انفجار بيروت: سنوات من الإهمال أم سنوات من سيطرة حزب الله

انفجار بيروت: سنوات من الإهمال أم سنوات من سيطرة حزب الله


06/08/2020

تسود العاصمة اللبنانية حالة من الغضب على المسؤولين المباشرين عن الانفجار الهائل الذي حدث الثلاثاء، وكذلك على الطبقة السياسية ككل، وسط اتهامات لحزب الله بالاستثمار في الفوضى والإهمال والبيروقراطية والفساد لتركيز نفوذه وتسهيل تهريب الأسلحة والمعدات والأشخاص إلى البلاد.

وقوبلت تعهدات المسؤولين بالتحقيقات الشفافة ومحاسبة المتورطين في التفجير بسخرية واسعة في الشارع اللبناني، فيما اعتبر نشطاء أن وضع المسؤولين المباشرين في المرفأ تحت الإقامة الجبرية ووعود المحاسبة يهدفان إلى امتصاص الغضب الشعبي، وأنها سرعان ما تنسى.

وتشير التحقيقات الأولية إلى أن الإهمال والتراخي في تخزين مادة شديدة الانفجار في ميناء بيروت هي سبب الانفجار الذي أودى بحياة أكثر من 107 شخص، ما أثار غضب اللبنانيين الذين يتداولون على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ “علقوا المشانق”، مطالبين بمحاسبة جميع المسؤولين.

وكشفت مصادر مختلفة أن المواد الموجودة في المستودع مصادرة منذ سنوات من باخرة في مرفأ بيروت حدث بها عطل، وموضوعة في “العنبر رقم 12 في المرفأ”، وأنه لم تتم “متابعتها بالشكل المطلوب”.

ونقل تلفزيون أو.تي.في المحلي عن حسن قريطم المدير العام لميناء بيروت قوله إن الميناء خزن قبل ستة أعوام بموجب أمر من المحكمة مواد شديدة الانفجار يعتقد أنها كانت سبب الانفجار القوي الذي هز العاصمة اللبنانية.

ونسبت القناة إلى قريطم قوله لها إن الجمارك وأمن الدولة طلبا من السلطات تصدير هذه المواد أو إزالتها لكن “لم يحدث شيء”. فيما قال موظف بالميناء إن فريقا عاين المواد المتفجرة قبل ستة أشهر وحذر من أنها “ستفجّر بيروت” إذا لم تنقل من المرفأ.

وأعلن رئيس الحكومة اللبناني حسان دياب أن 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم كانت مخزنة منذ ست سنوات في مستودع “خطير”.

وشكلت نيترات الأمونيوم مصدرا للعديد من المآسي، عرضية أو جرمية، في العالم، بينها انفجار مصنع في مدينة تولوز الفرنسية عام 2001، أدى إلى مقتل 30 شخصاً.

ويمكن أيضًا استخدام نيترات الأمونيوم في تصنيع الأدوات المتفجرة، ففي الـ19 من أبريل 1995 فجّر تيموثي ماكفي عبوة وزنها طنان من السماد أمام مبنى فيدرالي اتحادي في مدينة أوكلاهوما، مما أسفر عن مقتل 168 شخصا.

وأطلق المسؤولون اللبنانيون دعوات إلى “محاسبة جادة” لمعرفة الجهات التي تقف وراء التفجير. وقال الرئيس ميشال عون إن التحقيق في الانفجار الهائل سيكشف ملابسات ما حدث في أقرب وقت ممكن وتعهد بالكشف عن النتائج بشفافية.

من جهته، أكد حسان دياب أن “التحقيقات قد بدأت وستتم محاسبة جميع المسؤولين” بشأن الانفجار، جاء ذلك خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.

وفي خطوة وصفت بالساعية لامتصاص غضب الشارع، طلبت الحكومة اللبنانية فرض “الإقامة الجبرية” على كل المعنيين بملف تخزين نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت.

وقالت وزيرة الإعلام منال عبدالصمد خلال تلاوة مقررات مجلس الوزراء إثر اجتماع استثنائي “يطلب من السلطة العسكرية العليا فرض الإقامة الجبرية على كل من أدار شؤون تخزين مادة الأمونيوم وحراستها ومحّص ملفاتها، أياً كان” منذ وصولها إلى بيروت عام 2014 حتى تاريخ الانفجار.

كما أعلنت حالة الطوارئ في بيروت لمدة أسبوعين، ما يعطي الجيش صلاحية تنفيذ هذا الأمر.

وأوضحت عبدالصمد أن السلطة العسكرية العليا (الجيش) ستتولى فورا صلاحية المحافظة على الأمن بالعاصمة، مع وضع جميع القوات تحت تصرفها، بما فيها قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والجمارك وقوات الموانئ والمطار، ورجال الإطفاء. ولكن من دون أيّ إشارة إلى سلاح حزب الله والميليشيات التابعة له التي تسيطر على بيروت.

وبخصوص قرار فرض الإقامة الجبرية، أوضح وزير السياحة والشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية، خلال المؤتمر الصحافي ذاته، أنه “لا أسماء محددة بعد لمن ستشملهم الإقامة الجبرية”. لكن وزيرة المهجرين غادة شريم قالت خلال المؤتمر إن “الإقامة الجبرية ستكون لكل من أدار التخزين والحراسة والتمحيص بملف المواد المتفجرة في المرفأ منذ عام 2014”.

ويرى مراقبون لبنانيون أن هذه الإجراءات تغطي على حقيقة الأزمة في بيروت، حيث السيطرة الأمنية لحزب الله، الذي يتحمل لوحده مسؤولية ما يجري من تفجيرات سواء من خلال استهداف إسرائيلي أو من خلال حالة الإهمال، مشيرين إلى أنه لا قادة الجيش ولا القيادات الأمنية يقدرون على اختراق نفوذ الحزب والبحث في ما يجري تحت سيطرته، ولا أحد منهم كان يقدر على اتخاذ القرار بالتخلص من هذه المتفجرات الخطيرة.

وقال رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري، الأربعاء، إنه يجب إجراء تحقيق في انفجار مرفأ بيروت والاستعانة فيه بأصدقاء من الخارج. جاء ذلك في تصريحات للصحافيين، خلال تفقده الأضرار التي خلفها الانفجار.

وأضاف الحريري “مستعد لتحمل المسؤولية وكل شخص له يد في هذا الموضوع يجب أن يتحمل المسؤولية وتتم محاسبته”.

من جهته، قال تيار المستقبل الذي يرأسه الحريري إن “هناك شكوكا خطيرة تحيط بانفجار مرفأ بيروت، وتوقيته، وظروفه، وموقعه، وكيفية حصوله، والمواد الملتهبة التي تسببت فيه”.

وطالب التيار، في بيان عقب اجتماع لكتلة المستقبل عن بعد، بإجراء تحقيق في انفجار المرفأ والاستعانة فيه بأصدقاء من الخارج، داعيا “الدولة بكل مؤسساتها ورئاساتها ومكوناتها، إلى تحقيق قضائي وأمني شفاف، لا يخضع للمساومة والإنكار والهروب من الحقيقة والالتفاف عليها مهما بلغت حدود المسؤوليات فيه”.

ورأى أنه للوصول إلى ذلك “لا بد من طلب مشاركة دولية وخبراء دوليين ولجان متخصصة قادرة على كشف الحقيقة وتحقيق العدالة لبيروت وأهلها”.

وتزامن الانفجار مع انتظار اللبنانيين لقرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي اضطرت بسبب الانفجار إلى تأجيل إصدار حكمها في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري إلى 18 أغسطس "احتراما للعدد الكبير من الضحايا"، وفق في بيان لها.

وتساءل التيار في البيان، عن سبب وجود المواد التي تسببت في الانفجار منذ سنوات، في المرفأ، وعمّن جاء بها إلى لبنان وسمح بحجزها، وسبب صمت الأجهزة الأمنية عن وجودها.

عن "العرب" اللندنية

الصفحة الرئيسية