متى سيقبل "الحوثي" المبادرة السعودية؟

متى سيقبل "الحوثي" المبادرة السعودية؟


25/03/2021

عبدالله ناصر العتيبي

ظلت السعودية منذ زمن طويل مؤمنة بالحوار اليمني- اليمني، وداعية له. ولطالما أرسلت الوفد الدبلوماسي بعد الوفد الدبلوماسي إلى صنعاء منذ استقلال اليمن وحتى العام 2011 لتشجيع اليمنيين بأطرافهم كافة على الدخول في حوارات مشتركة، ومفاوضات جامعة تضع البلاد على العتبة الأولى من التقدم والاستقرار الاقتصادي أسوة بجيرانهم الخليجيين. وبعد 2011 دعمت السعودية بشكل رئيسي المبادرة الخليجية التي تجمع اليمنيين، ووقفت بكل قوة خلف مخرجات الحوار الوطني الذي كان أيضاً ملتقى لليمنيين بمرجعياتهم وطوائفهم وخلفياتهم السياسية كافة.
وكان إعلانها قيام «عاصفة الحزم» في العام 2015 تنفيذاً للقرار الأممي 2216، بهدف إعادة الأوضاع على الأرض إلى ما قبل سبتمبر 2014، والعودة باليمنيين من جديد إلى «طاولة الحوار» لمناقشة قضاياهم بعيداً عن أية تدخلات خارجية. لم تكن «عاصفة الحزم» حينها عملاً عدوانياً، ولا احتلالاً، ولا تدخلاً بلا مسوغات قانونية، وإنما كانت تطبيقاً حرفياً لشرعية الأمم المتحدة التي تنص في «فصلها السابع» على أنه «يجوز استخدام القوة لثني المعتدي عن اعتدائه وإجباره بقوة القانون على الدخول في حوارات سلام مشتركة».
واليوم تطرح أيضاً مبادرة مدعومة من الأمم المتحدة والقوى الدولية العظمى، لجمع كلمة اليمنيين وتوحيد صفهم ليتفرغوا لبناء بلادهم وتحسين ظروف معيشتهم. لكن السؤال يبقى دائماً: هل من مصلحة جماعة «الحوثي» قبول هذه المبادرة والعمل بها؟
الجواب في كلمة واحدة: لا. ودخولاً في التفاصيل، فإن استراتيجية إيران للتغلغل في المنطقة العربية وبسط سيطرتها الناعمة فيها تقوم على ثلاثة أعمدة رئيسية. الأول هو تسمين مكوناتها وميليشياتها بالمال والسلاح (حزب الله مثالاً) وإبقائها بعيدة جزئياً عن مقاليد الحكم، إنما بأيدٍ نافذة فيه، بهدف توجيه العجلة السياسية في البلاد من غير أن تتورط في مشاكل اليوميات المتعلقة بالفقر والجوع والمرض. تفعل ذلك وهي تحرص أشد الحرص على أن تحتفظ مكوناتها (دوناً عن باقي المكونات) بزر تفجير «الحرب الأهلية»، لاستخدامه كلما احتاج الأمر كعصا تهديد لمن يخالف سياساتها.
والثاني، السماح بدخول الوجوه الليبرالية والعلمانية لمنظومة الحكم، لكن بتعريضها لضغط شعبي وميليشاوي دائم باسم السلاح مرة، وباسم المرجعية الدينية مرة أخرى، كما يحدث في العراق حالياً.
والثالث، تسليم ميليشياتها للحكم (كما هو الحال مع الحوثي) مع إبقاء حالة الحرب قائمة، حتى لا يكون هناك فرصة للشعب اليمني – في حال السلام - لمحاسبة «الحوثي» أو معاقبته على إفقار البلاد وتجويعها وانتهاك سيادتها بتسليمها لإيران. الإيرانيون و«الحوثيون» يعرفون أن السلام في اليمن هو العتبة الأولى التي ستصعد عليها المجاميع اليمنية لاجتثاثهم، لذلك فمن أولويات استراتيجيتهم هناك، أن يبقوا اليمنيين على صفيح ساخن طوال الوقت، وأن يشغلوهم بالحرب اليومية، ومن أجل ذلك اخترعوا شعارهم (أو سبب بقائهم) اعتماداً على بساطة الريفي والمزارع اليمني الفقير: «الموت لأميركا. الموت لإسرائيل»، لأنهم يعلمون أن اليمني الأصيل لا يمكن أن يكون عدواً للسعودية. «الحوثي» لا يستطيع الحكم إلا بوجود الحروب والقلاقل، لذلك فقبوله للمبادرة السعودية معلق الآن وحصراً بيد «اليمنيين أهل الأرض» لا بيد الإيرانيين الغرباء.

عن "الاتحاد" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية