحسب، بل في الواقع، " ضرورية" وستحدث أيضاً في "المدى القريب".

بعد أسبوع واحد من تعامل حماس مع إسرائيل بما يسميه قادتها بأسوأ كارثة لحقت بالمدنيين اليهود في جميع حروبها مع العرب، فإن كلمات العاروري تبدو أكثر واقعية من أي وقت مضى، بحسب ما ذكرت "ناشونال إنترست".

توسع نطاق الحرب

ولكن، ومن أجل دحض توقعاته وإثبات خطئها، سيتعين أن تنخرط إسرائيل في تصرفات وسلوكيات من المرجح أن تتصادم مع المصالح الحيوية لأعدائها، الأمر الذي يزيد بالتالي من احتمالات اتساع نطاق الحرب الحالية، ويضع الجميع في على أعتاب حرب إقليمية.

وأياً كانت الطريقة التي تتطور بها الأمور، يرى الكاتب أن التداعيات الإقليمية ستكون جذرية. ومن المتوقع أن يُغير هذا ليس فقط الشرق الأوسط، الذي نعرفه، وبحسب تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بل وسيُغير إسرائيل نفسها.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية