هل تصل ذراع أردوغان الطويلة إلى الجامعات البلجيكية

هل تصل ذراع أردوغان الطويلة إلى الجامعات البلجيكية


19/09/2020

سلجوق غولتاش

يبدو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان غير راض عن مجرد حظر عشرات المدارس التي في الداخل ويهدف إلى تنفيذ حملته خارج حدود تركيا.

وكان "كرسي فتح الله غولن للتعدد الثقافي" الذي تم إنشاؤه في جامعة لوفين الكاثوليكية في 2010 آخر أهدافه.

قررت جامعة لوفان الكاثوليكية، وهي واحدة من أفضل الجامعات في بلجيكا، إغلاق أحد منصاتها المحترمة والمثيرة للجدل في نفس الوقت. وليس بسبب فشل أكاديمي أو فضيحة، ولكن نتيجة لضغوط من الحكومة التركية.

وبالانصياع لضغوط زعيم استبدادي، تضع جامعة لوفين سابقة خطيرة من شأنها أن تؤدي إلى قدر أقل من الحرية الأكاديمية ومزيد من الرقابة الذاتية.

تأسس كرسي فتح الله غولن في 2010، ونجح في منح درجات الدكتوراه وتوجيه مئات الطلاب. ومع ذلك، قررت الإدارة الجديدة في الجامعة فجأة عدم تجديد عقده.

يتّهم الأساتذة الذين انتقدوا القرار ذراع أردوغان الطويلة وغياب المقاومة في جامعة لوفين.

بعد محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في 15 يوليو 2016، أغلق أردوغان 15 جامعة داخل البلاد بمراسيم رئاسية مختلفة.

في السنة الحالية، أغلقت جامعة إسطنبول شهير، وهي جامعة أخرى يُنظر إليها على أنها متعاطفة مع منتقديه. وفي ضربة خطيرة أخرى للتعليم العالي في تركيا، فُصل مئات الأكاديميين لأنهم طالبوا بإنهاء سلمي للصراع الكردي. وتمثّلت خطيئتهم الوحيدة في التوقيع على عريضة.

جادلت جامعة لوفان الكاثوليكية في بيانها بأنها لم تغلق الكرسي ولكنها لم تمدد عقده، الذي انتهى في أغسطس 2020. ونفت تعرضها لأي ضغوط سياسية من أنقرة.

ومع ذلك، يدرك الجميع أن حكومة أردوغان تشن حربا عالمية شاملة ضد حركة غولن إثر الانقلاب العسكري الفاشل في عام 2016، إذ تتهمه بتدبيره.

لكن أجهزة الاستخبارات الأوروبية لا تصدّق المزاعم التركية حتى الآن، ورفضت إدراج حركة غولن كجماعة إرهابية.

تصاعد الضغط التركي بعد محاولة الانقلاب، لكن رئيس الجامعة السابق، الأستاذ ريك تورفس، حارب الهجوم التركي.

وفي حديثه إلى "إي يو أوبزرف"، قال تورفس إن قرار العميد الجديد "مخز" للاستقلال الأكاديمي. وأضاف أنه أجرى لقاء مع السفير التركي في 2017 وأوضح له بأنه لن يستسلم لأي ابتزاز.

قال تورفس: "على الطاولة، كانت هناك قضيتان. كانت الأولى اعتراف السلطات التركية بشهاداتنا. والثانية أعمال حفر وتنقيب في مدينة ساغالاسوس في تركيا. وأوضحنا أننا لن نسمح بابتزازنا".

تعتبر مدينة ساغالاسوس موقعا أثريا في جنوب غرب تركيا، على بعد حوالي 100 كيلومتر شمال محافظة أنطاليا.

منذ عام 1990، كانت مركز مشروع تنقيب كبير، بقيادة مارك وايلكنز من لوفين. وفي مواجهة مقاومة الجامعة، أدرجتها السلطات التركية كمنظمة تدعم الإرهاب، ورفضت الاعتراف بشهاداتها، وهددت بوقف أعمال التنقيب في ساغالاسوس.

قال تورفس إن الجامعات أصبحت تُدار مثل الشركات. وتابع: "بالنسبة لي، تبقى الحرية الأكاديمية والاستقلالية أمرين مهمين، وتنوع الآراء هو الثراء. لسوء الحظ، أصبحت الجامعات شبيهة بالشركات".

غالبا ما يفتخر أردوغان وحكومته بالحرب الدولية التي يشنونها ضد جماعة غولن. وخطفوا المئات من أتباع غولن من البلدان التي يعيشون فيها في عمليات سرية وصفها الاتحاد الأوروبي بأنها "غير قانونية". ونُقلت العديد من المدارس التابعة لغولن في أفريقيا إلى مؤسسات تسيطر عليها الحكومة التركية، نتيجة لضغط أنقرة.

أخبرنا البروفيسور يوهان ليمان، وهو أول من شغل منصب مدير كرسي غولن، أنه بمجرد انتخاب رئيس الجامعة الجديد، دعته السلطات التركية إلى ساغالاسوس. ومن الواضح أنه "فهم" خلال هذه الزيارة أن أنقرة تتوقع منه إغلاق كرسي غولن.

في بيان مكتوب، جادلت جامعة لوفين بأن الاهتمام الأكاديمي بالكرسي قد انخفض. وقال ليمان: "لا أعتقد أن هذا صحيح. عندما كنت أدرس، كان 100 طالب على الأقل يمر علي في كل دورة. وفي الأشهر الستة الماضية واجهنا وباء عالميا، فمن الطبيعي أن تنخفض أعداد الطلبة المرسّمين".

يبقى البروفيسور ليمان متأكّدا من أن الكرسي أغلق بسبب ضغوط الحكومة التركية، وأن ذلك يشوه سمعة جامعة لوفين.

قال محمد بيرق، رئيس منصة الحوار بين الثقافات، التابعة لغولن والتي تمول الكرسي، إنه يشعر بخيبة أمل شديدة لانتصار هجوم أردوغان على الحرية الأكاديمية في معركة في أوروبا.

في جميع أنحاء أوروبا، يزداد القادة الشعبويون. إنهم يكرهون الديمقراطية الليبرالية ويطالبون بالطاعة في الصحافة والمحاكم والجامعات. ولا يجب أن تكون الجامعات الأوروبية شريكا في مسيرتها الاستبدادية.

عن "أحوال تركية"

الصفحة الرئيسية