لتجفيف منابع تمويل الإرهاب.. مصر تستضيف مؤتمراً دولياً لمكافحة تجارة الآثار

لتجفيف منابع تمويل الإرهاب.. مصر تستضيف مؤتمراً دولياً لمكافحة تجارة الآثار


04/01/2022

تستعد مصر لتنظيم مؤتمر دولي خلال العام الجاري، حول مكافحة تهريب الآثار، باعتبارها أحد مصادر تمويل الإرهاب والجريمة المنظمة؛ إذ تُعد هذه الظاهرة أحد أهم منابع تمويل الجماعات الإرهابية والمتطرفة حول العالم، الأمر الذي يتطلب تحركاً دولياً جماعياً للاتفاق على آليات مكافحته.

وفي هذا السياق، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوم الأحد، مع المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات والإرهاب، غادة والي، بحسب بيان الرئاسة المصرية.

اقرأ أيضاً: هذه تفاصيل المضبوطات في قضية الآثار الكبرى في مصر... صو

وبحسب بيان الرئاسة المصرية، استعرضت والي محاور التعاون الدولي تحت مظلة منظمة الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات والإرهاب في ظل التطورات الإقليمية الأخيرة في أفغانستان، خاصة ما يتعلق بتهريب السلاح، والاتجار في المخدرات، وتفاقم ظاهرتي الإرهاب واللاجئين، مشيرة إلى الاستعدادات الجارية بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار المصرية لتنظيم مؤتمر دولي خلال عام 2022 يتمحور حول مكافحة تهريب الآثار.

الآثار والإرهاب

وأكد الرئيس المصري دعم بلاده لدور الأمم المتحدة في مواجهة التحديات العالمية والإقليمية المتعلقة بمكافحة الجريمة والمخدرات والإرهاب، فضلاً عن تعزيز الجهود القائمة لتبادل الخبرات في المجالات ذات الصلة بعمل المنظمة، لصون الأمن والاستقرار العالمي.

المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات والإرهاب، غادة والي

وقال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية ومساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنّ ارتباط سرقة الآثار وتهريبها بتمويل العناصر الإرهابية ظهر جلياً خلال تواجد تلك الجماعات في العراق وسوريا خلال الأعوام الماضية، فهناك آلاف القطع الأثرية التي دمرت أو سرقت.

وأوضح حسن أنّ تنظيم داعش وجبهة النصر، قاما بتهريب الآثار بالتزامن مع سرقة الثروات الأخرى بتلك البلاد لشراء الأسلحة وتمويل عناصرهم، كما دمروا من الآثار ما لم يستطيعوا أن يحملوه فكان تخريباً مزدوجاً، لافتاً إلى أنه خلال غزو العراق تمت سرقة آلاف القطع وتهريبها، وبعضها وقع في يد العناصر المتطرفة.

تعد مصر من أكثر الدول المستفيدة من إقامة المؤتمر الخاص بمكافحة تهريب الآثار، خاصة إن تطلب الأمر تعديلات تشريعية بالتنسيق بين الدول، وتبادل المعلومات الأمنية بالتعاون مع الأمم المتحدة

وأكد حسن على أنّ مكافحة تمويل العناصر الإرهابية عبر سرقة الآثار، تتطلب أن يُنظم لها مؤتمر في أكبر بلد للآثار والمتاحف المفتوحة في العالم، خاصة مع الجهود الدولية التي بدأتها مصر لمنع تهريب الآثار، والاتفاق مع عدد من الدول على ذلك.

وتكمن أهمية الآثار بالنسبة للتنظيمات الإرهابية، في أنّ هذه التجارة من أكثر التجارات ربحاً بالنسبة لهذه التنظيمات، رغم أنها تسبب ضرراً لأنهاً تمس موروثاً ثقافياً للبشرية وليس فقط الدولة الموجودة فيها، وقيمة الآثار دائماً ما تكون بوجودها في مكانه وليس بنقلها لمكان آخر.

اقرأ أيضاً: العراق يسترد بعض آثاره المنهوبة... ما القصة؟

وتؤكد تقارير محلية وعالمية قيام تنظيمات إرهابية مثل؛ داعش والنصر وغيرها بعمليات تدمير ونهب واسعة للمواقع الأثرية في العراق وسوريا وليبيا. ورغم ندرة الإحصاءات الدقيقة التي تبحث في حجم الآثار المسروقة والمهربة، يشير الخبراء إلى أنّ عدد القطع الأثرية المسروقة تجاوز عشرات الآلاف بقيمة تصل إلى مئات الملايين.

هل تورط الإخوان بتهريب آثار مصر؟

ولا تقتصر هذه الجرائم على تنظيمات مثل داعش، فوفق تقرير لموقع "البوابة نيوز"، تعرضت الآثار المصرية لحالات نهب منظمة من قبل تنظيم الإخوان خلال هذه الفترة القليلة بتعرض معظم المتاحف الأثرية مثل "متحف ملوي" للنهب والسرقة عبر خطة ممنهجة ابتدعتها الجماعة في نهب كنوز مصر الأثرية، بدأت بوصفها "أصناماً"، وانتهت باستباحتها غنيمة وسرقتها.

تنظيم داعش وجبهة النصر، قاما بتهريب الآثار

عام كامل، عانت فيه الآثار من غياب رؤية حقيقية لدى النظام السياسي في عهد الإخوان للنظر إليها على أنها ثورة قومية قادرة على النهوض بمصر، بل ظل قيادات التنظيم ينظرون إلى الآثار على أنها مجرد "أصنام" من حق كل شخص أن يستولي عليها، وجندوا شيوخ الفضائيات "الجاهلين" للترويج على أنّ الآثار مجرد "أصنام" يجب اغتنامها، وأفتوا أن حيازتها حق شرعي، بالتوازي مع عمليات سرقة وتهريب كبيرة.

يحتفظ قاض سابق بمعلومات عن تورط قيادات إخوانية في تهريب الآثار لصالح التنظيم الإرهابي وليس الأمر محصوراً في شخص أو اثنين لكنها مافيا دولية للتنقيب عن الآثار

وفي أواخر العام 2020، كشف عماد أبو هاشم وهو قاضٍ سابق وقيادي منشق عن جماعة الإخوان المسلمين، عن تورط تنظيم الإخوان في عمليات تنقيب وتهريب واسعة للآثار، وذكر تفاصيل تهريب قيادات بالجماعة للآثار المصرية خلال الفترة التي حكم فيها التنظيم مصر عام 2012، مشيراً إلى أنّ قيادات مقربة من الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسى كانت هي من تقوم بهذا الأمر.

وبحسب القاضي السابق فإنه يحتفظ بمعلومات عن تورط قيادات إخوانية في تهريب الآثار لصالح التنظيم الإرهابي وليس الأمر محصوراً في شخص أو اثنين لكنها مافيا دولية للتنقيب عن الآثار، تقوم بتهريبها ونقلها بواسطة الشخصيات التي تتمتع بحصانة قضائية.

وكشف أنّ "وليد شرابي" وهو قاض سابق ينتمي لجماعة الإخوان ويقيم في تركيا، كان يتاجر بالآثار عن طريق شراكة من الباطن في إحدى الشركات التي تعمل ظاهرياً في المحاجر والمناجم، بينما مهمتها نقل الآثار وتهريبها.

اقرأ أيضاً: توقيف رجل أعمال مصري بتهمة تمويل نائب "الجن والعافريت" للتنقيب عن الآثار

ووفق ما نقله العين عن أبو هاشم، "فإنّ هذا القاضي (شرابي) ما زال يمارس نشاطه في مصر عن طريق شقيقه (ط.ش).. وما أقوله تأكد من داخل الإخوان أنفسهم بتسريبات الهارب بهجت صابر والذي جاء فيها عن القاضي أنه هرب عدداً من المقتنيات الأثرية لصالحه بعيداً عن التنظيم وطلب منه بيعها داخل الولايات المتحدة".

وتابع مشيراً إلى قاضٍ آخر يدعى "أيمن الورداني"، وهو أحد المنتمين حالياً للإخوان وهرب إلى تركيا ثم إلى قطر، قال إنه كان يهرب الآثار التي في حوزة أحد أعمامه، فضلاً عن قيامه بتركيب كاميرات تجسس في مكتب النائب العام إبان عهد الإخوان، بهدف التدخل في القضاء لصالح التنظيم الإرهابي.

وذكر أبو هاشم واقعة محاولة توسط هذا القاضي الذي كان يشغل منصب محامي عام أول طنطا، لإخوانية تدعى فاطمة الجمل قُبض عليها بتهمة تهريب المخدرات على الحدود التركية السورية.

وفي سياق آخر، كانت الأجهزة الأمنية المصرية قد تمكنت منتصف العام الماضي 2021، من إلقاء القبض على علاء حسنين، النائب في البرلمان إبان عهد الإخوان لتزعمه تشكيلاً عصابياً للتنقيب والإتجار في الآثار وتهريبها للخارج.

مصر تسترد آثارها

وتعد مصر من أكثر الدول المستفيدة من إقامة المؤتمر الخاص بمكافحة تهريب الآثار، خاصة إن تطلب الأمر تعديلات تشريعية بالتنسيق بين الدول، وتبادل المعلومات الأمنية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة والإرهاب، بما يُمكنها من استعادة آثارها المهربة وتتبع العصابات الإجرامية، ليساهم ذلك في منع تمويل الجماعات الإرهابية.

 تمكنت وزارة السياحة والآثار بجهود مشتركة مع وزارة الخارجية من استرداد أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية من عدد من دول العالم خلال عام 2021 وحده

ووقعت مصر العديد من الاتفاقيات مع عدد من الدول تتعلق باسترداد القطع الأثرية المهربة في الآونة الأخيرة، والتي مكنت وزارة السياحة والآثار بجهود مشتركة مع وزارة الخارجية من استرداد أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية من عدد من دول العالم،  خلال عام 2021 وحده.

ووفق الدكتور شعبان عبد الجواد، المشرف على الإدارة العامة للآثار المستردة بوزارة السياحة والآثار، فإنّ الدولة "نجحت في استرداد أكثر من 29 ألف قطعة أثرية منذ عام 2011"، مؤكداً في تصريحات تلفزيونية في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي أنّ هناك جهوداً تبذل لاسترداد الآثار المهربة للخارج، من خلال اتفاقيات ثنائية مع قبرص واليونان والأردن ولبنان وعدد من دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا.

اقرأ أيضاً: كنوز سوريا في مهب الريح.. آثار فريدة تبخرت

وكانت عملية استرداد لـ 36 قطعة أثرية مصرية من إسبانيا قد تمت قبل أسبوعين، وفق الشرطة الإسبانية التي قالت إنّه تم ضبط حاوية شحن تحمل أكثر من ٣٠ قطعة أثرية تقدر بأكثر من 300 ألف يورو، فضلاً عن اعتقال ٤ مصريين وتاجر آثار إسباني متورطين في عملية التهريب، لافتة إلى أنّ التحقيقات الأولية تشير إلى أنّ عوائدها كانت ذاهبة لتمويل الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط.

وأوضحت الشرطة أنّ أموال بيع تلك الآثار يمكن أن يتم نقلها عبر مصر وغيرها من الدول في المنطقة لتقع في النهاية في يد الجماعات المتطرفة.

وكانت النيابة العامة المصرية قد أكدت، في بيان لها، أنها تتابع هذه القضية بتنسيق مع السلطات الإسبانية منذ عام 2014.

ومن جانبها، ذكرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية أنّ من بين القطع الأثرية التي تم ضبطها في فالنسيا هي تمثال نصفي لإلهة الحرب "سخمت" يعتقد أنه يقدر بـ ١٠٠ ألف يورو، وتم سرقته من مقبرة في وادي الملوك بالقرب من الأقصر، وأضافت الصحيفة أنه تم التخلي عن خطة لعرض تلك القطع الأثرية في إسبانيا، وسيتم إعادتها إلى مصر.

اقرأ أيضاً: غزة: العاطلون عن العمل يعتاشون على آثار الحضارات القديمة

من جانبها، باشرت النيابة العامة المصرية التحقيقات، التي انتهت إلى اشتراك 6 متهمين، أحدهم صاحب مكتب للاستيراد والتصدير بمحافظة الإسكندرية في تهريب القطع المضبوطة إلى المملكة الإسبانية، وتزوير المستندات الخاصة بتصدير الحاويات التي تضمنت الآثار المصرية المهربة، وانتهت التحقيقات إلى تقديمهم إلى المحاكمة الجنائية لاتهامهم بتهريب الآثار إلى الخارج، وتزوير مُحررات رسمية واستعمالها، وقضت المحكمة بمعاقبتهم بالسجن، وفق ما أورده موقع "مصراوي".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية