هل أجبر التصعيد في غزة بايدن على إعادة ترتيب أولوياته في الشرق الأوسط؟

هل أجبر التصعيد في غزة بايدن على إعادة ترتيب أولوياته في الشرق الأوسط؟


24/05/2021

يبدو أنّ الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي تسلّم منصبه في كانون الثاني (يناير) الماضي معتزماً تركيز فترته الرئاسية وطاقته على جائحة فيروس كورونا والتراجع الاقتصادي في الداخل، وتحديات كبرى في الخارج كالصين وروسيا وإيران، سيضطر إلى إعادة ترتيب أولوياته، وبذل المزيد من الجهود السياسية في الشرق الأوسط، بعد جولة التصعيد التي دارت بين الجيش الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية واستمرت 11 يوماً.

اقرأ أيضاً: ترحيب دولي واسع بالهدنة التي توصلت إليها مصر بين الإسرائيليين والفلسطينيين

ودفع الصراع الذي اندلع في قطاع غزة وتطلّب دبلوماسية أمريكية مكثّفة من وراء الكواليس، معاوني الرئيس الأمريكي إلى إعادة ترتيب أولوياتهم مع السعي لتثبيت وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، ووضع خطة لإعادة إعمار غزة والحيلولة دون تكرار المواجهة التي صارت أولى أزمات السياسة الخارجية في طريق بايدن.

جانب من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة

وكان الملف الوحيد من ملفات الشرق الأوسط الذي نال نصيباً من اهتمام إدارة بايدن، هو إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، بعد أن كان ترامب قد انسحب منه، وعلى مدى 4 أشهر من وجود بايدن في البيت الأبيض لم تظهر قضية الشرق الأوسط الأساسية (القضية الفلسطينية) على أجندة إدارة بايدن من الأساس.

الملف الفلسطيني لم يكن ضمن أولويات الإدارة الأمريكية، لكنّ الجميع فوجئوا بتصاعد العنف الإسرائيلي في القدس ثم بتفجّر الحرب في غزّة

وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي عبد الوهاب بدرخان في مقال له في صحيفة "الخليج" إنّ "الملف الفلسطيني لم يكن في أولويات الإدارة الأمريكية، لكنّ الجميع فوجئوا بتصاعد العنف الإسرائيلي في القدس ثم بتفجّر الحرب في غزّة".

ويضيف بدرخان قائلاً: "نظراً إلى التداعيات، لم يعد ممكناً ترك هذا الملف للمفاجآت؛ إذ إنّ صراع الأجنحة في الحزب الديمقراطي راح يُشكّل ضغطاً على بايدن شخصياً حتى في الكونغرس، كما أنّ قطاعات عدّة من الرأي العام والإعلام الأمريكيَّين تعاطفت مع الفلسطينيين وقضيتهم".

مغادرة مربع النأي بالنفس

وقال مسؤول أمريكي، لم يذكر اسمه، إنّ التركيز ينصبّ على "ما سيحدث لاحقاً مع التطلّع قدماً إلى تجاوز العنف.. بحيث نفعل كل ما بوسعنا للحدّ من احتمالات تكرار مثل هذا الوضع خلال 5 أعوام أو عامين"، وفق ما أورد موقع "العرب" اللندنية.

وتحمل نبرة الإدارة الأمريكية تغيّراً واضحاً عن أسلوب النأي بالنفس الذي اتسمت به الشهور الأولى لرئيس يعزف عن الخوض في الصراع القائم منذ عقود بين إسرائيل والفلسطينيين، الذي أربك مساعي رؤساء سابقين لصنع السلام.

خلال أسبوع واحد، أجرى بايدن 6 اتصالات مع نتنياهو اتسمت بالتصعيد التدريجي وصولاً إلى مكالمة الأربعاء 19 أيار، التي طالب فيها نتنياهو بلهجة حادة أن يوقف الحرب على غزة

لكنّ الحرب على غزة قلبت الأمور رأساً على عقب بين ليلة وضحاها، وأُجبر الرئيس الديمقراطي المُحرج على الضغط بكل ثقله على إسرائيل التي نفذّت مجازر بحق عائلات كاملة في القطاع على مدار 11 يوماً، فخلال أسبوع واحد أجرى بايدن 6 اتصالات مع نتنياهو- اتسمت بالتصعيد التدريجي وصولاً إلى مكالمة الأربعاء 19 أيار  (مايو) التي طالب فيها نتنياهو بلهجة حادة أن يوقف الحرب على غزة.

وثمة إشارات متزايدة على تجدّد الانخراط الأمريكي الآن في ظل ما يبدو من توقّف القصف الصاروخي من غزة والضربات الجوية من إسرائيل. 

يأتي هذا بعد أن واجه بايدن ضغوطاً شديدة ليلعب دوراً أكثر وضوحاً، ويتخذ نهجاً أكثر صرامة تجاه إسرائيل، وهي ضغوط جاءت من الديمقراطيين التقدميين الذين كان دعمهم له حاسماً في الفوز بانتخابات عام 2020.

وعبّر ديمقراطيون تقدميون عن سعادتهم بوقف إطلاق النار لكنّهم دعوا إدارة بايدن إلى العمل من أجل حل أطول مدى.

يتصدّر قائمة المهام الجديدة في الشرق الأوسط، جمع مساعدات إنسانية لسكان غزة وأخرى لإعادة إعمار القطاع، الذي قدّر المسؤولون الفلسطينيون تكلفة إعادة إعماره بعشرات الملايين من الدولارات

وكتب رو كانا، عضو مجلس النواب الأمريكي، على تويتر قائلاً: "يمكننا البناء على هذا التقدم من خلال معالجة جذور العنف والعمل باتجاه حل الدولتين وإنهاء الحصار والاحتلال، مع الضغط من أجل سلام دائم للإسرائيليين والفلسطينيين".

وتتزايد الضغوط على إدارة بايدن من الخارج أيضاً؛ ففي الأمم المتحدة، دار حديث عن إحياء رباعي الوساطة في الشرق الأوسط، الذي تشكّل قبل وقت طويل ويضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ولم يُستخدم كثيراً خلال فترة ترامب، في محاولة لإقناع الإسرائيليين والفلسطينيين بالعودة إلى طاولة التفاوض.

إدراك ما يمكن إدراكه

وبعد اتصالات دبلوماسية على مدار الساعة - على حد وصف مسؤولين أمريكيين - والتي ساعدت في إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار الخميس، سيوفد بايدن وزير خارجيته أنتوني بلينكن للقاء زعماء إسرائيليين وفلسطينيين وإقليميين هذا الأسبوع في أولى زيارات بلينكن للشرق الأوسط، بحسب بيان صادر عن نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية.

قال بايدن إنّ أمريكا ستعمل من خلال الأمم المتحدة ومع أطراف دولية أخرى وسيجري التنسيق مع السلطة الفلسطينية

وقال برايس إنّ بلينكن تحدّث هاتفياً مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكينازي، الذي "رحّب بالرحلة المرتقبة للوزير بلينكن إلى المنطقة"، وتابع قائلاً: "سيلتقي وزير الخارجية في الأيام المقبلة نظيريه الإسرائيلي والفلسطيني ونظراء إقليميين للتباحث معهم في جهود التعافي، والعمل سوياً على بناء مستقبل أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين".

ويتصدّر قائمة المهام الجديدة في الشرق الأوسط ، جمع مساعدات إنسانية لسكان غزة وأخرى لإعادة إعمار القطاع، فبعد ضربات جوية إسرائيلية على مدى أيام، قال مسؤولون في غزة إنّ 16800 منزل تضرر ولا تتوفر الكهرباء إلا لثلاث أو أربع ساعات يومياً فقط.

اقرأ أيضاً: باحث فلسطيني يناقش مستقبل القضية بعد حرب غزة الرابعة.. ماذا قال؟

وقدّر المسؤولون الفلسطينيون تكلفة إعادة الإعمار بعشرات الملايين من الدولارات، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الفلسطينية (معا).

وقال بايدن الخميس إنّ الولايات المتحدة ستعمل من خلال الأمم المتحدة ومع أطراف دولية أخرى، وسيجري التنسيق لمثل هذه المساعدات مع السلطة الفلسطينية التي تحكم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.

وقال مسؤولون أمريكيون إنّ الإدارة تجهّز حزمة مساعدات ومن المتوقع إعلان قرارات قريباً، وفق ما أورد موقع "إندبندنت عربية".

اقرأ أيضاً: "جزائسطيني": نبض الملايين لنصرة الحق الإنساني

وسيُضاف هذا إلى مساعدات للفلسطينيين بقيمة 235 مليون دولار أعلنت عنها واشنطن في نيسان  (أبريل) الماضي، واستئناف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وإعادة مساعدات أخرى أوقفها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

ويقول خبراء إنّ هناك خطوة أخرى قيد البحث تهدف لإصلاح العلاقات مع الفلسطينيين التي تكاد تكون انهارت خلال فترة ترامب، وتتمثل في إعادة فتح القنصلية الأمريكية بالقدس الشرقية والتي كانت تخدم الفلسطينيين وأغلقها ترامب.

الصفحة الرئيسية