ويسألونك عن "آل الحويني"

ويسألونك عن "آل الحويني"


26/07/2022

عمرو فاروق

لا يكف "آل الحويني" عن استفزاز الشارع المصري، بالفتاوى الشاذة والمثيرة للجدل، والتي لم تطلق عبثاً أو فراغاً، لكنها تأتي وفقاً لمشروع سياسي، يعمل على تبديل "الهوية" المجتمعية والثقافية، شارك في بنائه الحويني الأب (أبو إسحاق)، منذ تسعينات القرن الماضي، ويستكمله حالياً نجله "حاتم"، بأدوات جديدة، تمهد لمشروع إسقاط مدنية الدولة وقوميتها.

يعتبر حجازي محمد يوسف، المكنى بـ"أبو إسحاق الحوينيّ"، يلقبه مريدوه بـ"أعلم أهل الحديث"، رغم جهله الواضح في مختلف العلوم الشرعية، إذ إنه لم يدرس أي علم من العلوم الشرعية على أيدي المتخصصين، ما يؤهله للدعوة والفتوى، سوى أنه تخرج في قسم اللغه الإسبانية بكلية الألسن في جامعة عين شمس.

الحويني الأب (أبو إسحاق)، رجل متصفح للعلوم الشرعية وليس دارساً لها، وشتان ما بين المطالعة وبين دراسة علوم الفقه والشريعة والحديث واللغة، والتي تعد إحدى إشكاليات الانحراف الفكري، والإنجراف بالفئات الشبابية إلى طريق التطرف والإرهاب.

الصق الحويني الأب، نفسه زوراً وبهتاناً بعدد من علماء الشريعة الذين ذاعت شهرتهم في المملكة العربية السعودية والدولة المصرية، من باب عقدة أنه ليس أزهرياً، مدعياً كذباً أنه تتلمذ على أيديهم، في حين أنه كان يتردد على دروسهم مثله مثل عوام الناس، ولم يكن تلميذاً لأي منهم مثلما أشاع من باب الخداع والتلفيق والتدليس.

الكثير ممن يطلق عليهم مشايخ "جيل الصحوة"، هم في الأصل دعاة شهرة، وجامعو أموال، إذ حصدوا عشرات الملايين، من طريق شرائط الكاسيت، وكتب الأرصفة، وتملقهم لممولي مشروع "السلفية المعاصرة"، التي اخترقت المجتمعات العربية منذ سبعينات القرن الماضي، وتحصلوا منهم على أموال طائلة نقلتهم إلى رغد العيش في الفلل والقصور الفارهة، في الوقت الذي اخضعوا فيه رقاب أجيال كاملة تحت أقدامهم بعباءة الدين والتدين.

اعترافات الحويني الأب، بتصدره للدعوة والفتوى، رغم أنه لم يكن يعرف الفرق بين الواجب والمستحب والمندوب (فقه العبادات والمعاملات)، جاءت لمحاولة غسل سمعته، من توريط الشباب والزج بهم إلى معاقل التطرف والتشدد، كما أنها دليل على أنه ليس عالماً أو صاحب علم، ولم يأخذ العلم تلقياً وتعليماً على يد علمائه.

تربى "آل الحويني" ومن على شاكلتهم على ثقافة "الكفيل"، الذين يغدق وينفق عليهم الأموال، ويمنحهم العطايا، ويفتح أمامهم أبواب القصور المغلقة، فاختاروا أسهل الطرق وأيسرها وصولاً للشهرة والمال، من دون تعب أو نصب، ولم يقدموا علماً أو معرفة تنفع الناس في دينهم أو دنياهم.

ما يفعله مراراً حاتم الحويني (الابن)، من التطاول على الدولة المصرية ورموزها، (عمل مدفوع الأجر)، ويأتي كذلك من قبيل مداعبة أتباع تيارات الإسلام السياسي، المعادين للنظام السياسي المصري حالياً، لصناعة بؤرة سلفية حركية ساخطة على الدولة المصرية وأجهزتها التنفيذية، تستنسخ مشروع "تيار الصحوة"، وتروج لمفاهيم الدولة الدينية الكهنوتية.

يعيش حاتم الحويني (الابن)، بعقدة أو متلازمة التبعية الأبوية، بسبب الحويني الأب (أبو أسحاق)، لكنه هنا لم يرغب في التمرد على جلباب أبيه، بل سعى جاهداً من باب الانتهازية للاستفادة واستغلال شعبيته وجماهيريته، مصدراً معها شهادته الأزهرية، لعله يناله من الكعكة التي تعايش والده في ظلها لسنوات طويلة، وكانت سبباً في أن تُسخّر له أرباب القصور وأموالهم.

الحويني الأب (أبو أسحاق)، معجب بشدة بدور الحويني الابن (حاتم)، الذي يسير على دربه ويتسق مع عباءته، ويخطو على نهجه، لذلك يستثمره كرأس حربة في استكمال دوره حفاظاً على مصالحه مالياً وإعلامياً، بل وتصفية حساباته مع خصومه أيضاً.

الاشتباك مع المخالفين لمعسكر التيارات المتسلفة، دائماً ما يصنع النجومية والشهرة، لذا يحرص حاتم الحويني (الابن)، على استغلال كل مساحة أو فرصة للظهور والإعلان عن وجوده من خلال آرائه الشاذة فكرياً وعقائدياً، حتى يحظى باستمالة المريدين والمنخدعين من دوائر الإسلام الحركي وغيرهم.

تنطح ومزايدة حاتم الحويني (الابن)، لا تبتعد كثيراً عن تشدد وانحرافات الحويني الأب (أبو إسحاق)، ومشربه وتأويله للكثير من القضايا الفقهية والفكرية وفقاً لضلالات الخوارج ومنهجهم العقيم في التأصيل الشرعي.

يسعى حاتم الحويني، مستغلاً شعبية والده في استمالة أنصار ومريدي التيار السلفي داخل المؤسسة الأزهرية، بهدف صناعة نجومية زائفة وهالة وقداسة شخصية، من خلال تحريضه وهجومه المستمر على الأزهر، ودار الإفتاء، ووزارة الأوقاف المصرية.

يتعايش ويسيطر على "آل الحويني" زهوة الاستعلاء والتعالي، والاصطفاء، ومن ثم يحاول حاتم الحويني جاهداً، أن ينال ميراث الحويني الأب (أبو إسحاق)، شعبيةً ومكانةً، وأن يُصبغ عليه عشرات الألقاب التي يطلقونها على أنفسهم ويخدعون بها دراويشهم من الشباب، مثل "أعلم أهل الأرض"، وشيخ الإسلام"، و "إمام الأئمة"، في إطار ديكور المتاجرة بالدين وجني الأموال.

ارتمى "آل الحويني" في أحضان مؤسسة "عيد الخيرية"، التي تمول الإرهاب (وفقاً للقائمة السوداء للخارجية الأميركية)، بعد تورطها في دعم الجماعات المتطرفة، أمثال حركة "التوحيد والجهاد"، ومتمردي حركة "تحرير أزواد" وحركة "أنصار الدين" و"أنصار الشريعة" إلى جانب تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب"، و"جماعة أنصار الإسلام والمسلمين"، فضلاً عن أنها مصنفة على قوائم الإرهاب من قبل دول الرباعي العربي، (مصر والإمارات والسعودية، والبحرين).

لا يمكن أن ينكر "آل الحويني"، تماهيهم مع قيادات جماعة "الإخوان المسلمين"، في ظل ارتباط المصالح المشتركة بينهما، لا سيما أن الحويني شارك في إعداد 33 بياناً هاجم القوات المسلحة المصرية عقب سقوط حكم "الإخوان" في 30 حزيران (يونيو) 2013، بحكم عضويته في "مجلس شورى علماء المسلمين"، الذي تشكل بتدبير من خيرت الشاطر، نائب مرشد الجماعة (مسجون حالياً)، للسيطرة على التيارات السلفية والرموز الدينية في مصر.

عن "النهار" العربي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية