متى تعلن واشنطن رسمياً ميليشيات الحوثيين منظمةً إرهابية؟

متى تعلن واشنطن رسمياً ميليشيات الحوثيين منظمةً إرهابية؟


27/09/2020

تتفاعل الدعوات المطالبة بتصنيف ميليشيات الحوثيين اليمنية كمنظمة إرهابية، بعد ازدياد جرائم هذه الميليشيات المنقلبة على الشرعية في اليمن، بتمويل ودعم من إيران وحلفائها الإقليميين في المنطقة.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين أمريكيين لم تسمّهم أنّ إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تدرس اتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، معتبرين أنّ هذه الخطوة تهدف لزيادة الضغط على إيران، الراعي الرئيسي للحوثيين، كما نقل موقع "الحرة".

وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إنّ "إدارة ترامب تدرس خطوات جديدة لتشديد الضغط على المتمردين الحوثيين في اليمن، بما فيها إمكانية تصنيفهم منظمة إرهابية أجنبية".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين أنّ الغاية من هذا التوجه هي "تحقيق المزيد من العزلة لإيران راعية هذه الجماعة".

ويؤدي تصنيف ميليشيا الحوثي، "منظمة إرهابية" إلى منعها من الحصول على الدعم والإسناد، مع عدم إمكانية سفر أعضاء منها إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تجميد الأصول المالية للجماعة.

نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين أمريكيين أنّ إدارة ترامب، تدرس اتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، معتبرين أنّ هذه الخطوة تهدف لزيادة الضغط على إيران، الراعي الرئيسي للحوثيين

ولم تتخذ الإدارة الأمريكية أي قرار بعد بهذا الشأن، حسب مسؤولين لم تفصح "واشنطن بوست" عن هويتهم، لكنّ البيت الأبيض يدرس عدة خيارات، من ضمنها "تصنيف قادة في جماعة الحوثي "كإرهابيين عالميين".

وكانت فتحت مساعي الميليشيات الحوثية، لفرض 20 في المائة من ثروات اليمنيين لمصلحة المنتمين إلى سلالة زعيمها عبد الملك الحوثي، أبواب الجحيم على الجماعة مع اشتداد موجة الغضب في الشارع السياسي والحقوقي، وهو ما أعاد المطالب بقوة لتشريع قانون يمني يصنف الحوثيين "حركة إرهابية"، وفق تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط" في حزيران (يونيو) الماضي.

"قانون تجريم الحوثية"

وفي حين تصاعدت هذه الأصوات الداعية إلى "قانون تجريم الحوثية" على مستوى النخبة اليمنية المناهضة للانقلاب، تزامن ذلك مع دعوات مماثلة في الدوائر الغربية لتصنيف الجماعة ضمن لوائح الإرهاب، على خلفية علاقتها بالحرس الثوري الإيراني، كما أوصت بذلك أخيراً لجنة شؤون الأمن في الحزب الجمهوري الأمريكي.

وأعلن وكيل وزارة الإعلام اليمنية عبد الباسط القاعدي في تصريح لـ"الشرق الأوسط" أنه يؤيد صدور مثل هذا القانون لتجريم العنصرية التي قال إنّ أبرز تجلياتها في اليمن هي الحركة الحوثية القائمة على مبدأ التمايز العرقي.

وفضلاً عن أنّ الدستور اليمني يحرّم في الأساس قيام أي كيان على أساس طائفي أو مذهبي وهو حال جماعة الحوثي حالياً، يؤيد القاعدي أن يتم تصنيف الحوثي "جماعة إرهابية والتعامل معها على هذا الأساس"، لافتاً إلى أنّ الشواهد تؤكد أنّ الحوثي منذ ظهوره كجماعة مسلحة في 2004 "جنى على اليمن والمنطقة ونشر الفوضى والإرهاب بصورة لا تضاهيه فيها كل جماعات الإرهاب مثل القاعدة وداعش".

اقرأ أيضاً: "مسام" ينفذ عملية إتلاف جديدة للآلاف من الألغام الحوثية.. هذا عددها

ورغم الأثر الرمزي لبعض التدابير الأمريكية محل الدراسة ضد ميليشيات الحوثي، فإنّ التدابير الجديدة ستجعل نشاطها أكثر تعقيداً، مثلما سيصبح في المقابل إدخال المساعدات الإنسانية إلى اليمن أكثر صعوبة.

وسبق للإدارة الأمريكية أن فكرت في تصنيف جماعة الحوثي، "أنصار الله"، منظمة إرهابية سنة 2018، إلا أنها تراجعت، لتفادي تعقيد وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن من جهة وتفادي تعريض الغربيين الناشطين في المناطق اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون إلى الخطر وفق "واشنطن بوست".

ولكن مع العقوبات الدولية ضد إيران، وسعي الإدارة الأمريكية الحثيث لتمديد حملة "الضغط القصوى" ضد نظام الملالي، يبدو أنّ التصنيف بات أكثر ترجيحاً.

تراجع حظوظ التسوية السياسية

وتتزامن هذه التطورات مع تراجع حظوظ التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة اليمنية، والتي تسببت في انقسام حاد وأسوأ أزمة إنسانية سمحت لإيران بزيادة نفوذها في شبه الجزيرة العربية.

ويقول مسؤولون غربيون إنّ إيران زادت بشكل مطرد من دعمها للحوثيين، وقدمت المزيد من الصواريخ والطائرات بدون طيار، وغيرها من المساعدات  العسكرية.

وذكر مسؤول أمريكي كبير أنّ المسؤولين يستعدون لإجراء مراجعة قانونية واستخباراتية لتحديد ما إذا كانت جماعة الحوثي تفي الآن بمعايير تصنيفها كمجموعة إرهابية، أو فرض عقوبات جديدة عليها، بطريقة لم تشهدها من قبل.

يؤدي تصنيف ميليشيا الحوثي، "منظمة إرهابية" إلى منعها من الحصول على الدعم والإسناد، مع عدم إمكانية سفر أعضاء منها إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تجميد الأصول المالية للجماعة

يشار إلى أنّ الحكومة السعودية صنفت الحوثيين جماعة إرهابية عام 2014. فيما يخضع زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، بالفعل لعقوبات أمريكية بسبب زعزعته لاستقرار اليمن.

ويقول جايسون بلازاكيس، الأستاذ في مركز "ميدلبيري للدراسات الدولية"، في حديثه مع "واشنطن بوست"، إنّ تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، يعتبر أكثر ضرراً من العقوبات الأخرى، ويمكن أن يمهد  الطريق لهجمات عسكرية ضدها، على غرار ما حدث مع الحرس الثوري الإيراني.

وقال بلازاكيس إنه من الممكن صياغة بعض "الاستثناءات" التي بإمكانها أن تتيح للمنظمات الإنسانية التعامل مع الجماعة دون التأثير على المساعدات.

جرائم إرهابية تخطت الخيال

ويشكو اليمنيون من الجرائم الإرهابية التي تخطت الخيال وتنفذها كل يوم ميليشيات الحوثيين، حيث ما زال عالقاً في أذهان اليمنيين والعالم، مشهد من صارت تعرف بـ"فتاة الماء".

اقرأ أيضاً: هل تصنف أمريكا الحوثيين مجموعة إرهابية؟.. ما المانع؟

 وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن، الشهر الماضي، قصة حزينة عن إقدم قنّاص حوثي على قنص طفلة لا تتجاوز الثامنة من العمر، أثناء جلبها الماء لأسرتها، وذلك في أحد أحياء مدينة تعز جنوب غرب اليمن.

وبحسب "العرب" اللندنية، تظهر صورة جرى تداولها على منصات التواصل الاجتماعي، الطفلة رويدا صالح ملقاة على الأرض، وهي مضرجة بدمائها وبجوارها غالون بلاستيكي، كانت ستجلب الماء فيه.

وأظهرت صور أخرى شقيقها عمري صالح الذي يقربها في العمر يحاول إنقاذها بسحبها من المكان، وقد نجح في ذلك في مشهد بطولي، إذ تم إسعافها في أحد مستشفيات المدينة.

اقرأ أيضاً: في الذكرى السادسة للانقلاب: كيف ابتلع الحوثيون اليمن

وتعد هذه جزءاً من جرائم الحوثيين، إذ يكشف الرصد الدقيق لانتهاكات وجرائم ميليشيات الحوثي بحق الشعب اليمني منذ الانقلاب على الشرعية اليمنية في 21 أيلول (سبتمبر) 2014، عن النهج الطائفي- العنصري الذي تبنته جماعة الحوثي في مواجهة اليمنيين، والممارسات التي ترقى إلى جرائم حرب وإبادة جماعية.

ووفق ما رصدته تقارير منظمات وهيئات دولية متخصصة في رصد انتهاكات حقوق الإنسان (منظمة الأمم المتحدة للطفولة/ يونيسف.. المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.. منظمة العفو الدولية...) تواصل الميليشيات الحوثية "استهداف المدنيين، واتخاذهم دروعاً بشرية، وحصار المدن، والاعتداء على الأعيان، والاختطاف، والإخفاء القسري، والتعذيب، والتهجير القسري، وزراعة الألغام، وتجنيد الأطفال في القتال..."، فيما تعددت حالات الموت تحت التعذيب.

اقرأ أيضاً: الحوثيون يعيدون إحياء الإمامة الزيدية في اليمن بمواصفات إيرانية

وتشمل الانتهاكات الحوثية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات، كما رصدها موقع "عاجل"، الممتلكات العامة والخاصة كالاقتحامات والتفتيش ونهب الممتلكات وتفجير المنازل وقصف المساجد ودور العبادة، والقصف العشوائي المتعمد، والتمترس في الأحياء السكنية، ونهب المعسكرات، واحتلال المقرات الأمنية والمؤسسات التعليمية والطبية ومنازل المدنيين، واتخاذها مواقع عسكرية، واستهداف المركبات الخاصة ونهبها.

وكشفت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية، عن تضرر أكثر من ستة ملايين طفل بشكل مباشر نتيجة الحرب التي شنتها الميليشيات الحوثية منذ انقلابها على الحكومة الشرعية؛ حيث تواصل ميليشيات الحوثي الإرهابية تجنيد الأطفال، والزج بهم في معارك عبثية، وتعريضهم لخطر الإصابة بالألغام، وتسريبهم من المدارس.

اقرأ أيضاً: دليل جديد على صناعة إيران لصواريخ الحوثيين... هذا هو

ووفق الوزارة، فإنّ أكثر من 5.2 ملايين طفل يمني تحولوا من مقاعد الدراسة إلى سوق العمل، إضافة إلى نحو مليوني مليون طفل يعانون من سوء التغذية بسبب الحرب ذاتها، كما تواصل الميليشيات الحوثية الانقلابية، تدريس الأطفال مناهج طائفية وتجنيدهم للقتال لصالحها.

مليون لغم

وتتجاوز عدد الألغام التي زرعتها الميليشيات المليون لغم، إضافة إلى الألغام البحرية ما يعرقل سلامة الملاحة الدولية، خاصة أنّ اليمن يطل على أهم مضيق دولي "باب المندب".

وتسببت الممارسات الحوثية في تفاقم الأزمة اليمينة، حيث يعاني نحو 19 مليون شخص من سوء تغذية، و21 مليون آخرين في حاجة إلى مساعدة غذائية، وحوالي 14 مليوناً في حاجة إلى مساعدة إنسانية، إضافة لتعرض نحو 18 ألف شخص لتعذيب تعسفي على يد الميليشيات الحوثي.

اقرأ أيضاً: "الحوثيون" والتلاعب بالمبادرات الأممية

وفي سياق متصل، كشف تقرير صادر عن فريق الخبراء الأممي المعنيّ باليمن عن فساد ميليشيا الحوثي وسرقتها المال العام، عبر السطو على مصير الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة، حيث أوضح التقرير بالأدلة والأسماء والأرقام نماذج من عمليات غسل الأموال والاستيلاء غير القانوني على الإيرادات العامة، وحجز ومصادرة الأصول لتمويل حربهم ضد اليمنيين.

وأكد التقرير استمرار عمليات النهب المنظم للمال العام من قبل قادة الميليشيا الحوثية لشراء العقارات ونقل الأرصدة والاستثمار في الخارج، فيما يعاني غالبية المواطنين في مناطق سيطرتها أوضاعاً مأساوية بعد أن فقدوا رواتبهم وأعمالهم.

ويتزامن ذلك مع معدلات غير مسبوقة من الجوع والفقر والمرض، وسط مطالبات بالتحقيق في مصير الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة ومئات المليارات في الخزينة العامة منها 400 مليار ريال طبعة جديدة نهبتها الميليشيا الحوثية من البنك المركزي، وكذلك التحقيق في مصير أموال صندوق التقاعد الحكومي، ومئات المليارات من الإيرادات سنوياً من الضرائب والجمارك والزكاة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية