هل انتهت صلاحية "النهضة" التونسية بإيقاف الغنوشي؟

هل انتهت صلاحية "النهضة" التونسية بإيقاف الغنوشي؟

هل انتهت صلاحية "النهضة" التونسية بإيقاف الغنوشي؟


20/04/2023

حمادي معمري

عصفت إجراءات الـ25 من يوليو (تموز) 2021 التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد بأركان "حركة النهضة"، حيث جثمت على الحكم منذ 2011 ورأس زعيمها راشد الغنوشي، البرلمان الذي كان يمثل أساس منظومة الحكم (نظام برلماني) بصلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.

ومنذ تلك اللحظة والحركة تكابد المصاعب الداخلية بتوالي استقالات قياداتها، وسط تمسك راشد الغنوشي بموقعه على رأسها، بالتزامن مع التحديات الخارجية المتعلقة بسياقات المشهد المتحرك في البلاد وانحسار دورها السياسي ومطالبة القوى المناصرة لرئيس الجمهورية بمحاسبة المنظومة السابقة.

ومثل إيقاف الغنوشي من قبل قوات الأمن منعرجاً سياسياً كبيراً في الحركة وفي المشهد السياسي الذي تمزقه الانقسامات، وباتت "النهضة" مهددة في وجودها السياسي إثر قرار السلطات التونسية إيقاف أنشطتها ومحاصرة مقارها، فأي مصير ينتظر الحركة بعد إيقاف رئيسها؟

لا يختلف اثنان في أن اسم الحركة الإسلامية ارتبط في تونس برئيسها راشد الغنوشي وإيقافه ومحاكمته سيؤثران حتماً في مصيرها، وسط مشهد سياسي متحرك ويؤشر إلى متغيرات جذرية.

وعلى رغم ما يتم تداوله من أن الغنوشي يتمتع بحصانة من جهات خارجية، علاوة على الرصيد السياسي للرجل محلياً وإقليمياً، بصرف النظر عن التقييمات المختلفة لأدائه، فإن خطوة إيقافه أربكت الحركة ومست المكانة الرمزية والاعتبارية للغنوشي.

مسؤول عن مصيرها

النائب السابق والكاتب الصحافي هشام الحاجي يؤكد في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن "الغنوشي فاعل في المشهد السياسي في تونس منذ ما يزيد على خمسة عقود وتزامن إيقافه مع بلوغه مرحلة متقدمة في السن ووسط مخاض داخلي في حركة النهضة، علاوة على أن الحركة مرتبطة سياسياً ومالياً وهيكلياً بشخصه وبالدائرة الضيقة المحيطة به، مما سيؤثر فيها"، مرجحاً إمكانية تصعيد قيادات جديدة لتتصدر المشهد في المستقبل، أو توجه عدد من قياداتها نحو تأسيس أحزاب من روافد الحركة، تنهل من المرجعية نفسها وتراهن على القواعد ذاتها.

ولطي صفحة راشد الغنوشي في الحركة، تسعى بعض القيادات من الصف الثاني إلى إعادة تجميع المستقيلين من الحركة منذ فترة وتجميع القواعد وإكساب الحركة وجهاً جديداً بعد أن أنهكتها ممارسة السلطة لأعوام متتالية.

ويحمل هشام الحاجي مسؤولية ما آلت إليه الحركة في الوضع الراهن إلى رئيسها راشد الغنوشي، واصفاً أداءه بـ"المرتبك، بخاصة في إدارة البرلمان وتشكيل الحكومات وإدارة الشأن الداخلي للحركة وتقييمه لتطورات المشهد السياسي على امتداد 10 أعوام".

ويرى أنه تم تقديم الغنوشي "على أنه رجل حكيم ومفكر استراتيجي، يناضل من أجل الديمقراطية، إلا أن أداءه كان مختلفاً بعد أن أعاد إنتاج الممارسات نفسها التي كان ينتقدها من خلال توظيف الأجهزة والمحاباة وتغليب الحسابات الشخصية وحسابات الحركة على حساب المصلحة العامة".

النهضة مصيرها الزوال

في الأثناء تذهب بعض الجهات السياسية في تونس إلى اعتبار أن "حركة النهضة منتهية"، إذ يعتبر رئيس حزب "التحالف من أجل تونس" سرحان الناصري في تصريح خاص أن "مصير حركة النهضة هو الزوال والاندثار لأنها ليست حزباً سياسياً، بل تنظيماً إخوانياً مهمته تدمير الدولة وزرع الفتنة والتأسيس لثقافة العنف والإرهاب"، داعياً إلى "حل حركة النهضة بموجب القانون ومحاسبة كل من أجرم في حق البلاد".

في المقابل تتمسك "حركة النهضة" بحقها في العمل السياسي في إطار القانون، وتؤكد القيادية والنائبة السابقة عنها يمينة الزغلامي في تصريح خاص أن "مستقبل حركة النهضة بيد قياداتها وكفاءاتها"، معتبرة أن "النهضة مشروع وطني، تقدمت إلى الشعب التونسي في فترة معينة وأداؤها يخضع لتقييمات متباينة وليست حكراً على الأشخاص، بل لها مؤسسات تحكمها وستواصل عملها في إطار القانون باعتبارها حزباً له تأشيرة ويحترم قوانين الدولة التونسية ودستورها وسيواصل عمله السياسي بشكل طبيعي".

وأضافت الزغلامي أنه "يجري الآن الإعداد لمؤتمر حركة النهضة لأنه في تقديرها مرتبط بواقع البلاد سياسياً، وسيتم قريباً الإعلان عن روزنامة لانطلاق المؤتمرات المحلية للحركة".

وترى النائبة السابقة أن "حركة النهضة التي تدافع عن الديمقراطية في تونس، لا بد من أن تمارسها في إدارة شأنها الداخلي".

يذكر أن الحركة كانت ستعقد مؤتمرها نهاية 2021، إلا أن جائحة كورونا فرضت تأجيله، علاوة على انقسام داخلها بين مؤيد لترشح راشد الغنوشي لولاية ثالثة، ورافض لذلك، بينما ينص النظام الأساسي للحركة على عدم ترشح رئيسها لأكثر من دورتين.

وخلصت الزغلامي إلى أن "تونس تواجه خطر ضرب الحياة السياسية التعددية من خلال تحجيم دور الأجسام الوسيطة من منظمات وأحزاب"، داعية إلى "التهدئة وتغليب الحوار وإعلاء المصلحة الوطنية العليا".

وتواجه "حركة النهضة" بعد 25 يوليو (تموز) 2021، جملة من الاتهامات تتعلق بإفساد الحياة السياسية وتلقيها تمويلاً خارجياً واختراق القضاء، فضلاً عن اتهامات تتعلق بالإرهاب وملف الاغتيالات السياسية في البلاد، إلا أن إيقاف رئيس الحركة راشد الغنوشي كان على خلفية تصريحات تتعلق بالتحريض والدعوة إلى حرب أهلية في اجتماع مع أعضاء جبهة الخلاص.

عن "اندبندنت عربية"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية