هل تكون تشاد ساحة المواجهة العالمية الجديدة مع الإرهاب؟

إفريقيا

هل تكون تشاد ساحة المواجهة العالمية الجديدة مع الإرهاب؟


12/02/2019

تبقى تشاد في مصاف الدول الملجأ للتنظيمات الجهادية، شأنها شأن النيجر التي تعاني من عواقب الفوضى في ليبيا، المتواجدة في شمال شرقها؛ حيث تعدّ مناطق قرى بحيرة تشاد ومدينة ديفا التي تم فيها الهجوم على سجنها، في 12 تموز (يوليو) 2015، مهددة على الدوام، ورغم انخراط الدولة التشادية القوي في محاربة التنظيمات الإرهابية، على مختلف الجبهات، إلا أنّها أصبحت الهدف الأول لسائر التنظيمات، خاصة تنظيم بوكو حرام، واعتباراً من 1 آذار (مارس) 2019، سينضم حوالي 3000 جندي إلى صفوف الجيش التشادي، الذي قررت الدولة تعزيزه لمواجهة بوكو حرام، وتنظيم القاعدة، خاصة شمال تشاد، الذي يعد من أكبر المناطق عرضة لعدم الاستقرار وتنامي ظاهرة التهريب وعمليات الاختطاف، وصعود النزاعات الإثنية والحركات الانفصالية، فضلاً عن أنّه أصبح نقطة انطلاق للعديد من العمليات الانتحارية، وتفاقم الصراعات المسلحة.

تعد تشاد ملجأ للتنظيمات الجهادية شأنها شأن النيجر التي تعاني من عواقب الفوضى في ليبيا

في الاتجاه نفسه؛ أعلن العقيد أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الليبي، الأربعاء الماضي، في مؤتمر صحفي عقد في بنغازي، عن مستندات عُثر عليها في مدينة سبها، جنوب البلاد، عن مخطط لجماعة "إخوان ليبيا" والمعارضة التشادية لاستهداف قوات الجيش الوطني الليبي، وتنفيذ هجمات جديدة ضدّ الحقول النفطية، مشيراً إلى "التعاون الوثيق بين منظمة "سرايا الدفاع عن بنغازي"، بقيادة إسماعيل الصلابي ومصطفى الشركسي، وميليشيات حرس النفط بقيادة إبراهيم الحضران، المحسوب على الإخوان، وفلول المعارضة التشادية".

 المتحدث باسم الجيش الليبي العقيد أحمد المسماري
كما أشار المسماري إلى التحاق مئات المرتزقة التشاديين بصفوف قوات السرايا، وقوات الحضران، مقابل مرتبات شهرية، تتراوح بين 300 و800 دولار أسبوعياً للفرد، فيما تم تحويل مبالغ إلى عائلات بعض المرتزقة بناءً على طلبهم، موضحاً أنّ "هناك حلفاً ضمّ المعارض التشادي، تيماي أرديمي، وجماعات إرهابية ليبية ساعية إلى إظهار المعركة في الجنوب الليبي، كأنها بين السكان والجيش"، وفق قوله.
القاعدة والإخوان
وتعدّ الجمعيات التي يسيطر عليها الإخوان هي خزان الدعم للجماعات المتطرفة بتشاد، ويمكن إحالة ذلك إلى محمد البحيري، المسؤول عن ملف إفريقيا بالتنظيم العالمي للإخوان، وهو الرجل الأقوى في الجماعة، الذي يتحكم في مواردها وكل صغيرة وكبيرة بها، رغم أنّه يعمل من وراء الظل، وفق ما ورد في تقرير لصحيفة "الموجز" المصرية.

رغم انخراط تشاد الجاد بمحاربة التنظيمات الإرهابية إلا أنّها أصبحت الهدف الأول لها خاصة بوكو حرام

ووفق بيان صادر من الجيش الليبي، يوم السبت 10 حزيران (يونيو) 2017، ترتبط مؤسسة "قدوتي" للأعمال الخيرية، كما مؤسسة "قمم الأندلس" للأعمال الخيرية، وفرعهما الرئيس ببريطانيا بأنشطة إخوانية في تشاد، تحت ستار الأعمال الخيرية، وظهر اسم أحمد السوقي، وعبد الرحمن فراتشي، وهو أستاذ في القانون، مع هاني البنا في مؤسسة "الإغاثة" الإسلامية، التي كانت بداية الخيط للشركات والأشخاص الآخرين الذين لهم علاقة وثيقة بالتنظيم الدولي للإخوان، وأنشطته في إفريقيا، وذلك  من خلال 3 شركات، وأكواد مسجلة لدى السلطات البريطانية؛ كانت أولى المؤسسات؛ مؤسسة "بيت الزكاة"، التي تم تأسيسها العام 2009، على يد عبد الرحمن فراتشى وهاني البنا.

اقرأ أيضاً :"أشبال إفريقيا"... إرهاب من أول سطر
وتعدّ جمعية "ألا يوجد أحد" الخيرية التركية، أهم الجمعيات الإخوانية الموجودة بتشاد، والتي تقوم بأنشطة تحت ستار عمليات اجتماعية، وقامت خلال العام الماضي بالتعاون مع مدارس "Complexe Scolaire International Tchado-Turc" وجمعية "Motif" بأنشطة كبيرة بتشاد، تحت رئاسة حسين سرتشا، المدير العام للمدرسة التركية التشادية التي شاركت في تلك الأعمال في منطقة "جاوي".

 


كما تعتبر مؤسسة "البصر" الخيرية، والمركز الدولي "مداد"، من أهم الجمعيات العاملة بهذا المجال، وتلك الأهداف بإنجامينا العاصمة.

 

اقرأ أيضاً: هل تصدر إفريقيا جواز سفر واحداً؟
وتتلقى "الحركة من أجل الديمقراطية والعدالة" في تشاد و"جبهة الوفاق من أجل التغيير"، و"المجلس العسكري لإنقاذ الجمهورية"، و"تجمع القوى من أجل التغيير"، الموجود بجنوب سبها، تمويلات من الجماعات الإخوانية الليبية بطرابلس، وذلك عبر تطبيقات RocketChat"، Venmo ،ZeroNet "، وهي أنظمة توفر درجة من السرية يصعب اختراقها، بحسب المسماري.

اقرأ أيضاً : محمد وردي: فنان إفريقيا الأول ومنشد الثورة والعاطفة
وبحسب دراسة أعدها الباحث الليبي إبراهيم هيبة، أستاذ العلاقات الدولية والسياسات المقارنة، وهو أحد أبناء منطقة وادي الشاطئ بجنوب ليبيا، فإنّ هناك جماعات تشادية مسلحة ومنظمة متمركزة في جنوب ليبيا، أبرزها ما يعرف بـ"الحركة من أجل الديمقراطية والعدالة في تشاد"، وتلك الحركة مكونة بالكامل من شعب التبو (جماعة عرقية موجودة في شمال تشاد)، وغالبية عناصرها انتقلت للعمل في جنوب ليبيا كنشطاء يزعمون أنّهم ليبيون، ويقومون بإثارة البلبلة في تلك المنطقة، وكانت الحكومة الليبية قد سجنت عدداً كبيراً منهم، بطلب من الحكومة التشادية، وماتزال تشن عليهم هجمات عسكرية متكررة وتلقي القبض على بعضهم.

وتشير الدراسة إلى أنّ الشيخ محمد معروف، الزعيم الإسلامي الأصولي في مدينة أبيشي الشمالية الشرقية، الذي تم اعتقاله مؤخراً، والشيخ فقي سوزوكي، والموضوع الآن تحت الإقامة الجبرية، وتيمان أرديمي، وهو رئيس اتحاد قوى المقاومة، من أهم الرموز الإخوانية الداعمة للتطرف.
مستقبل الجماعات النشطة
وعن مستقبل الجماعات الإرهابية بتشاد؛ نبّه أحمد الحجار، رئيس المجلس الإداري للمركز الثقافي للأبحاث والدراسات الإفريقية والعربية، في حديثه لـ "حفريات"، من أنّه ينبغي على دول هذه المنطقة العمل على إنقاذ الشباب الذين يشكلون "الخزان البشري" للمجموعات المسلحة الناشطة من براثنها، وذلك جنباً إلى جنب مع "القوات الإفريقية المشتركة"، التي تكافح الإرهاب في منطقة الصحراء الكبرى والساحل الإفريقي.

عُثر في مدينة سبها جنوب ليبيا على مخطط لجماعة "إخوان ليبيا" والمعارضة التشادية لاستهداف قوات الجيش الليبي

وحذّر الباحث التشادي من أنّ "إرهابيي بوكو حرام، أو غيرها من الجماعات، يقومون بتجنيد شباب بلدان الساحل الإفريقي"، وطالب بتوعية هذه الأجيال "من خلال الاستعانة بعلماء الدين والوعاظ ما يساعد على تجفيف منابع الإرهاب الذي يجند باسم الدين هؤلاء الشباب"، مؤكداً أنّهم يميلون للإنصات إلى هؤلاء الناس (الأئمة والوعاظ) على حساب السياسيين.
أما بيتر هام؛ مدير معهد نيلسون للشؤون الدولية والعامة، وزميل باحث في معهد البنية التحتية وضمان المعلومات في جامعة جيمس ماديسون في هاريسونبيرغ، فيرجينيا فقال: إنّ هناك عدداً من الجماعات الإرهابية النشطة في المنطقة، وتشمل هذه الجماعات جماعة النصر والمسلمين(JNIM) ، الدولة الإسلامية غرب إفريقيا(ISWA) ، الدولة الإسلامية الكبرى الصحراء(ISGS) ، القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي(AQIM) ، آلMurabitoun) )، أنصار الدين وبوكو حرام؛ وهذه المجموعات قادرة على تنفيذ هجمات واختطاف على مسافات طويلة، والاختطاف من أجل الفدية هو المصدر الرئيس للتمويل لجماعة نصر الإسلام والمسلمين، وأنّ المستقبل مربوط بتدريب الجيش النظامي على مواجهة ومكافحة الإرهاب، وتقديم الدعم اللازم للحكومة المركزية بإنجامينا.

 

 

اقرأ أيضاً: الحركات الجهادية في إفريقيا... تحالف وتقاتل وعنف
من جهته، أكد المختص بالشؤون الإفريقية في شبكة bbc" "، عبد المنعم حلاوة، في تصريح لـ"حفريات": إنّ "منطقة الساحل والصحراء التشادية تمثل الملاذ الآمن الجديد الذي تسعى التنظيمات الإرهابية المهاجرة من سوريا والعراق إلى الاحتماء به، وهناك دول تحاول إعادة تدوير أو استغلال هذه التنظيمات لتحقيق مصالحها في المنطقة خاصة في ليبيا وشرق إفريقيا"، مضيفاً أنّه "تمّ رصد شحنات أسلحة وعربات مصفحة ودفع رباعي مثل التي يستخدمها القاعدة قادمة من تركيا إلى ليبيا، وبحسب تقارير دولية فإنّ الأسلحة التي تستخدمها جماعات إرهابية في تشاد هي أسلحة أمريكية مهربة".

اقرأ أيضاً: الإسلام في غرب إفريقيا.. حضور قوي ومتعدّد
تنبئ المؤشرات أنّ هناك صراعاً أوروبياً أمريكياً على تشاد، والولايات المتحدة تسعى لتكثيف عملياتها العسكرية في المنطقة مستقبلاً للسيطرة على تمدد الجماعات الإرهابية، خاصة أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عاقد العزم على إنهاء العمليات في سوريا في أقرب وقت.
تواجه تشاد إرهاباً حقيقياً وليس محتملاً، وستحتاج في مواجهته إلى استراتيجية متعددة الأوجه ولأعوام، من خلال المساعدة على تعزيز القدرات الإقليمية لمكافحة الإرهاب، وتعزيز التنمية الاقتصادية ومقاومة أيديولوجية الإرهابيين الفكرية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية