رسائل إخوانية إلى صلاح عبد الحق تعكس انشقاقاً جديداً داخل التنظيم.. ما القصة؟

رسائل إخوانية إلى صلاح عبد الحق تعكس انشقاقاً جديداً داخل التنظيم

رسائل إخوانية إلى صلاح عبد الحق تعكس انشقاقاً جديداً داخل التنظيم.. ما القصة؟


20/02/2023

في مؤشر جديد على تعميق حالة الانشقاق التنظيمي داخل جماعة الإخوان، بعثت مجموعة من قيادات جبهة لندن برسالة إلى القائم بأعمال المرشد العام، الذي لم يُعلن عنه رسمياً حتى اليوم، صلاح عبد الحق، طالبوه فيها بإعلان خطّته لإصلاح التنظيم، في ضوء أزمة التصدّع التي تمر بها الجماعة منذ أعوام، ذلك إذا كان يملك خطة، على حدّ وصفهم، وألمحوا إلى إمكانية اعتذاره عن المنصب في حال لم تكن لديه خطة عمل واضحة للفترة المقبلة.

الرسالة التي جاءت في (9) نقاط رئيسية ونشرها حساب يدعى نور صديقي على "فيسبوك"، وهو على الأرجح اسم مستعار لأحد قيادات جبهة (التيار الثالث) أو (الكماليون)، طالبت عبد الحق باتخاذ مجموعة من القرارات العاجلة أو التنحي عن قيادة الإخوان في الوقت الراهن، وحملت في طياتها العديد من المؤشرات حول استمرار الخلاف داخل التنظيم وبوادر نحو انشقاقات جديدة.

مطالب تعجيزية... ومهام مستحيلة

على الأغلب لا تنطوي رسائل الإخوان إلى عبد الحق على نصح، كما زعموا، لكنّها محاولة لإحراجه بوضعه أمام جملة من المهام التي يستحيل تحقيقها في الوقت الراهن، أوّلها على سبيل المثال مطالبته بالعمل على إخراج المحبوسين في السجون المصرية، والمتهمين جميعاً بقضايا إرهاب، وبدت صيغة التعجيز واضحة في المطلب الأوّل بالقول: "إنّ هذه مهمتك الأولى، فإن عجزت عنها، فأنت عن غيرها أعجز".

المطلب الثاني في رسائل الإخوان جاء كمحاولة للالتفاف على قرارات جبهة إسطنبول التي يزعم قائدها محمود حسين أحقيّته منفرداً في منصب القائم بأعمال المرشد، وفقاً للوائح التنظيم، وقد تمثل هذا المطلب في الإسراع بتشكيل مكتب إرشاد جديد عن طريق انتخابات لائحية، والحقيقة أنّ هذا المطلب يتعارض مع طموح الجبهتين المتنازعتين على منصب المرشد داخل الإخوان؛ لأنّه ربما يفتح الطريق أمام انتخاب قائم جديد بأعمال المرشد، غير محمود حسين وصلاح عبد الحق.

لا تنطوي رسائل الإخوان إلى عبد الحق على نصح

وثالثاً طالب الإخوان بانتخاب مجلس شورى جديد، يحق له المحاسبة والمراقبة داخل التنظيم، يشترط أن يوافق عليه ما يُسمّى بأفراد الصف الإخواني، وطالبوا بإعداد لائحة جديدة لتنظيم العمل الداخلي، لا تحمل أيّ مجاملة لطرف على حساب الآخر، وتضع حلولاً للمشكلات الداخلية، وهي محاولة أيضاً للإفلات من حلقة الصراع الراهن داخل التنظيم وتشبث مجموعة إسطنبول باللائحة القديمة.

أموال التنظيم... بند مختلف عليه دائماً

وكالعادة، كانت الإشكالية الخاصة بتنظيم أموال الجماعة، المتصارع عليها منذ أعوام، حاضرة في رسالة الإخوان إلى القائم الجديد بعمل المرشد العام، فقد طالبوا بإعداد لجنة لحصر أموال التنظيم وإعادة هيكلتها، وتوزيعها بين مؤسسات رسمية تابعة للتنظيم، وليس بأسماء أشخاص كما هو الوضع داخل الجماعة على مدار العقود الماضية.

الرسائل، كونها خارجة عن تيار (الكماليون)، لم تكن لتخلو من رسالة مفادها احتمالية عودة التنظيم إلى مسار العنف مجدداً من أجل فرض نفسه على المشهد السياسي في مصر والمنطقة العربية

وكانت أموال الجماعة، وما تزال، نقطة خلاف جوهرية بين الجبهات الـ (3) المتنازعة على حكم الإخوان، لندن وإسطنبول والتيار العام، وتتهم كل جهة الأخرى بالاستيلاء على مال التنظيم وتسييره لصالحها فقط، وقد حفلت بيانات ولقاءات قيادات تلك الجبهات خلال الأعوام الماضية بعشرات الأدلة والبراهين التي تمثل إدانة واضحة وفساداً مالياً ثابتاً عليها.

التلويح بالعنف مجدداً

الرسائل، كونها خارجة عن تيار (الكماليون)، لم تكن لتخلو من رسالة مفادها احتمالية عودة التنظيم إلى مسار العنف مجدداً من أجل فرض نفسه على المشهد السياسي في مصر والمنطقة العربية، وقد بدا هذا الملمح بارزاً في المطلب التاسع، الذي حث القائم بأعمال المرشد على العودة إلى المسار (الثوري) على حدّ وصفهم، من أجل إعادة التنظيم إلى المشهد.

وتقول الرسالة في هذا الصدد: "لا بدّ من اتخاذ المسار الثوري مساراً لا تحيد عنه الجماعة  قيد أنملة، وأن يستفتى الأفراد في هذا المسار لردّ الظلم عن الجماعة، والقصاص لرجالها ونسائها"، على حدّ وصفهم.

مؤشر حول انشقاق جديد

من جهته، يصف الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب منير أديب الرسالة بأنّها بادرة انشقاق جديدة داخل الإخوان، تأتي في ضوء التصدع العميق بين الجبهات الـ (3) المتناحرة على المناصب التنفيذية منذ أعوام، بلغت ذروتها بعد وفاة القائم بأعمال المرشد العام إبراهيم منير مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.

وفي تصريح لـ "حفريات" يقول أديب إنّ الرسائل في مجملها تؤشر لحالة حراك جديدة تحدث داخل الإخوان، ربما تظهر تبعاتها في الفترة المقبلة، تعكس خلافات معمقة حول منصب القائم بأعمال المرشد العام خلفاً لمنير، وعدم اتفاق عناصر التنظيم داخل جبهة لندن على الاسم المرشح لخلافته حتى اللحظة الراهنة.

ويشير أديب إلى أنّ حالة الخلاف الراهنة، والتي بدأت مؤشراتها تظهر للعلن بالحديث عن رفض حلمي الجزار لتولي صلاح عبد الحق منصب القائم بأعمال المرشد وسعيه لاقتناص المنصب منه، ثم تكرار الرسائل التي تشير إجمالاً إلى عدم التوافق حول المرشح الأبرز لخلافة منير، هذه الحالة تفسر بشكل كبير تأخر جبهة لندن في الإعلان رسمياً عن تولي عبد الحق المنصب حتى الآن.

منير أديب: من المتوقع أن  تشهد الأيام القليلة المقبلة حركة انشقاق جديدة داخل جبهة لندن، المنقسمة على ذاتها منذ فترة طويلة، ولأنّ الجبهة تعي ذلك الأمر جيداً ربما فضلت تأخير الإعلان عن اختيار صلاح عبد الحق

ويتوقع أديب أن تشهد الأيام القليلة المقبلة حركة انشقاق جديدة داخل جبهة لندن، المنقسمة على ذاتها منذ فترة طويلة، وقد تسببت وفاة إبراهيم منير في تعميق هذه الخلافات، خاصة أنّه لا يوجد اتفاق حتى اليوم على شخصية من يخلفه في منصبه، ولأنّ الجبهة تعي ذلك الأمر جيداً ربما فضلت تأخير الإعلان عن اختيار صلاح عبد الحق.

وفي المجمل، يصف أديب الوضع الراهن داخل جماعة الإخوان بأنّه انهيار تاريخي في بنية التنظيم، الذي تصدع نهائياً وفقد هيكله التاريخي، ومن المستحيل أن يعود إلى سابق قوته التنظيمية بالرغم من محاولاته المستميتة للتماسك خلال الفترة الماضية، إلا أنّ الخلافات الضاربة في عمق الجماعة ستظل عائقاً أمام أيّ محاولة لإعادة الإحياء أو ترميم الهيكل المنهار، فيما يبدو هذا الخلاف هو الفصل الأخير في تاريخ الجماعة المأزومة.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية