هل ستكون حرب غزة مقدمة لسلام حقيقي مع الفلسطينيين؟

هل ستكون حرب غزة مقدمة لسلام حقيقي مع الفلسطينيين؟


25/05/2021

ربما تكون فكرة المقالة غير مناسبة في هذا التوقيت، في ظل عواطف عربية وإسلامية جياشة تجاه ما حققته فصائل المقاومة في غزة من صمود غير مسبوق، ربما حسم المعركة في أيامها الأولى بتوجيه ضربات صاروخية شملت مساحة فلسطين التاريخية، خلخلت صورة الجيش الذي لا يُقهر في المنطقة والقادر على هزيمة خصومه من جيوش نظامية وفصائل مقاومة، ولا يعني ذلك أنّ ميزان القوى العسكري قد تغير في غير صالح إسرائيل؛ إذ ما زال التفوق العسكري لصالح إسرائيل، لكنّ صواريخ غزة هشمت صورة السوبرمان، الذي لا يقهر، وأسست أفقاً جديداً لإمكانية هزيمة هذا الجيش.

اقرأ أيضاً: ما موقف حماس من إشراف السلطة الفلسطينية على إعادة إعمار غزة؟

 وفي الجانب الإسرائيلي، أدرك الإسرائيليون، لأول مرّة منذ عام 1948، أنّ مدنهم ليست عصية وغير محصنة، وأنّ هناك حاجة ربما تطول لبناء مزيد من الملاجئ مستقبلاً، استناداً للخط البياني لتطور صواريخ المقاومة عبر 3 حروب خاضها نتنياهو، لا يبدو معها أنّ وصول صواريخ المقاومة إلى أبراج تل أبيب مستبعد، وبقوة تفجيرية كمّاً ونوعاً أكبر ممّا هي عليه في هذه المعركة.

أدرك الإسرائيليون، لأول مرّة منذ عام 1948، أنّ مدنهم ليست عصية وغير محصنة، وأنّ هناك حاجة ربما تطول لبناء مزيد من الملاجئ مستقبلاً

حرب غزة الأخيرة بمخرجاتها تشبه حرب "التحريك" عام 1973، التي خاضها الجيشان المصري والسوري على جبهتي سيناء والجولان، رغم اختلاف الظروف والسياقات، فقد كانت حرباً بين جيوش نظامية، ويبدو أنها العقيدة التي ما زال الجيش الإسرائيلي ملتزماً بها، غير مدرك تغير الظروف والمفاهيم والأساليب القتالية، لا سيّما تلك التي أبرزتها حرب تموز (يوليو) مع حزب الله اللبناني، والتي قدّمت مفهوماً جديداً لمعنى النصر والهزيمة، التي أصبحت تقاس بمعايير مدى تحقق الأهداف لكل طرف من الحرب.

اقرأ أيضاً: هل أجبر التصعيد في غزة بايدن على إعادة ترتيب أولوياته في الشرق الأوسط؟

لعلّ أهم نتائج حرب عام 1973 كانت بعد نجاح الجيش المصري بعبور قناة السويس، وولادة قناعات لدى قادة إسرائيل بأنه لا يمكن استمرار الاحتلال إلى الأبد، وأنّ تحقيق الانتصار ليس مضموناً دائماً، فكان الذهاب، وبعد ضغوط دولية من قبل أمريكا، إلى كامب ديفد وإعادة سيناء إلى مصر بشروط وضمانات محددة، لم تتوقف عند إنهاء حالة الحرب، بل الاعتراف بإسرائيل والتأسيس لسلام تواصل فيما بعد مع الطرفين الفلسطيني والأردني عبر أوسلو ووادي عربة، بعد الهزيمة في حرب الخليج الأولى، وإخراج العراق من الصراع العربي الإسرائيلي.

الصورة ليست وردية في قادم الأيام، فمع تغير اللاعبين والداعمين والوكلاء، ما زال هناك الكثير من العقبات، وخاصة في الداخل الفلسطيني

المشهد اليوم يسير ضمن سياقات، أبرز عناوينها: قيادة إسرائيلية يمينية متطرفة على رأسها نتنياهو منذ أكثر من 10 أعوام، لا تؤمن بالحدّ الأدنى للحق الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة، وجدت فرصتها التاريخية بدعم غير مسبوق من إدارة أمريكية متطرفة يقودها الرئيس ترامب، اعتاشت على انقسام فلسطيني بين فتح وحماس، في ظل رهن الحركتين للقضية الفلسطينية لتجاذبات المحاور الإقليمية، وقد فهمت إسرائيل التطبيع العربي معها من قبل 4 دول باعتباره تصريحاً لها للقيام بما تريد، وفي السياق جاءت إدارة أمريكية جديدة نجحت تحت شعارات حقوق الإنسان والسلام والتعايش بين الشعوب.

اقرأ أيضاً: الأسئلة الصعبة المسكوت عنها لما بعد الحرب المدمرة على غزة

مؤكد أنّ مقولة ما بعد حرب غزة هذه المرّة ليس كما قبلها تبدو واقعية، تؤيدها معطيات ما بعد هذه الحرب فلسطينياً وعربياً ودولياً، التي أسست لسيناريوهات قادمة عنوانها البحث عن حل للقضية الفلسطينية، ولم يكن ممكناً القيام ببحث جاد للقضية دون تغيير في إسرائيل التي أخذها نتنياهو إلى متاهات وخسارات، ومن المؤكد أنّ أمريكا ومعها العالم بانتظار الانتخابات المتوقعة في إسرائيل، والتي يرجح أن يغادر نتنياهو الحياة السياسية بعدها، لتبدأ مرحلة جديدة من المفاوضات مختلفة، تغادر معها حماس بعد الاعتراف الدولي بصمودها مربع المفاوضات السرّية عبر أطراف دولية وعربية في عواصم أوروبية، ومع ذلك فالصورة ليست وردية في قادم الأيام، فمع تغير اللاعبين والداعمين والوكلاء، ما زال هناك الكثير من العقبات، وخاصة في الداخل الفلسطيني، رغم ما أظهرته الحرب من وحدة وشعور فلسطيني وطني غير مسبوق  بين الضفة وغزة ومناطق الـ48. 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية