7 أعوام على الربيع العربي..الكابوس الليبي: تهريب للبشر وتهديد جهادي

7 أعوام على الربيع العربي..الكابوس الليبي: تهريب للبشر وتهديد جهادي


04/01/2018

بعد سبعة أعوام من اندلاع الثورة ضد نظام الدكتاتور معمر القذافي. باتت ليبيا ساحة للتهريب، مقسمة وبدون حكومة وتخضع لنفوذ الميليشيات؛ حيث يجري الاتجار بالبشر والوقود والسلاح وتنتهك حقوق الإنسان.

ويتنازع طرفان السلطة، التي شهدت فراغاً عقب سقوط القذافي، ومقتله بعد تسعة أشهر من انتفاض جماعات من تيارات فكرية مختلفة وقبائل وأطراف معارضة في المنفى استجابة لشرارة "الربيع العربي".

لكن أياً من هذين الطرفين يتمتع بشرعية ديمقراطية: فهناك حكومة في طرابلس تحظى بدعم من الأمم المتحدة وأخرى في طبرق تحت قيادة المشير خليفة حفتر.

يسيطر حفتر على 70% من الأراضي الليبية وتحت إمرته الجزء الأكبر من الموارد البترولية

ويسيطر حفتر، الذي أمضى عقدين بالمنفى في الولايات المتحدة، على 70% من الأراضي الليبية وتحت إمرته الجزء الأكبر من الموارد البترولية، فضلاً عن دعم روسيا والسعودية وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا، والاعتراف به من قبل الأمم المتحدة كطرف ضروري.

يوضح الصحفي والمحلل السياسي صالح، لوكالة الأنباء الإسبانية (إفي) أنّ "المشكلة الأكبر في ليبيا اليوم ليست سياسية. بل الاقتصاد غير الرسمي، تهريب كافة أنواع المنتجات، هذا هو ما يحرك الاقتصاد الوطني ويوفر القوت للسواد الأعظم من العائلات نظرا لعدم وجود الدولة".

ويضيف صالح، الذي رفض ذكر المزيد عن هويته لأسباب أمنية، "ليس فقط سوق السلاح والمهاجرين، فهذا هو الجزء الظاهر. بل الوقود أيضاً، الذي يمتد إلى شمال أفريقيا بالكامل وحتى جنوب أوروبا"، وتسيطر عليه الميليشيات.

ووفقاً لبيانات مركز (مجموعة الأزمة) للدراسات، فإنّ الاتجار بالبشر يدّر مليار ونصف المليار يورو سنوياً في ليبيا، موزعة على المناطق والميليشيات المختلفة التي تنخرط في هذه العملية بعدة مدن.

المشكلة الأكبر في ليبيا اليوم ليست سياسية بل الاقتصاد غير الرسمي

 

وفيما يخص الوقود، يكشف المركز أنّ العائدات تقّدر بملياري يورو سنوياً ولا تقتصر على ليبيا فحسب؛ بل تمتد إلى إقليم الساحل بأكمله، مع ضلوع دول مثل؛ الجزائر ونيجيريا، وصولاً إلى إيطاليا.

وكان القبض على فهمي بن خليفة، الملقب بـ "ملك التهريب"، بشمال غربي البلاد في آب (أغسطس) الماضي، قد كشف عن صلات برجال أعمال، ومسؤولين في مالطا، وبعصابات الجريمة المنظمة (المافيا) مثل؛ عائلة إركولانو في صقلية.

بالمثل، طلبت الشركة الوطنية الليبية للبترول مؤخراً إلى النيابة العامة في غرب البلاد القبض على 144 شخصاً لصلتهم المحتملة بتهريب الوقود "الذي يهدر على البلاد مئات الملايين من اليورو كل عام".

المشكلة في ليبيا هي أنّ كل ميليشيا تعمل لمصلحتها فحسب، لا تبرز إحداها ولا يمكن لأي منها تولي قيادة مشتركة

كما تسهم هشاشة الحدود، خاصة في المناطق الجنوبية الغربية- الخاضعة لنفوذ أشخاص مثل؛ الفريق علي كنة، المنحدر من قبائل الطوارق والذي يسعى لإعادة إحياء نموذج القذافي- في تدفق الجهاديين الذين حّولوا ليبيا لأبرز معاقلهم في شمال أفريقيا.

وفي خضم حالة الفوضى هذه، وجد تنظيم "داعش" في ليبيا تربة خصبة للنمو، ليحتل على مدار أشهر مدينة سرت مسقط رأس القذافي، قبل أن يطرد منها في كانون الأول (ديسمبر) 2016. لكن حتى مع تراجع قواهم، يستمر الجهاديون في التواجد بالصحراء ولا يزال خطرهم قائماً.

دفع هذا الوضع إلى تفكير أجهزة استخبارات أجنبية لعدم استبعاد إمكانية عثور أبو بكر البغدادي، الذي نصّب نفسه خليفة وزعيم "داعش"، في "هذه المنطقة الرمادية" على ملاذ له بعد فراره المحتمل من العراق.

يقول عميل أوروبي لوكالة (إفي):"هناك احتمال ضعيف لحدوث ذلك. "داعش" هو أحد المنظمات الجهادية العديدة التي تنتشر في الساحل وهو ليس الأقوى بينها. جماعات مثل القاعدة في المغرب الإسلامي وأنصار الشريعة أو التحالف الجديد الناشئ في مالي على يد إياد أغ غالي، هي التهديد الحقيقي".

ويتابع "المشكلة في ليبيا هي أنّ كل ميليشيا تعمل لمصلحتها فحسب، لا تبرز إحداها ولا يمكن لأي منها تولي قيادة مشتركة. يحاول حفتر لعب هذا الدور، لكن السواد الأعظم منها لا تثق به. عجزه عن السيطرة على درنة وحتى بنغازي مشكلة أيضا".

ويتفق خبراء ليبيون في هذا السياق على وجود خيارات محدودة لأن تكون هناك عملية السلام والمصالحة التي يحاول مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليبيا غسان سلامة، الذي عُيّن قبل أربعة أشهر تقريباً.

وأشار الدبلوماسي اللبناني قبل أسابيع إلى هذه العوامل، مؤكداً أنّ ليبيا لا تتوافر فيها بعد الظروف المواتية لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية تتضمنها خطته التي يعتزم تنفيذها العام الجاري.

ومع هذه الفرضية، اتفق المشير حفتر، الذي يعد جزءاً أساسياً من الحل للنزاع، وذلك خلال مقابلة أجريت معه مؤخراً أصرّ فيها على أنّ ليبيا "غير مستعدة للديمقراطية".

تعرض آلاف من سكان مدينة تاورغاء (غربا) للطرد من المدينة عام 2011 بسبب دعمهم لنظام القذافي

بناء متباطئ للدولة

ترى فدريكا سايني فاسانوتي، من (مؤسسة بروكينجس) ومقرها واشنطن، في تصريحات أدلت بها لوكالة (فرانس بريس).

أنّ "العملية الديمقراطية- مثلما يعلّمنا التاريخ- طويلة دائماً، قاسية وصعبة للغاية". مضيفة "إنشاء دولة قد يستغرق عقوداً، وربما قروناً في بعض الحالات".

وتقابل كل محاولة لإعادة النظام بقدر أكبر من العداء من جانب الجماعات المسلحة التي تغّير ولاؤها وفقاً للمصلحة اليومية.

العملية الديمقراطية طويلة دائماً وقاسية وصعبة للغاية فإنشاء دولة قد يستغرق عقوداً وربما قروناً في بعض الحالات

فعلى سبيل المثال، تعرض آلاف من سكان مدينة تاورغاء (غربا) للطرد من المدينة عام 2011 بسبب دعمهم لنظام القذافي. تفاوضت الأمم المتحدة مع حكومة الوفاق الوطني على عودتهم. لكن الجماعات المسلحة منعتهم من دخول المدينة مطلع شباط (فبراير) الماضي.

لكن مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة يتوقع إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية عام 2018، كوسيلة لاستعادة النظام. تعين على المشير حفتر، الذي حاول فرض نفسه في 2017 كبديل وحيد للسلطة، الاستجابة لمطالبات القوى الغربية التي تعترف بحكومة الوفاق الوطني، وأعلن تأييده لإجراء انتخابات.

ونجح حفتر، المدعوم من قبل كل من مصر والإمارات العربية المتحدة، الصيف الماضي من إنزال الهزيمة بالميليشيات الجهادية في بنغازي، بعد ثلاثة أعوام من القتال. بيد أنّ العنف ما يزال مستمراً في ثاني كبرى مدن ليبيا.

تحليل لوكالة الأنباء الإسبانية (إفي) منشور في صحيفة (الأوبسربادور) الأوروجوائية بتاريخ 17 شباط 2018


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية