هل يكون العدوان على غزة القشة التي قصمت ظهر نتنياهو؟

هل يكون العدوان على غزة القشة التي قصمت ظهر نتنياهو؟


05/06/2021

عمّقت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزّة الأزمة السياسية الداخلية للكيان الصهيوني، بعد أن قلصت فرص نجاح زعيم حزب الليكود اليميني، بنيامين نتنياهو، في تشكيل حكومة جديدة، والحصول على ثقة الكنيست، إثر الاتهامات التي تلقاها من قبل جنرالات عسكريين وأحزاب المعارضة اليمينية واليسارية بتحمّل مسؤولية فشله في تحقيق أهدافه من الحرب، والتي كانت كفيلة بأن تمسّ مكانة نتنياهو السياسية، نتيجة خيبة الأمل والفشل الذي منيَ به، بعد عجزه عن مواجهة فصائل المقاومة الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: المعارضة الإسرائيلية تقترب من الإطاحة بنتنياهو... ما علاقة القائمة العربية؟

وكان الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين طلب من الكنيست عقد جلسة للتصويت على منح الثقة للحكومة التي يشكلها يائير لابيد زعيم حزب "هناك مستقبل"، بعد أن سلم لابيد، الأربعاء، للرئيس توقيعات 61 عضواً في البرلمان يدعمونه في تشكيل ائتلاف حكومي، قبل ساعة من انتهاء المهلة الممنوحة له، كما أفادت "بي بي سي".

ويحاول معسكر التغيير الإسرائيلي الساعي إلى إطاحة نتنياهو عقد جلسة في الكنيست لاستبدال رئيس البرلمان المحسوب على الليكود.

وكان المعسكر قد أعلن حصوله على توقيع 61 عضواً في الكنيست لتشكيل الحكومة. لكنه فوجئ بفشله في ذلك حتى هذه اللحظة بسبب معارضة نيور أورباخ، عضو الكنيست عن اليمين في المعسكر ذاته، ويعد هذا ضربة أولى للتحالف.

عمّقت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزّة الأزمة السياسية الداخلية للكيان الصهيوني

ويعقد نتنياهو جلسة طارئة لأعضاء حزبه ومعسكره لتجنيدهم للضغط على أعضاء الكنيست من اليمين، فيما أصبح يُعرف بمعسكر التغيير، لإقناعهم بعدم التصويت لصالح الحكومة في الكنيست.

ويقول معارضون لنتنياهو؛ إنّه يسعى لإجراء انتخابات جديدة، بعد أن شهدت إسرائيل أربع عمليات انتخابية، في الفترة بين نيسان (أبريل) 2019 وحتى آذار (مارس) الماضي.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تطلب الدعم العسكري من الولايات المتحدة... ما علاقة حماس؟

ويرفض نتنياهو قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية، بينما يدعم قيام مستوطنات يهودية في الضفة والقدس الشرقية المحتلة، حيث يعتبر القانون الدولي تلك المستوطنات غير شرعية، وهو ما ترفضه إسرائيل.

ونتنياهو (71 عاماً)، هو أكثر رؤساء الحكومات الإسرائيلية بقاء في منصبه، منذ عام 2009، وكان قد شغل هذا المنصب لمدة ثلاثة سنوات، أواخر تسعينيات القرن الماضي.

وظل نتنياهو يحاول، منذ 28 يوماً، تشكيل تحالف بعد الانتخابات العامة، في 23 آذار (مارس)، وهي الرابعة من نوعها خلال عامين.

انسداد سياسي

وأظهرت نتائج الانتخابات الإسرائيلية الرابعة خلال عامين حالة انسداد سياسي أخرى، إذ لم يتمكن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أو منافسوه، من الحصول على الأغلبية البرلمانية، حيث حصل حزب الليكود، بزعامة نتنياهو، والأحزاب الدينية واليمينية المتطرفة الحليفة له على 52 مقعداً من أصل 120 مقعداً هي إجمالي عدد مقاعد البرلمان، بحسب موقع "واي نت" الإخباري الإسرائيلي.

ويتضح من نتائج استطلاع للرأي العام في إسرائيل أنّ الحرب على غزة عادت بالفائدة على لابيد وحزب (أزرق أبيض)، برئاسة وزير الدفاع بيني غانتس، دون أن تعود بالفائدة على نتنياهو.

نتائج استطلاع للرأي العام في إسرائيل: الحرب على غزة عادت بالفائدة على لابيد وحزب (أزرق أبيض)، برئاسة وزير الدفاع بيني غانتس، وليس على نتنياهو

ووفق الاستطلاع الذي نشرته "القناة 12" الإخبارية الإسرائيلية، في 23 أيار (مايو)؛ فإنّ حزب (الليكود)، برئاسة نتنياهو، حافظ على مكانته بحصوله على 30 مقعداً من مقاعد الكنيست الـ 120.

لكنّ حزب "هناك مستقبل"، برئاسة لابيد، ارتفع بـ 4 مقاعد، إذ حصل على 21، في حين أنّ "أزرق أبيض" ضاعف قوته من 5 مقاعد إلى 10 مقاعد، حيث اقتربت شعبية لابيد من نتنياهو بحصوله على تأييد 35% من الإسرائيليين لرئاسة الحكومة، مقابل 40% لنتنياهو، و25% لم يملكوا رأياً محدداً.

وقال 47% من المشاركين بالاستطلاع؛ إنّهم يعارضون وقف إطلاق النار في غزة، مقابل 35% أيدوا الاتفاق، و18% لم يملكوا رأياً محدداً.

تعميق الأزمة السياسية

وفي سياق تأثيرات الحرب في غزة على حظوظ نتنياهو، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، د. عماد البشتاوي؛ أنّ "العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة ساهم في تعميق الأزمة السياسية داخل دولة الاحتلال، وكذلك تآكل مكانة نتنياهو السياسية، بعد أن رأى سياسيون كثيرون أنّ نتنياهو، يتحمّل مسؤولية فشله وهزيمته في عدم تحقيق عمليته العسكرية على القطاع لأهدافها، حيث سيظهر جلياً مدى تأثير الأزمة عليه أمام الرأي العام خلال الأيام القليلة المقبلة".

عماد البشتاوي

ويضيف البشتاوي، في حديثه لـ "حفريات" أنّ "نتنياهو قام بافتعال أزمة الحرب بعد الاستفزازات التي قام بها المستوطنون، باقتحام المسجد الأقصى، وكذلك اعتداء جنود الاحتلال على المصلين، ومحاولة إخلاء عدة عائلات من حي الشيخ جراح بالقدس، وبالتالي فهو لم يتوقع أن تصل الأمور الى هذه الدرجة من التصعيد بين اسرائيل وحركة حماس، والتي أمهلت الاحتلال ساعة واحدة لإنهاء اعتداءاته على القدس، وما ترتب عنها من ضرب مدينة القدس بعدة صواريخ".

اقرأ أيضاً: لماذا يجب على الولايات المتحدة إنهاء العلاقة الخاصة مع إسرائيل؟

ولفت إلى أنّ "رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يتّسم بالذكاء السياسي، أراد من خلال هذه الاعتداءات تقويض فرص نجاح يائير لبيد زعيم حزب (هناك مستقبل) في تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة لا وجود لنتنياهو فيها، من خلال شغل الشارع الإسرائيلي بالحرب على غزة، وتأجيج الاحتجاجات التي ظهرت في عدد من المدن الإسرائيلية المختلطة بين السكان العرب وجنود الاحتلال".

عضو الكنيست الإسرائيلي عن القائمة العربية المشتركة، عايدة سليمان لـ "حفريات": العدوان الصهيوني الدموي الأخير على غزة كان هدفه تحقيق مصالح نتنياهو للبقاء في الحكم

وتابع: "ما حصل من تكاثف في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة عزّز من انتصار الشارع الفلسطيني على خطط نتنياهو، التي كانت تهدف لتحقيق مصالح شخصية سياسية، في محاولة منه لتشكيل حكومة جديدة يترأسها مجدداً، لتجنب ملاحقته القضائية من خلال اعادة فتح ملفات الفساد المتهم بها في داخل أروقة المحاكم الإسرائيلية".

وأكّد البشتاوي أنّ "المجتمع الإسرائيلي، منذ ما يزيد عن 20 عاماً وهو يدعم أحزاب اليمين، في حين بقيت أحزاب الوسط واليسار في حالة انحسار منذ عام 2000، ومنذ تلك الفترة يسيطر حزب الليكود اليميني على سدة الحكم في إسرائيل ابتداء من أرئيل شارون مروراً بإيهود اولمرت وصولاً لبنيامين نتنياهو".

اقرأ أيضاً: فورين بوليسي: علاقة واشنطن "الخاصة" مع إسرائيل لا تساوي كلفتها الباهظة وحان وقت التغيير

وبيّن الأكاديمي الفلسطيني أنّ "اسرائيل غير معنية بإسقاط حكم حركة حماس في غزة على الرغم من حروبها الأربعة التي خاضتها على القطاع، وهي تريد بقاء غزة في حالة انفصال وانقسام عن الضفة الغربية، وكذلك تهدف إسرائيل لإضعاف حركة حماس عسكرياً كي لا تمتلك قوة من شأنها أن تقلب موازين القوى مستقبلاً"، مبيناً أنّ "سماح الاحتلال بدخول الأموال القطرية لغزة والقيام ببعض التسهيلات الاقتصادية وغيرها، يظهر أنّ إسرائيل تريد بقاء حماس مسيطرة على القطاع، لبقاء حالة العزلة بين شقّي الوطن".

الاهتمام بالقضية الفلسطينية

من جهتها، تقول عضو الكنيست الإسرائيلي عن القائمة العربية المشتركة، عايدة سليمان، خلال حديثها لـ "حفريات": "بدا واضحاً، خلال ما يدور للمرة الأولى داخل الأروقة، ولدى شخصيات مهمّة على المستوى السياسي والعسكري والمخابراتي في إسرائيل، أنّ العدوان الصهيوني الدموي الأخير على غزة كان هدفه تحقيق نتنياهو لمصالحه وأهدافه الشخصية السياسية التي تهدف لبقائه في سدة الحكم"، موضحة أنّ "ما زاد الطين بلّة أنّ العدوان لم يأتِ بأية نتائج عسكرية، وهو ما أثار حفيظة العالم نحو ما قامت به سرائيل، كما أعاد اهتمام العالم بالقضية الفلسطينية مجدداً".

عايدة سليمان

وتابعت بأنّ "إسرائيل ما تزال تعيش حالة من التوترات الداخلية، وبات المجتمع الإسرائيلي منقسماً على ذاته، فمنهم من يؤيد نتنياهو للبقاء في الحكم وبعض الآخر يرفض ذلك، إلّا أنّه، في النهاية، في حال ترأس نفتالي بينت، زعيم قائمة "يمينا"، لسدة الحكم في إسرائيل، فهو لن يغير أو يقدم شيئاً جديداً، كونه شخصية لا تقل يمينية وتطرفاً عن بنيامين نتنياهو، من خلال تشجيعه على زيادة الاستيطان وبناء المستوطنات وإيمانه الكبير بتحقيق الوعد التوراتي لأرض إسرائيل الكبرى".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية