تقرير دولي: الميليشيات والانقسامات الداخلية تعرقل إصلاح نظام احتجاز المهاجرين في ليبيا

تقرير دولي: الميليشيات والانقسامات الداخلية تعرقل إصلاح نظام احتجاز المهاجرين في ليبيا


16/12/2020

نشرت "المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة الدولية" تقريراً حول مسألة الهجرة غير الشرعية في ليبيا، وتساءلت: "هل يمكن إصلاح نظام احتجاز المهاجرين فيها"؟  

وأكد تقرير المبادرة العالمية، المنشور على موقعها بتاريخ 14 كانون الأول (ديسمبر)، الذي ترجمه ورصده موقع "الساعة 24" الليبي، للكاتبين "هاري جونستون" و"دومينيك نايش"، على أنه بعد وقف الأعمال العدائية في ليبيا، وما وصفه بـ"جهود وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا، لمكافحة الجريمة في قطاع الأمن"، هناك أسباب للنظر فيما إذا كان هناك مجال الآن لإصلاح نظام احتجاز المهاجرين في ليبيا.

وتساءل التقرير: "ولكن، بالنظر إلى تورط الميليشيات في مراكز الاحتجاز، وسياسات ما بعد الصراع في ليبيا، ما احتمالات الإصلاح"؟  

 

دعوات إلى تغييرات فورية في سياسات ليبيا بشأن احتجاز المهاجرين في المراكز المؤمنة من قبل ميليشيات حكومة الوفاق

ويواصل التقرير موضحاً أنه "في ليلة 2 تموز (يوليو) 2019 أصابت غارة جوية مركز احتجاز المهاجرين في تاجوراء خارج طرابلس، ما أسفر عن مقتل 53 مهاجراً، وكانت الصرخة لإغلاق هذه المراكز في طرابلس فورية".

وتساءل المراقبون عن سبب احتجاز مئات المهاجرين في مثل هذا الموقع مع احتدام الصراع في أنحاء العاصمة، ودعت الحكومات إلى تغييرات فورية في سياسات ليبيا بشأن احتجاز المهاجرين.

وأردف التقرير: "ومع ذلك، بعد أكثر من عام لم يتغير شيء يذكر. تستمرّ مراكز الاحتجاز في العمل بالقرب من المواقع العسكرية، وهذه المراكز مؤمنة من قبل الميليشيات، التي قاتل بعضها إلى جانب حكومة الوفاق ضد الجيش الوطني الليبي".

وتابع: "هناك 34 مركز احتجاز، تحتجز ما يقدّر بنحو 3200 مهاجر في ليبيا، 20 منها، اسمياً على الأقل، تخضع لسلطة إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية. إنّ حقيقة أنّ جميع مراكز الاحتجاز في البلاد مؤمنة من قبل الميليشيات هي إشكالية، ليس فقط لأنّ هذا يسمح بارتكاب انتهاكات ضد المحتجزين، ولكن أيضاً لأنّ الميليشيات نشطة في نزاع مسلح".

الميليشيات تستفيد من مراكز الاحتجاز، من خلال تورطها في شبكات تهريب البشر أو الاتجار بهم، أو باستخدام المهاجرين في العمل

وأكمل: "في مركز احتجاز المهاجرين في طريق السكة، على سبيل المثال، قاتل العديد من الحراس إلى جانب حكومة الوفاق الوطني ضد القوات المسلحة العربية الليبية، خلال نزاع 2019-2020".

وأشار التقرير إلى "أنّ ميليشيا أخرى، هي قوة الأمن المركزي في أبو سليم، تقوم بحراسة مركز احتجاز المهاجرين في أبو سليم. وكانت تلك الميليشيا منخرطة بشدة في الصراع، الذي أسفر عن العديد من الإصابات في المنطقة المحيطة بمطار طرابلس الدولي".

وأكد التقرير المترجم أنّ "وحدات التحقيق والترحيل هي عنصر آخر في نظام الاحتجاز الليبي"، لافتاً إلى أنه "قد تزامن ظهورها مع أعداد متزايدة من عمليات إطلاق سراح للمهاجرين غير مصرّح لها، في نقاط الإنزال على الشواطئ الليبية".

وأضاف: "من الممكن أن ينتهي الأمر بهؤلاء المهاجرين في وحدات التحقيق والترحيل قبل نقلهم إلى مركز احتجاز"، مشيراً إلى أنه "تدار وحدات التحقيق والترحيل من قبل الميليشيات، على الرغم من وضعها شبه الرسمي ضمن إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية".

ويواصل التقرير توضيح فكرته، مبيناً أنّ "الميليشيات تستفيد من مراكز الاحتجاز من خلال تورطها في شبكات تهريب البشر أو الاتجار بهم، أو باستخدام المهاجرين المحتجزين في العمل، أو بتحويل البضائع المخصصة للمحتجزين، أو الظهور كجهاز خدمات أمن الدولة لتعزيز شرعيتها".

باشاغا يواجه انقساماً في السلطة حول موضوع المهاجرين، وقادة الميليشيات والموظفون العموميون يعتمدون على توزيع السلطة

"في منطقة سوق الخميس بالقرب من مدينة الخمس، حيث تصاعدت عمليات تهريب البشر، هناك عدة مجموعات مسلحة، ويقع مركز احتجاز المهاجرين بسوق الخميس ضمن شبكة عملياتها. تقوم الميليشيات برشوة المهاجرين أو ابتزازهم مقابل المال"، بحسب التقرير.

وأردف تقرير المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة الدولية: من المرجح أنّ "الحراس في مركز النصر قد استفادوا من الابتزاز أو الرشوة، إلى جانب الإفراج غير المصرّح به عن المهاجرين مقابل مبالغ مدفوعة، وهو شكل من أشكال الاتجار بالبشر".

وأكمل: "بعض الميليشيات تستغل المهاجرين المحتجزين للعمل"، مبيناً أنه "غالباً ما ينطوي العمل الذي يُجبَر المهاجرون على القيام به على تنظيف الأسلحة وتحميل الذخيرة، الأمر الذي قد يؤدي إلى اعتبار مراكز الاحتجاز أهدافاً عسكرية قابلة للاستهداف، كما كان الحال مع الغارة الجوّية على مركز تاجوراء في عام 2019".

واستطرد التقرير: إنّ "الميليشيات تستفيد في العديد من مراكز الاحتجاز أيضاً، من خلال تحويل وإعادة بيع البضائع المعدة للاستخدام داخل المراكز، نظراً لأنّ الميليشيات لا تخضع لأيّ إشراف ذي مغزى من الدولة، فهي تتمتع بحرّية التصرف كـ"حراس بوابات"، وسحب البضائع مقابل الأمن الذي توفره".

وذكر التقرير أنه "من المحتمل أن توفر مثل هذه الترتيبات شكلاً أكثر أماناً واستدامة من الأمن الوظيفي والدخل، لا سيّما إذا تم تحقيق أي عمليات استقرار وطني أو إصلاح لقطاع الأمن".

وأضاف التقرير: إنّ باشاغا يواجه "انقساماً في السلطة بين رئيس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، المبروك عبد الحافظ، ووكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة غير الشرعية محمد الشيباني، الذي تربطه صلات وثيقة بأسامة الجويلي قائد المنطقة العسكرية الغربية. وهذا الانقسام هو أكثر من إداري، ويشير إلى الترابط والاعتماد المتبادل لقادة الميليشيات والموظفين العموميين في توزيع السلطة".

واستطرد التقرير: "في تموز (يوليو) 2020، على سبيل المثال، المبروك عبد الحافظ أقال محمد الخوجة زعيم ميليشيا طرابلس التي تدير مركز احتجاز المهاجرين بطريق السكة، لكن بحلول أيلول (سبتمبر) كان من الواضح أنّ الخوجة تجاهل هذه التعليمات، وكان ما يزال في طرابلس".

ونقل التقرير على لسان أحد المصادر: إنّ "نفوذ الخوجة ازداد داخل جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، بسبب دوره خلال معركة طرابلس". وأردف التقرير: "كان من شأن إزالة الخوجة أن يزيد من سلطة باشاغا على نظام احتجاز المهاجرين، وهو جهد فشل في تحقيق مبتغاه".

وتابع التقرير: إنه "في مثال آخر عقب انتهاء القتال، تم تعيين أحد قادة الجماعة المسلحة، التي تدير مباني وحدات التحقيق والترحيل، في تموز (يوليو) الماضي من قبل رئيس الوزراء الليبي فائز السراج، في منصب رفيع في جهاز المخابرات الحكومية، على الرغم من حقيقة أنّ ميليشياته معروفة بابتزاز المهاجرين المحتجزين".

وقال التقرير المترجم: إنّ "هذه التطورات تشير إلى التنافس الدائر بين السياسيين المتنافسين على ولاء الميليشيات، والتأثير القوي للميليشيات على مسؤولي الدولة ومواردها".

وتابع: "كما تشير إلى حقيقة أنّ القوة في غرب ليبيا ما تزال تقاس بالقوة العسكرية. فعلى الرغم من انحسار الصراع، ما تزال الجماعات المسلحة تحتفظ بالقدرة على تشكيل السياسات الوطنية".

وأردف: "إنّ هذا له نتيجتان مقلقتان؛ الأولى: أنّ المسؤولين الحكوميين يُجبرون على إضفاء الطابع الرسمي على ترتيبات القوة المخصصة بناءً على أي جماعة مسلحة تصادف أنها تتمتع بميزة عسكرية في منطقة معينة"، والثانية: تساعد سيطرة الميليشيات المتنافسة على مراكز الاحتجاز والمناطق المحيطة بها على خلق مقاومة لسلطة مركزية موحدة. على سبيل المثال، تخضع منطقة أبو سليم في طرابلس، ومركز الاحتجاز فيها، للسيطرة كما لو كانت شبه دولة صغيرة، من قبل قوة الأمن المركزي في أبو سليم".

وواصل: "إنّ هذا سياق صعب للغاية لمتابعة إصلاح قطاع الأمن"، معتبراً أنّ "فتحي باشاغا حقق نجاحاً محدوداً في تحقيق هذا الهدف، وقد واجه معارضة من نخب الميليشيات المرتبطة سياسياً"، حسب التقرير.

وأكمل: إنه "لصالح باشاغا، كانت هناك احتجاجات في جميع أنحاء البلاد في الآونة الأخيرة مطالبة بحكم أفضل. علاوة على ذلك، يولي بعض شركاء ليبيا الدوليين الرئيسيين اهتماماً خاصاً بتعزيز حوكمة الهجرة في البلاد".

وأوضح التقرير أنّ "إصلاح نظام احتجاز المهاجرين مجال تتداخل فيه مصالح العديد من الأطراف"، مردفاً أنّ "تقديم مثل هذا البرنامج من شأنه أن يستجيب لتلك الدعوات التي أعقبت الغارة الجوّية على مركز احتجاز المهاجرين بتاجوراء، وتجنب الإجرام، وتقديم خدمة لآلاف المهاجرين المعرّضين حالياً لخطر الانتهاكات".

وختم التقرير: "يبقى السؤال؛ ما إذا كان بإمكان حكومة الوفاق الوطني، في مواجهة هذه الانقسامات الداخلية، أن تشقّ مثل هذا المسار؟".

الصفحة الرئيسية