بعد "خلية الكويت".. هل تكون إيران ملاذ الإخوان الأخير؟

الإخوان المسلمون

بعد "خلية الكويت".. هل تكون إيران ملاذ الإخوان الأخير؟


17/07/2019

ضبطت السلطات الكويتية، يوم الجمعة الماضي، خلية من عناصر الإخوان الفارين من مصر، المدانين بأحكام قضائية، لتورّطهم في قضايا عنف وإرهاب، منها جريمة اغتيال النائب المصري العام، المستشار هشام بركات، العام 2015، ثمّ تسليمهم للسلطات المصرية، وذلك على دفعتين، بحسب الاتفاقيات الثنائية الموقَّعة بين البلدين.

اقرأ أيضاً: الكويت: أمننا خط أحمر.. و3 تحركات تؤكد ذلك
الخبر كان صادماً لجماعة الإخوان، التي أصدرت بياناً ادّعت فيه عدم ممارستها للعنف، وعلى الفور، ووفق بعض التقديرات الصحفية التي نقلتها "سكاي نيوز عربية"؛ فقد فرّ أكثر من 300 عنصر إخواني من الكويت، في اتجاه دول أخرى، ومنها تركيا وإيران، وبينت التحقيقات والتحريات التي أجرتها السلطات الأمنية عقد خلية الإخوان اجتماعات عدة في إحدى الدول الخليجية قبل إلقاء القبض عليهم، وكانت مكوَّنة من: عبد الرحمن محمد عبد الرحمن أحمد، وأبو بكر عاطف السيد الفيومي، وعبد الرحمن إبراهيم عبد المنعم أحمد، ومؤمن أبو الوفا متولي حسن، وحسام محمد إبراهيم محمد العدل، ووليد سليمان محمد عبد الحليم، وناجح عوض بهلول منصور، وفالح حسن محمد محمود.

اقرأ أيضاً: بهذه الطريقة ردّ "إخوان الكويت" على خبر القبض على الخلية الإرهابية
الارتباك الذي حدث داخل التنظيم، وقع لعدم توقّعه ما جرى، خاصة في دولة الكويت، التي كانت طوال الأعوام العشرة الماضية أحد المراكز المهمّة للعمل الإخواني بالخليج، عن طريق جمعياتهم المنتشرة بطول البلاد وعرضها، مثل: جمعية النجاة، والإصلاح، وجمعية البلاغ، وهو ما فتح المجال للحديث فيما بعد عن مسارات الهروب، وموقع دول الخليج منها، ثم المستقبل، وهل يمكن أن يحطّ التنظيم الإخواني بإيران في ظلّ سياساتها القائمة على زعزعة الإقليم، وتلك العلاقة التاريخية بين القادة الإيرانيين وجماعة الإخوان؟
ضبطت السلطات الكويتية، يوم الجمعة الماضي، خلية من عناصر الإخوان الفارين من مصر

تركيا وقطر الملاذ الأول
في 14 آب (أغسطس) 2013؛ كان فضّ اعتصام رابعة، الذي سبقته ترتيبات لهروب بعض القيادات، وفوجئ المراقبون بتوجه طارق الزمر وعاصم عبد الماجد، قياديَّي الجماعة الإسلامية، وأحمد المغير وعبد الرحمن عز، من شباب الإخوان، وعمرو دراج وجمال حشمت، أعضاء مكتب الإرشاد، إلى قطر، وكان هذا يشير إلى أنّهم كانوا يعرفون مآل الاعتصام، وبدؤوا الترتيب لموجات الفرار والسفر إلى خارج مصر، وكان اختيار الدوحة لأسباب كثيرة، وفق مراقبين، أهمّها: حجم الدعم الذي يتلقاه التنظيم الدولي هناك، والتواجد بالقرب من قناة "الجزيرة"، التي كانت تنقل فعاليات المسيرات الإخوانية، إلّا أنّ الضغط الخليجي، خاصة من السعودية والإمارات، دفع هذه العناصر للانتقال إلى تركيا، لتصبح هي المركز الرئيس لاستقبال الفارين من مصر.

نقلت تقارير الأيام الماضية فرار أكثر من 300 عنصر إخواني من الكويت بشكل مفاجئ

ووفقاً للباحث محمد الفقي في تصريحه لـ "حفريات" فإنّه "رغم أنّ تركيا كانت أحد ملاذات الإخوان لقيادات الصف الثاني والثالث، الذين خرجوا من مصر في أعقاب عزل الرئيس الإخواني مرسي، إلا أنّها، وبعد الأزمة القطرية، أصبحت الملاذ الأول، مع تواجد قيادات الصف الأول أيضاً، بعد انتقالهم من قطر".
عقب تصاعد الأزمة القطرية؛ قال أردوغان في تصريح نقلته "فرانس 24"، يوم 16 أيلول (سبتمبر) 2014، وكان على متن طائرة عائداً من الدوحة: إنّ "الشخصيات الإخوانية البارزة ستكون موضع ترحيب في تركيا، إذا رغبت في المجيء"، ومن هذه اللحظة كانت إسطنبول هي المدينة التي فتحت فيها مراكز دراسات وقنوات فضائية إخوانية، وعقدت فيها اجتماعات التنظيم الدولي.
وأصبح السودان، بداية العام 2015، محطة مؤقتة لانتقال قيادات وعناصر الإخوان، تمهيداً للذهاب إلى الملاذ في قطر وتركيا، وبقي فيها فقط شباب الجماعة غير البارزين، أو المؤثرين، وقيادات الصف الثالث، وبعض اللجان النوعية المسلحة، التي كان يسهل عليها الانتقال من وادي العلاقي إلى حدود مدينة أسوان، ومنها لباقي المحافظات المصرية للقيام بعمليات مسلحة، وفي هذا التوقيت انتشرت وثيقة نقلتها مواقع محسوبة على جماعة الإخوان، تفيد بتوجيه الدعم للإخوان الفارين وذلك خلال اجتماع حضره الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، في تشرين الأول (أكتوبر) 2015، وتسهيل عملية انتقالهم.

الانتقال إلى البؤر البعيدة
تصاعدت الضغوط على الدوحة، ولم يرد السودان أن يصبح وحده في قلب العاصفة، وبدأنا نشهد عمليات طرد شباب الجماعة من الخرطوم، بداية العام 2016، مع التباينات بين فصيلي التنظيم الذي يقوده الحرس القديم، بقيادة محمود عزت، والآخر الذي كان يقوده محمد كمال قبل مقتله، وتحريض الأول على الثاني، وكان الفيديو المشهور لشباب الإخوان المطرودين دون سكن في شوارع العاصمة السودانية.

اقرأ أيضاً: أردوغان والإخوان: مَنْ يستخدم مَنْ؟
بدأ الانتقال الثاني إلى محطات بعيدة، وكانت المرة الأولى التي تتردد فيها ماليزيا كأحد ملاذات الإخوان، حينما منعت السلطات المصرية نجل محمد مرسي من السفر إلى كوالالمبور، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، ثم انتقل شباب الجماعة إلى مكان أبعد، وهو جنوب إفريقيا، وكشفت وثائق نشرتها "المصري اليوم"، في 25 كانون الأول (ديسمبر) 2016، مخططات الإخوان في الانتشار في عموم القارة الإفريقية، وانتخاب نائبَيْن لمسؤول الجماعة، أحدهما يدعي محمد هلال، نائباً لقطاع شرق وجنوب إفريقيا، وإدارة ملف الهاربين وترتيب الفعاليات المناهضة للنظام المصري، يقوم بها حسين عباسي، وهو الذي نسّق مع (اتحاد المحامين المسلمين) و(اتحاد الشباب المسلم)، مقاضاة السيسي، ما منعه عن حضور القمة الإفريقية.

يتولى الإيراني أمير موسوي ملف الإخوان وحركات الإسلام السياسي وهو من يدير الملف بشمال إفريقيا ومصر

وقام التنظيم بترتيبات أخرى، سهّلت انتقال بعض العناصر إلى جيبوتي، ومنهم: أمير بسام، وعز الدين الكومي.
وسافر شباب الجماعة المطرودين من حرس الجماعة القديم من السودان، باتجاه كوريا الجنوبية، ولم يأخذ ذاك حيزاً علنياً، إلا عقب واقعة احتجاز أحد شباب الجماعة، ويدعى أحمد المقدم، في أيلول (سبتمبر) 2018.
وفي الفترة من كانون الأول (يناير) إلى أيار (مايو) 2018، قدّم 276 شخصاً طلبات لجوء إلى كوريا الجنوبية، من بينهم 112 مصرياً، وهو عدد كبير، وفق وزارة العدل الكورية.
وبالنظر إلى أنّ هذا العدد الكبير من شباب الجماعة مثّل عبئاً كبيراً عليها، وصراعات الأجنحة الإخوانية، والتغيرات في الإقليم؛ فقد خططت الجماعة لعمل خلايا للدعم اللوجستي، وكانت الكويت والبحرين محطتيْن مهمتيْن في الانتقالات والملاذات الإخوانية.

اقرأ أيضاً: كيف غيّر الإخوان ملامح التنظيم الدولي وآلياته؟
كان التنظيم المصري الخاص بالكويت هو المخطِّط لهذه الانتقالات، التي ضمّت الصف الثاني والثالث من الجماعة، لكنّهم تفاجؤوا بالقبض على هذه الخلية، ما قلب الخطط المرسومة.

إيران الملاذ الأخير
ولم يعد هناك خيار أمام الجماعة الآن إلا الهروب بعناصرها إلى طهران، ويرى باحثون أنّها المكان الأنسب بسبب العلاقات التاريخية الممتدة بين الجانبين، والتي بدأت بزيارة نواب صفوي إلى القاهرة في الأربعينيات، ثم انتهت بدعم الجماعة لثورة الخميني.

اقرأ أيضاً: محمد بن سلمان: الاضطرابات السياسية مصدرها إيران والقاعدة وداعش والإخوان
هناك علاقات متشابكة بين الجماعة وملالي طهران، يتداخل فيها الحركي مع الاقتصادي، مع النفعي الوظيفي، ويتنحى المذهبي جانباً، فكتُب سيد قطب ترجمها للفارسية مرشد إيران الحالي، خامنئي، والذي بنى جزءاً من العاصمة طهران هو الاقتصادي الإخواني يوسف ندا، وفق مذكراته، وحاجة إيران الماسة الآن إلى الجماعة باليمن وسوريا وشمال إفريقيا، يجعلها الملاذ الأخير.

اقرأ أيضاً: بشهادة "القاعدة".. العنف خرج من رحم "الإخوان"
ويتولى الإيراني أمير موسوي ملف الإخوان وحركات الإسلام السياسي، وكان له دور كبير في إدارة ملف هذه الحركات بشمال إفريقيا ومصر، وهو يخطّط، وفق تصريح خاص للباحث بالشأن الإيراني، محمود جابر، "لاختراق الدولة من أطرافها بأسوان ومحافظة البحر الأحمر"، وهذا لن يتم تنفيذه سوى عن طريق جماعة الإخوان، وإيواء عناصرها سيعطيه فرصة كبيرة في ذلك، خاصة أنّه تربطه علاقات وثيقة بمحمود حسين، وكمال الهلباوي، ويوسف ندا، وغيرهم من قيادات الجماعة.
كشف القبض على خلية الكويت أنّ الجماعة تمرّ بفترة حرجة؛ إذ إنّ تسليم عناصرها، وحصارها بدول الخليج أربك لها حساباتها، وجعلها الآن رهينة الخيار الأمني الذي يمسك به الأتراك والإيرانيون.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية