في الحاجة إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين في المجتمعات الغربية من أجل مكافحة التيارات المتطرفة

في الحاجة إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين في المجتمعات الغربية من أجل مكافحة التيارات المتطرفة

في الحاجة إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين في المجتمعات الغربية من أجل مكافحة التيارات المتطرفة


30/04/2023

سيجريد هيرمان مارشال

تأسّست جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928. ومن هناك، انتقلت الأيديولوجية مع أتباعها على مرِّ السنين، الذين سافروا وانتشروا في أماكن جديدة خارج مصر، واستقروا في دولٍ أخرى خاصة في الغرب. اللافت أن السلطات في المجتمعات الغربية لم تتعامل بالشكل نفسه مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، بل اختلف التعامل من دولةٍ لدولة، وأيضًا بناء على الدول الأصلية التي ينتمي إليها أعضاء الجماعة المهاجرون للدول الغربية.

في الغرب، لا تواجه السلطات ووسائل الإعلام والسياسيون، الهيئات الدينية العليا والتنظيمات الجامعة فحسب، بل هناك أيضًا تنظيمات أخرى لا تبدو دينية للوهلة الأولى. ولكن إذا ألقيت نظرة فاحصة، نجد أن المرجعيات الدينية موجودة. يمكن رؤية هذه المنظمات على أنها تعزّز الرفاهية العامة أو البيئة أو تقدم نفسها كجمعياتٍ مهنية أو ثقافية. وتحاول أن تظهر بمظهر المؤسسات غير سياسية. في العالم الغربي العلماني، يقبل الناس هذه الأنواع من الجماعات بسهولة أكبر، وتصبح أقل عُرضة للتدقيق. من أجل إخفاء طبيعتها الحقيقية، تقدم هذه المجموعات نفسها بشكلٍ مختلف اعتمادًا على جمهورها. وتصوّر نفسها بطريقة واحدة للمجتمع، وبطريقةٍ أخرى في مجتمعاتهم.

الانتماء الرسمي إلى جماعة الإخوان المسلمين يمكن أن يكون جريمة أو مستهجنًا في العديد من المجتمعات الغربية. ومع ذلك، فإن العديد من المنظمات الإسلامية غالبًا ما يكون لها علاقات مع الجماعة بشكلٍ أو بآخر. لكن اتهام مجموعة بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين يتطلب الكثير من الأدلة في الغرب، وليس من السهل تصنيف الجماعات رسميًا على أنها جماعة الإخوان المسلمين. وهذا يجعل المعركة ضد الإخوان المسلمين صعبة للغاية.

ونظرًا لأن تكتيكات التمويه لمختلف الجماعات الإسلامية في المجتمعات الغربية تختلف -بعضها أكثر فعالية من غيرها- فإن بعض الجماعات أكثر نجاحًا في قبولها أو حتى دمجها في المجتمع الذي تعمل فيه. في كثيرٍ من الأحيان، لا يتطلب الأمر سوى التزام سطحي بالديمقراطية وحقوق الإنسان لكي تصبح جماعة مشبوهة سابقًا شريكة في السياسة. هذا بالطبع على الرغم من رفضهم الأساسي والحقيقي للقيم الغربية الأساسية. لكن بعد بحثٍ ودراسة مكثّفة، ستكتشف الأيديولوجية الحقيقية للجماعة.

اختلاف التصورات

في الغرب، وكذلك في أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي، تُعتبر جماعة الإخوان المسلمين جماعةً متطرفة. في ألمانيا، على سبيل المثال، يجعل مكتب حماية الدستور من الصعب جدًا على أي شخص يدعم جماعة الإخوان المسلمين علنًا المشاركة في الحوار الاجتماعي، وغالبًا ما يُحظر تمويل الجماعة. لذلك، تتبنى هذه الجماعات نهجًا حذرًا، وتحاول لعب دور الضحية، وتصوير نفسها على أنها جماعات مسلمة “عادية”، وأن السلطات العنصرية تستهدفها على نحوٍ غير عادل.

من الصعب التعرُّف على التطرف الديني على الفور في العديد من النوادي والجمعيات، لا سيّما تلك التي تختبئ وراء لافتاتٍ ثقافية أو وطنية. إذ غالبًا ما تبدو هذه الجماعات غير ضارة، أي مجرد جمعية لربط الأعضاء بموطن أجدادهم أو جمعية إسلامية عادية.

ومن المثير للاهتمام أنه اعتمادًا على الأصل القومي للجماعة، قد تكون السلطات أكثر أو أقل ميلًا إلى النظر إلى النادي بريبة، وهنا تلعب السياسة دورًا كبيرًا. كما أن الدوافع الكامنة وراء هذه الجماعات لا يمكن تحديدها بسهولة دائمًا، إذ يمكن أن يظهر بعضها على حقيقتها من خلال الإجراءات العامة والمواقف الواضحة للأعضاء، في حين لا يمكن معرفة كنه البعض الآخر إلا بتفحص أنشطة كبار المسؤولين في الجماعة.

هذا التصوّر العام له عواقب، فالوصول إلى الأموال العامة ليس مستحيلًا، كما يتضح من التمويل الأكثر سريّة من خلال المشاريع، لكنه يصبح أكثر صعوبة بشكلٍ عام.

وفيما يتعلق بالتعاملات الرسمية مع المنظمات المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، فإن السلطات تحكم عليها مهنيًا وسياسيًا، بناء على شدة معتقداتها وممارساتها المناهضة للدستور. ومع ذلك، ففي بعض الأحيان لا تلاحق السلطات قضائيًا الجماعات على نحو متساوٍ، وإن كانت تمارس الأنشطة نفسها أو أنشطة مماثلة.

مجلس مسلمي أوروبا

أكبر وأهم منظمة للإخوان المسلمين في أوروبا هي “اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا” السابق (FIOE)، الذي غيّر اسمه منذ يناير 2020 إلى مجلس مسلمي أوروبا (CEM). الرئيس الحالي لهذا المجلس هو سمير فلاح، الذي يقيم بالقرب من كارلسروه.

ترأّس فلاح سابقًا أكبر تمثيل وطني لجماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا لسنوات، التجمع الإسلامي في ألمانيا (DMG، سابقًا IGD، الجالية الإسلامية في ألمانيا). بالإضافة إلى التجمع الإسلامي، هناك عضو آخر في مجلس مسلمي ألمانيا هو “جمعية المرأة الإسلامية للتعليم والتدريب في ألمانيا (IFBED)”. رئيس هذه الجمعية، سمير هبابا، هو أيضًا نائب رئيس الإغاثة الإسلامية في ألمانيا (IRD) وهو حاليًا أعلى مسؤول في الإغاثة الإسلامية هناك.

ينفي كلٌّ من مجلس مسلمي ألمانيا، والتجمع الإسلامي في ألمانيا، أي صلة بجماعة الإخوان المسلمين (تعمل جمعية المرأة الإسلامية للتعليم والتدريب في ألمانيا بشكلٍ أكبر في الخلفية). حتى أن التجمع الإسلامي في ألمانيا رفع دعوى قضائية ضد مكتب حماية الدستور، لكنه سحبها عندما اتضح أن المكتب قد يكشف التجمع على نحوٍ غير إيجابي.

العلاقات الحقيقية مع جماعة الإخوان المسلمين لا تتضح فقط من خلال تصريحات المنشقين، بل تتضح أيضًا من خلال المواد التدريبية لمجلس مسلمي ألمانيا. وفقًا لماريون ميرتنز، تحتوي المواد التدريبية للمجلس على أفكار يوسف القرضاوي، وسيد قطب: “الجدير بالذكر أنه في جميع الكتب الثلاثة في مرحلة التعليم الأساسي، أُخذت جميع النصوص التفسيرية تقريبًا لسور القرآن المقدمة حرفيًا من أحد أشهر أعمال سيد قطب، من دون وضع علامة عليها كاقتباس”.

تصنيف الجمعيات وفق الأصل القومي

في حالة الجمعيات التي تقدِّم نفسها على أنها جمعيات ثقافية على أساس الأصل القومي، هناك تحديان واضحان: الأول معرفة الدافع الديني، والثاني إثبات الادعاءات السياسية. على سبيل المثال، من الصعب إثبات وجود صلات مع جماعة الإخوان المسلمين عندما تكون جمعية ألمانية-سورية تعمل كمنظمة إغاثة، لأنه لا يوجد مكون ديني في اسم الجماعة.

ومع ذلك، مع القليل من البحث، يتضح أن الجماعة جزء من جماعة الإخوان المسلمين من خلال أنشطتها ووصفها الذاتي. وفي مجال المساعدات الإنسانية على وجه الخصوص، هناك العديد من الجمعيات التي ليس لها أي مرجعية دينية في عناوينها. في حين أن بعض الروابط الدينية يمكن أن تكون غير ضارة، فإن البعض الآخر قد يكون خطيرًا بل ويدرُّ أموالًا للمنظمات المتطرفة.

بالنسبة للجمعيات الثقافية، عادة ما تكون روابطها مع الإخوان المسلمين نتاجًا للهجرة -التي تنبع مباشرة من بلد المنشأ حيث كان الأعضاء نشطين هناك عادة قبل الهجرة- وليس نتيجة لعدم الاندماج. لذلك، فإن العلاقة المتطرفة ليست رد فعل على “العنصرية البنيويّة” في الغرب، ولكنها موجودة بالفعل. في كثيرٍ من الحالات، كان الأب ناشطًا في جماعة الإخوان المسلمين في وطنه، وحملت ذريته هذه الصلة معهم في المجتمعات الغربية.

في كثيرٍ من الأحيان في بلدان النشأة، لا تُعتبر المواقف المتطرفة متطرفة، بل متدينة ومحافظة. وليست هناك حاجة لتغيير النظام ليصبح إسلاميًا في بلدٍ إسلامي بالفعل. لذلك، فإن ما قد يكون جزءًا من النظام السياسي البرلماني المقبول في بلدٍ إسلامي يُعتبر حركة متطرفة في الدول الغربية. وما تُعتبر جماعة إسلامية متشددة في بعض الدول، تعتبر مجرد جماعة إسلاموية في الدول الغربية.

ومع ذلك، فإن ما يحتاج المرء إلى إدراكه والحذر منه هو نيّة تغيير النظام، وعدم الوقوع في خطأ تصنيف أن أي شخص ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين يعمل من أجل تغيير النظام على المدى الطويل.

منظمات تخضع للمراقبة

يرتبط التجمع الإسلامي في ألمانيا والجالية الفلسطينية فيها بشبكة الإخوان المسلمين، ويراقبها المكتب الألماني لحماية الدستور. على النقيض من العديد من السلطات الرقابية الأخرى، ظهر التجمع الإسلامي في ألمانيا، والجالية الفلسطينية في ألمانيا أيضًا، ضمن تقارير أجهزة الاستخبارات المحلية لسنواتٍ عديدة. تصف هذه التقارير التجمع الإسلامي في ألمانيا بأنه أكبر منظمة في الدولة يجتمع فيها أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، في حين تُصنّف الجالية الفلسطينية في ألمانيا على أنها التمثيل الألماني لحركة حماس، فرع من جماعة الإخوان المسلمين.

يُصنّف التجمع الإسلامي في ألمانيا في الغالب على أنه منظمة من أصل مصري. ويعود ذلك إلى التاريخ التنظيمي، ولكنه لا يعكس الصورة الحالية لموظفي التجمع الإسلامي في ألمانيا، ولم يكن يراقب باستمرار في الماضي. يمكن تتبع تاريخ إدارة المنظمة من بين أمورٍ أخرى، على أساس المدخلات في سجلات الجمعية، حيث لا ينعكس التسلسل الهرمي الذي نشرته المنظمة نفسها بالضرورة في السجلات. في التجمع الإسلامي في ألمانيا، على سبيل المثال، يذكر اسم عضوين فقط في مجلس الإدارة. في الفترة من عام 1973 إلى عام 2002، كان يدير التجمع الإسلامي في ألمانيا علي غالب همت، مواطن من أصل سوري.

في السنوات الممتدة من عام 2002 إلى 2010، التي كان فيها إبراهيم الزيات المصري المولد مسؤولًا عن التجمع الإسلامي في ألمانيا، بدا الارتباط بمصر أكثر قابلية للفهم. الجنسية الأصلية لأعضاء مجلس الإدارة الآخرين، تحديدًا حسن أبو العلا (مع همت) ومحمد حجازي (مع الزيات) غير واضحة لأنها كانت قبل الوثائق المسجلة إلكترونيًا.

خلف الزيات وحجازي في منصبيهما سمير فلاح وخلاد سويد من أصل سوري. وفقًا لسجلات التجمع، لم يكن سويد عضوًا في مجلس الإدارة من عام 2014 إلى 2018. خلال هذا الوقت، سُجل اسم أنيس الدعيس المولود في اليمن (من عام 2014) والسورية المولد هويدا تراجي (2015-2018) على التوالي كأعضاء مجلس إدارة آخرين مع فلاح.

منذ نهاية عام 2018، كان خلاد سويد وصبري شريف، الذي ربما يكون من أصل لبناني، عضوين في مجلس الإدارة. جذب الدعيس وتراجي الانتباه من خلال وظائف أخرى في شبكة الإخوان المسلمين. شارك الدعيس في تأسيس المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية (EIHW) وترأّس في البداية الجمعية الراعية له. كما أن المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية يخضع للمراقبة، وقد ورد اسمه في تقارير لحماية الدستور. لكن في المنظمات الأخرى التي ينشط فيها الدعيس وتراجي، يتوقف هذا التحذير العام. كانت هويدا تراجي عضوًا في مجلس إدارة المجلس المركزي للمسلمين (ZMD) لعدة سنوات. الدعيس هو رئيس مجلس إدارة الجمعية الألمانية-اليمنية للمعونة والتنمية.

منظمات لا تخضع للمراقبة المشدّدة

من بين الهياكل التي لم تعد مدرجة (بعد الآن) في التقارير، أعضاء جماعة الإخوان المسلمين من أصل سوري وشمال إفريقيا حيث تتمتع بأعلى درجة من التنظيم. وعلى الرغم من أن بعض هذه المنظمات الألمانية ليس لديها فقط علماء مرتبطون بها كأعضاء في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بل في هيئات أخرى أيضًا من جماعة الإخوان المسلمين، فإن دورها غير مُعترف به علنًا.

المنظمات التي تعود إلى مهاجرين من أصل سوري في الغالب، لم تذكرها تقارير المكتب الألماني لحماية الدستور منذ أكثر من عقد من الزمان، على الرغم من صلاتها ومشاركتها. وهذا أمر لافت للنظر، حيث إن التنظيم المركزي لجماعة الإخوان المسلمين السورية، في مركز آخن الإسلامي (IZA)، كان مشاركًا بشكلٍ واضح على مرِّ السنين.

على سبيل المثال، تذكر وثيقة صادرة عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عام 2009، اسمي عصام العطار ومحمد الهواري، الذي توفي في عام 2015، كأعضاء. وفقًا للنظام الأساسي للاتحاد الدولي لعلماء المسلمين، لا يوجد بند لإقالة شخص من العضوية، إذ يمكن فقط طرد الشخص أو تهميشه. في هذا الصدد، فإن هذه الوثيقة، التي لا يمكن عرضها إلا في أرشيف الويب، لها أهمية أكبر. وكان الهواري أيضًا عضوًا في المجلس الأوروبي للفتوى والبحوث (ECFR) حتى وفاته، وكان من المقرر في البداية أن يرأس فرعه في ألمانيا، وفقًا لبيان صادر عن لجنة الفتوى.

علاوة على ذلك، أكد عصام العطار، المدير الروحي المسن للمركز الإسلامي في آخن، مرارًا وتكرارًا على قربه وصداقته مع يوسف القرضاوي على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة. في الأشهر القليلة الماضية، نشر صورًا قديمة له مع سيد قطب على صفحته على “فيسبوك”. العطار لديه طفلان، ابن اسمه أيمن وابنة هادية. كان الابن متزوجًا من ابنة يوسف ندا، والابنة من غالب همت. ويُقال إن ندا، مؤسس “التقوى”، وغالب همت، مدير “الجالية الإسلامية في ألمانيا لفترة طويلة”، سهَّلا تمويل الإرهاب عبر شبكة “التقوى” هذه. غير أنه لا يمكن إثبات الادّعاءات المقابلة جنائيًا. لذا، فإن العطار هو والد زوج وزوجة شخصيتين معروفتين في جماعة الإخوان المسلمين، التي تنشط في أوروبا. هذه الزيجات الأسرية المرتبة من هذا النوع تشهد على الرغبة في الاندماج الشامل عبر الأجيال في الشبكة الأوروبية لجماعة الإخوان المسلمين.

بالإضافة إلى جمعيات المساجد المرتبطة بالمركز الإسلامي في آخن، هناك أيضًا جمعيات ألمانية للمهاجرين السوريين تتعاون مع الشبكة أو مرتبطة بها. على سبيل المثال، تواصل الجمعية الألمانية-السورية لتعزيز الحرية وحقوق الإنسان (DSV) في مدينة دارمشتات الإشارة إلى الإغاثة الإسلامية الألمانية كشريك. وقد تعاونت الاثنتان مع منظمة تركية محظورة في ألمانيا.

وفقًا لطلب برلماني يعود لعام 2019، لاحظت الحكومة الفيدرالية تداخلًا في الموظفين بين جماعة الإخوان المسلمين، والإغاثة الإسلامية في ألمانيا. وقد اتحدت جمعيات سورية ذات توجهات مماثلة لتشكيل منظمة جامعة. نهلة عثمان هي رئيسة مجلس إدارة المنظمة الجامعة التي تُسمى رابطة جمعيات الإغاثة الألمانية-السورية (VDSH)، حيث تقوم الجمعية الألمانية-السورية لتعزيز الحرية وحقوق الإنسان بعملية التنظيم وتوفير نائب الرئيس مجلس الإدارة. ولدى رئيسة مجلس الإدارة أيضًا علاقات واضحة مع طيف جماعة الإخوان المسلمين.

في هذا السياق، كتبت نهلة عثمان على صفحتها على فيسبوك في عام 2019 أن بيت الإسلام (HDI) في لوتزلباخ، هيسن، كان منزلها الثاني، وأنها قضت فترة شبابها الرائعة هناك مع “العم محمد”. وكتبت أيضًا أنها ترسل أطفالها إلى هناك. لم يكن “بيت الإسلام” المكان التأسيسي لجمعية الشباب المسلم المنتسب إلى التجمع الإسلامي في ألمانيا فحسب، بل كان أيضًا مكانًا لاجتماع لمجموعةٍ واسعة من الأنشطة من هذا الطيف. “العم محمد” ليس سوى محمد صديق المُلقب فولفجانج بورجفيلدت. بورجفيلدت هو واحد من أهم الألمان النشطين في هيئات الإخوان المسلمين، إن لم يكن أكثرهم نفوذًا. وهو عضو في “المجلس الأوروبي للفتوى والبحوث”، وربما أيضًا في الاتحاد الدولي لعلماء المسلمين. وفي الآونة الأخيرة، نشر صورة جماعية في حفل يظهره محاطًا بمسؤولين ألمان من هيئات ومنظمات الإخوان المسلمين. قد لا ينتمي جميع الأعضاء النشطين في “الجمعية الألمانية-السورية لتعزيز الحرية وحقوق الإنسان” و”رابطة جمعيات الإغاثة الألمانية-السورية” إلى جماعة الإخوان المسلمين، لكن الأمر مقلق للغاية عندما يتولى الرئاسة أشخاص تربطهم علاقاتٌ وثيقة بجماعة الإخوان المسلمين.

الشبكات اليمنية والتونسية والمغربية

لدى جماعة الإخوان المسلمين ناشطون في مدن مختلفة، وفي جمعيات مختلفة، على سبيل المثال، في برلين ومونستر. كما ذكرنا سابقًا حول أنيس الدعيس، فإن التعاون والتواصل المتبادل ملحوظان على نحو متكرر في هذا المجال.

على سبيل المثال، كان مركز أرنسبرج التعليمي -مرفق مهم يتم فيه تنظيم أنشطة الجماعة- يديره في البداية الرئيس السابق لمنظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا، المعتز طيارة. تبعه مدير من أصل يمني حتى مارس 2022. الناشطون اليمنيون مثل طلال هادي ليسوا ممثلين فقط في لجنة الفتوى في الفرع الألماني للمجلس الأوروبي للفتوى والبحوث، ولكنهم يعملون أيضًا في المساجد في جميع أنحاء الدولة. ففي نوفمبر، على سبيل المثال، نظّم هادي مسابقة لحفظ القرآن الكريم في مسجد النور في هامبورج.

غالبًا ما تقتصر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين التونسية على المستوى المحلي. وهناك عدد من الجمعيات، على سبيل المثال في برلين ودوسلدورف وبوخوم، لديها مسؤولون مقرّبون من جماعة الإخوان المسلمين من أصل تونسي، ثم يقترحون أو يدعمون أيضًا متحدثين مناظرين من تونس أو شمال إفريقيا، مقرّبين من جماعة الإخوان المسلمين.

هذه التأثيرات ليست واضحة دائمًا على المجالس كما هي واضحة على الأئمة والزعماء الروحيين. شخصان ناشطان في هذه الشبكات هما طه عامر وهادي بريك. في حين أن المجلس الذي يقوده مصريون منذ فترة طويلة، الذي يرأسه عامر الآن، قد ورد اسمه في تقارير الاستخبارات، فإن المنظمات التي لا يزال ينشط فيها ليست كذلك. وعلى الرغم من الصلات والأنشطة الواضحة، لم يُذكر المسجد الذي كان يعمل فيه بريك إلا مرة واحدة في العام قبل الماضي في تقرير حماية الدستور.

الجمعيات المُقرّبة من جماعة الإخوان المسلمين التي لديها موظفون من أصل مغربي منتشرة على نطاق واسع. نسبة كبيرة من النوادي التي تخضع للمراقبة في جميع أنحاء ألمانيا بسبب صلاتها بالإخوان المسلمين يمكن أن تُعزى على الأرجح إلى أصولها المغربية. ومع ذلك، فإن منظمة مظلة غير معروفة لجمعيات المساجد المغربية ليس لها أي مرجع ديني باسمها.

وبالتالي، يمكن للسياسيين أن يفترضوا خطأ أنها جمعية ليس لها انتماء ديني/سياسي، أي جمعية علمانية إلى حد ما. يُلاحظ أن الجمعيات المغربية أقل تنظيمًا فيما يتعلق بالهياكل العليا. أما المنظمات الجامعة فيبدو أنه مشكوك في شرعيتها، وذات سمعة سيئة، وتحظى بقبول على نطاق واسع. وقد ظهر عدد منها في السنوات الأخيرة.

الخلاصة

قُصارى القول، فيما يتعلق بمجتمعات المهاجرين، توجد العديد من المنظمات غير الضارة على أساس الأصل القومي، وحتى الدين. ومع ذلك، تختبئ بين هذه الجماعات منظمات أكثر خبثًا تحاول إخفاء طموحها المتطرف تحت عباءة إنسانية أو ثقافية أو مهنية. لذلك، يقع على عاتق السلطات مسؤولية مهمة، وإن كانت صعبة، تتمثل في التمييز بين هذه الجماعات، وتصنيف تلك المرتبطة بالإخوان المسلمين على أنها خطرة.

يجب أن تكون السلطات أكثر وعيًا بأن جماعة الإخوان المسلمين، وإن كانت مصرية الأصل، فإنها تتمتع بجاذبية وعضوية عالمية. لم يعد من المقبول النظر إلى الجماعة على أنها مجرد جهة فاعلة محلية من جميع أنحاء العالم، بل منظمة ذات تطلعاتٍ عالمية.

عن "عين على التطرف"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية