ما دلالات استهداف الحرس الثوري داخل ايران؟

إيران

ما دلالات استهداف الحرس الثوري داخل ايران؟


14/02/2019

أعلنت إيران، أمس، وعبر مواقع رسمية إيرانية  "وكالة أرنا"، قتل وإصابة العشرات من عناصر الحرس الثوري الإيراني -يتردد أن عدد القتلى حوالي 40 عنصراً  على الأقل- في عملية انتحارية، تبنّى ما يسمى بـ "جيش العدل"، التابع لتنظيم جند الله، مسؤوليته عن تنفيذ العملية، والتي تمت في إقليم بلوشستان، الواقع جنوب شرق إيران، والذي تقطنه غالبية سنية، تتعرض للتهميش والإقصاء من قبل النظام الإيراني، الذي تشكل المذهبية جوهره، والمنصوص عليها بدستور الثورة الايرانية.

تأتي العملية رداً من إحدى المحافظات الإيرانية المهمشة "بلوشستان"، إعلاناً وتذكيراً بأنّ هناك قطاعات وإثنيات إيرانية ترفض النظام المذهبي في إيران

استهداف قطاعات الحرس الثوري داخل إيران ليس جديداً، وتحديداً في المحافظات والمناطق الإيرانية التي لا يشكل الفرس أغلبية فيها، ولا تتبع المذهب الشيعي، وهو المذهب الرسمي للدولة بعد الثورة الإسلامية عام 1979، حيث تشهد محافظات العرب الأحواز، في جنوب غرب إيران، والأكراد في شمال غرب إيران، والبلوش في جنوب شرق إيران، عمليات نوعية ضد الحرس الثوري تشمل التفجيير والاختطاف وإطلاق النار من خلال الكمائن، وكان آخرها العملية التي نفذت ضد عرض عسكري للحرس الثوري في الأحواز، في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، وراح ضحيتها حوالي مئة عنصر وقيادي من الحرس الثوري، وأعلنت حركة النضال العربي لتحرير الأحواز مسؤوليتها عن العملية، فيما أعلن تنظيم "داعش" لاحقاً مسؤوليته عن العملية وهو ما تبنّته القيادة الإيرانية، لإرسال رسالة أنّها تتعرض لإرهاب "داعش".

لكن العملية التي وقعت أمس في محافظة بلوشستان، تحمل العديد من الدلالات الزمانية والمكانية والسياقية، كما يلي:

أولاً: تتزامن العملية مع مناسبتين؛ الأولى: الذكرى الأربعين للثورة الإيرانية، والتي احتفلت بها القيادة الإيرانية والحرس الثوري، وبخطة محكمة بإخراج الحرس الثوري وعائلاتهم إلى الشوارع لإرسال رسالة بحجم تأييد القيادة الإيرانية، وتوجهاتها رغم العقوبات الاقتصادية والسياسية المفروضة على ايران.

أما المناسبة الثانية فهي انعقاد مؤتمر وارسو الذي دعت له الولايات المتحدة في وارسو، ورغم كم الملاحظات الكثيرة على المؤتمر من حيث حجم ومستوى الحضور وجدول أعماله، وتحديداً إقحام قضية "صفقة القرن" على جدول أعماله، إلا أنّ القضية الوحيدة التي تشكل قاسماً مشتركاً بين المشاركين فيه هي مواجهة إيران وتشديد الخناق عليها.

اقرأ أيضاً: إيران تحمّل هؤلاء مسؤولية التفجير الذي استهدفت الحرس الثوري

ثانياً: تأتي العملية رداً من إحدى المحافظات الإيرانية المهمشة "بلوشستان"، إعلاناً وتذكيراً بأنّ هناك قطاعات وإثنيات إيرانية ترفض النظام المذهبي في إيران، وأنّ الصورة التي يقدمها الإعلام الإيراني بالتفاف الشعب الإيراني حول القيادة الإيرانية ليست صحيحة، وهي تطرح مجدداً حقيقة العدالة والمواساة التي تدعيها القيادة الإيرانية، بعد مرور أربعين عاماً على الثورة.

ثالثاً: لا تملك القيادة الإيرانية شجاعة الاعتراف بالحقيقة، إنها تمارس التمييز والظلم على الشعب الإيراني، وهو ما اعترف به الرئيس حسن روحاني، في حملته الانتخابية قبل عامين، لذا جاء الخطاب الإيراني "معلباً ومكرراً" وباتجاهين وهما: توجيه التهمة للسعودية وباكستان بدعم التنظيمات الإرهابية "السنية" في إيران، وأنّ الحرس الثوري سيرد على هذا الاستهداف داخل وخارج إيران.

 

ويلاحظ أنّ هناك تغيراً محدوداً في الاتهامات الإيرانية، بين هذه العملية وتلك التي نفّذت في أواخر العام الماضي في الأحواز، حيث أضافت إيران إلى قائمة داعمي الإرهاب باكستان، فيما لم تهدد في عملية الأحواز بأن ردها سيكون داخل إيران وخارجها، وهو ما يعني التخطيط لعمليات في بعض الدول العربية والأوروبية، بالإضافة للعمليات التي تنفذها في سوريا والعراق واليمن، ويرجح أن أية عملية سيتم تنفيذها لن تتم بمشاركة مباشرة من الحرس الثوري، وستترك مهمة تنفذيها لوكلاء إيران.

من الملفت للنظر استثناء إسرائيل من اتهامها بالوقوف وراء العملية ودعم تنظيم "جيش العدل"، وهو ما يرسل رسالة بكيفية استثمار وتوظيف إيران لهكذا عمليات

ومن الملفت للنظر استثناء إسرائيل من اتهامها بالوقوف وراء العملية ودعم تنظيم "جيش العدل"، وهو ما يرسل رسالة بكيفية استثمار وتوظيف إيران لهكذا عمليات بما يخدم أجنداتها السياسية، إذ إن استثناء إسرائيل من الاتهامات الإيرانية، يعكس إدراك القيادة الإيرانية لمخاطر توجيه تهديدات لها على خلفية عملية نفذت في إيران وليس في سوريا أو العراق.

وبالخلاصة، من المرجح ألا تكون العملية التي نفذت ضد الحرس الثوري الأخيرة، وربما تشهد مناطق الأحواز ومناطق الأكراد عمليات مشابهة، وهو ما يدعو إيران إلى مراجعة سياساتها وصياغتها للصراع في المنطقة على أسس مذهبية، وإدراك حجم التحولات التي يشهدها العراق والمظاهرات التي شهدتها بغداد ومناطق الجنوب العراقي والتي رفعت شعارات "إيران برة برة" وهي غير معزولة عن المظاهرات التي شهدتها طهران ورفعت شعارات" الموت للشيطان..الموت لروحاني"، بالإضافة للتحولات التي يشهدها الملف السوري، وعنوانها إخراج إيران من سوريا، وهو ما تتوافق عليه أمريكا وروسيا، في رؤيتهما لشكل ومضمون سوريا الجديدة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية