هل تُقصي حركة البناء "حمس" عن زعامة التيار الإسلامي في الجزائر؟

هل تُقصي حركة البناء "حمس" عن زعامة التيار الإسلامي في الجزائر؟


15/02/2022

تكبّدت حركة مجتمع السلم "حمس" خسارة جديدة في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمّة، ممّا يُعتبر مؤشراً على تراجعها شعبياً وفقدها زعامة التيار الإسلامي في الجزائر.

وأظهرت نتائج انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمّة في الجزائر تقدّماً واضحاً لحركة البناء الوطني على حزبه الأم حركة مجتمع السلم، ممّا يدعو للتساؤل حول ما إذا كانت الأخيرة فقدت زعامتها للتيار الإسلامي، وما سرّ تحول الأولى من حزب مجهري منشق إلى أحد الأحزاب الـ5 الأولى؟

وحصلت حركة البناء على (5) مقاعد، من إجمالي (68)، في انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمّة، التي جرت في 5 شباط (فبراير) الجاري، وفق ما أوردته وكالة الأناضول.

وقد حلّت الحركة في المرتبة الـ4 بعد كلٍّ من حزب جبهة التحرير الوطني (26) مقعداً، والمستقلون (13) مقعداً، والتجمع الوطني الديمقراطي (11) مقعداً، بينما لم تحصل حركة مجتمع السلم إلا على مقعد واحد فقط.

وتُجرى انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمّة كلّ (3) أعوام لتجديد نصف أعضاء الغرفة الثانية للبرلمان، الذي كان يبلغ عدد مقاعده (144)، قبل أن يرتفع هذه المرّة إلى (174)، بعد إضافة (10) ولايات جديدة.

نتائج انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمّة في الجزائر أظهرت تقدّماً واضحاً لحركة البناء الوطني على حزبه الأم حركة مجتمع السلم

وتفوقت حركة البناء على حركة مجتمع السلم في الانتخابات البلدية بعد حصولها على (1848) مقعداً (7.45%)، بفارق ضئيل لا يتجاوز (28) مقعداً عن الثانية، التي حصلت على (1820) مقعدا (7.33%)، إلا أنّ حركة مجتمع السلم تقدمت على حركة البناء في الانتخابات الولائية بـ(9) مقاعد فقط، بعد أن حصلت الأولى على (239) مقعداً مقابل (230) مقعداً للأخيرة.

وجاءت انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمّة لتحسم هذا التقارب لصالح حركة البناء الوطني، التي تتبنّى سياسة المشاركة في الحكومة، وخطاً داعماً للرئيس عبد المجيد تبون، بينما قاد رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري حزبه نحو التموقع مع المعارضة، بعيداً عن الخط الذي رسمه لها الأب المؤسس للحركة محفوظ نحناح (توفي في 2003)، ممّا تسبّب في انشقاق عدة أحزاب عنها، بينها حركة البناء الوطني.

ويعكس هذا التقارب الشديد شراسة في المنافسة بين الحركتين على زعامة التيار الإسلامي، الذي احتكرت حركة مجتمع السلم قيادته منذ 2007.

انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمّة تعتمد بشكل كبير على التحالفات بين الأحزاب التي حصلت على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البلدية.

وقد قادت حركة مجتمع السلم التيار الإسلامي فعلياً منذ 1997، قبل أن تسقط في 2002 أمام حركة الإصلاح الوطني التي أسسها عبد الله جاب الله، ثمّ استعادت ريادتها في 2007.

وقبل الحراك الشعبي الذي أطاح بالرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة من الرئاسة في 2019، لم تكن حركة البناء الوطني تمثل ثقلاً كبيراً في الساحة السياسية.

ومنذ انشقاق عدد من صقور وحمائم حركة مجتمع السلم وتشكيلهم لحركة التغيير، ثم الانشقاق الثاني وتأسيس حركة البناء الوطني في 2013 برئاسة مصطفى بلمهدي، الشخصية التاريخية ورفيق نحناح، لم يتمكن الحزب من فرض نفسه، وعُدّ من الأحزاب الصغيرة، وقد اضطرّ إلى التحالف مع حزبين إسلاميين آخرين، هما حركة النهضة، وجبهة العدالة والتنمية، بقيادة جاب الله، ومع ذلك لم تحصل الأحزاب الـ(3) مجتمعة سوى على (15) مقعداً في الانتخابات البرلمانية لعام 2017، إلا أنّ ذلك مكّنها من تشكيل كتلة برلمانية، تحتاج (10) مقاعد على الأقل.

ومنذ 2013 حدث تنافس بين حركة البناء الوطني وحركة مجتمع السلم على أمرين اثنين؛ أوّلهما من له الحق في ميراث تاريخ الشيخ نحناح، وتجلّى ذلك في تنافسهما حول تنظيم المؤتمر السنوي "للأب المؤسس"، ودعوة أبرز القيادات الإسلامية في العالم للمشاركة في هذا المؤتمر لتكون شاهدة على الحركة التي تسير على نهج نحناح، وثانيهما تنافس سرّي حول من يمثل التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين في الجزائر، وتشير عدة مؤشرات إلى أنّ حركة البناء الوطني تمكنت من الحصول على هذه "الشرعية التنظيمية"، رغم أنّ كلا الحزبين ينفيان في العلن تبعيتهما للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان، لما لذلك من حساسية وطنية وقومية لدى الرأي العام في الجزائر.

وفي 2018 حدث تغيير جوهري في حركة البناء، عندما تخلّت عن رئيسها التاريخي بلمهدي، الذي لا يشتهر بقوة الكاريزما والخطابة التي عُرف بها رفيقه نحناح، وتولى عبدالقادر بن قرينة، وزير السياحة السابق، رئاسة الحركة، وهو المعروف بقربه من دوائر في السلطة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية