تصعيد إسرائيلي إيراني للضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة... فهل يرتقي إلى الحرب؟

تصعيد إسرائيلي إيراني للضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة... فهل يرتقي إلى الحرب؟


02/02/2021

تسعى كلٌّ من طهران وتل أبيب للحصول على أكبر مكاسب ممكنة من الإدارة الأمريكية الجديدة تضمن مصالحها، وكلٌّ منهما في اتجاه مختلف، فإيران تكثف حديثها وتضخّم قدراتها النووية من أجل دفع الرئيس الأمريكي جو بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي في أسرع وقت، وفي المقابل لا ترغب إسرائيل في تلك العودة، خصوصاً إذا ما جاءت على نهج الاتفاق القديم، الذي تراه غير كافٍ.

مصادر عبرية: إيران أرسلت إلى دولة أفريقية عملاء عنها، بعضهم مواطنون فرنسيون يحملون الجنسية الإيرانية، بهدف جمع معلومات عن سفارتي إسرائيل وأمريكا

وفي إطار الرغبتين المتضادتين، تشهر كلٌّ منهما قوة أسلحتها، وتتراشق الاتهامات، وتُصعّد التهديدات، ولكن يبقى التصعيد محكوماً بـ"خطوط حمراء دون المواجهة العسكرية المباشرة، وقبل مرحلة الحرب، والتي عندها ستكون كافة الأطراف خاسرة"، بحسب الباحث في الشأن الإيراني محمد عبادي.

إسرائيل أعلنت صباح اليوم عن كشفها مخططاً إيرانياً لضرب إحدى سفاراتها في دولة شرق أفريقية

وكانت إسرائيل قد أعلنت صباح اليوم عن كشفها مخططاً إيرانياً لضرب إحدى سفاراتها في دولة شرق أفريقية، دون تسميتها، ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن هيئة البث الإسرائيلي أنّ إيران أرسلت إلى هذه الدولة الأفريقية عملاء عنها، بعضهم مواطنون فرنسيون يحملون الجنسية الإيرانية، بهدف جمع معلومات عن سفارتي إسرائيل والولايات المتحدة في هذه الدولة تمهيداً لاستهدافهما لاحقاً.

إقرأ أيضاً: إيرانيون في الجيش الإسرائيلي وإذاعات في تل أبيب مدعومة من طهران

وأشارت هيئة الإذاعة الإسرائيلية إلى أنه جرى اعتقال عدد من هؤلاء العملاء، بعضهم في الدولة الأفريقية، وآخرون في دول مختلفة. وذكر مراسل القناة الـ11 المتلفزة مواف فاردي، نقلاً عن مصادر أمنية ودبلوماسية غربية، أنّ إيران وضعت هذا المخطط للانتقام لمقتل قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري قاسم سليماني، والعالم النووي البارز محسن فخري زاده.

يأتي ذلك عقب أيام من اتهام تل أبيب لطهران بالوقوف خلف محاولة استهداف سفارتها في نيودلهي، فقد تداولت وسائل إعلام إسرائيلية رسالة تهديد وصلت إلى السفير الإسرائيلي هناك من جماعة "أنصار الله الهندية"، وهي المرّة الأولى التي يُسمع فيها عن تلك الجماعة، ثمّ تلاها الانفجار الذي لم يسفر عن ضحايا.

وتوقع الباحث في الشأن الإيراني محمد عبادي، في تصريح لـ"حفريات"، وقوف طهران بالفعل وراء تلك المحاولات، قائلاً: إنّ واحدة من أهمّ الأدوات الإيرانية للردّ على خصومها أو التصعيد هي الخلايا الإرهابية في الخارج، التي نفذت عدداً من العمليات، منها استهداف نيودلهي وغيره.

وكانت طهران قد نفت علاقتها بالتفجير، وردّت على الاتهامات الإسرائيلية باتهامات مضادة بوقوف "طرف ثالث" خلفها، يحاول ضرب العلاقات الإيرانية ـ الهندية، الآخذة في التطوّر.

 إسرائيل توجه رسائل خشنة إلى الإدارة الأمريكية الجديدة

وفي غضون ذلك، اجتمعت الحكومة الإسرائيلية ليل الإثنين ـ الثلاثاء لمناقشة الاستعداد لهجوم محتمل ضدّ إيران، وفق وسائل إعلام إسرائيلية.

رسائل إسرائيل لبايدن

وأرجع الباحث في الشأن الإيراني التصعيد الإسرائيلي ضدّ إيران، فيما يتعلق ببرنامجها النووي، أو الوجود الإيراني طويل الأمد في سوريا، إلى تخوفات لديها من عودة الإدارة الأمريكية الجديدة إلى السير على خطى إدارة أوباما، خاصّة مع وجود بايدن في رأس السلطة، وهو الذي شغل منصب نائب أوباما مدّة 8 أعوام، وكذلك تعيين روبرت مالي مبعوثاً خاصاً إلى إيران، وهو واحد من أعمدة الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، وبالرغم من أنّه يهودي الديانة، إلّا أنّ موقفه المعلن يميل لصالح الحوار والتفاوض مع إيران، إلى حدّ وصفه الشروط الـ 12 لوزير الخارجية السابق مايك بومبيو في صيف 2018 ضدّ إيران بأنّها شروط غير مقبولة.

عبادي: التصعيد الإسرائيلي ضد إيران، فيما يتعلق ببرنامجها النووي، أو الوجود الإيراني طويل الأمد في سوريا، يرجع إلى تخوفات من عودة الإدارة الأمريكية إلى السير على خطى أوباما

وأضاف الباحث: لذا حرصت إسرائيل على توجيه رسائل خشنة إلى الإدارة الأمريكية الجديدة، لكي تكون ضمن محددات علاقة إدارة بايدن مع إيران، هذه الرسائل بدأت حتى قبل رحيل ترامب وتسلم بايدن السلطة بشكل فعلي، سواء باغتيال العالم النووي الأبرز والموصوف بأنّه "أبو القنبلة النووية الإيرانية" محسن فخري زادة، أو استهداف القواعد العسكرية الإيرانية في جنوب وشرق سوريا، وما تحويه من أسلحة ثقيلة وصواريخ دقيقة، لإجبار إيران على مغادرة سوريا عسكريّاً على الأقل.

إقرأ أيضاً: إيران تتقدم في إنتاج اليورانيوم.. فما مستقبل الاتفاق النووي؟

هذا، فضلاً عن تسريبات تكشف عن خطط إسرائيل الجاهزة لضرب منشآت نووية إيرانية، إذا اقتربت طهران من امتلاك السلاح المرعب، وهذا ما يلقى صدى في أروقة الإدارة الأمريكية الجديدة، وهو ما يدفعها إلى تبنّي مخاوف حلفاء واشنطن في الإقليم، سواء دول الخليج العربي أو إسرائيل، بحسب عبادي.

وتابع:  انعكس هذا على الخطاب الأوّل لوزير الخارجية الحالي أنتوني بليكن، الذي ألمح إلى أنّ الاتفاق النووي الحالي لم يعد كافياً لطمأنة الخصوم؛ أي إنّ أي اتفاق لا بدّ أن يشمل برنامج إيران الصاروخي، وملف وكلائها في المنطقة، ودعمها للميليشيات التي تتمركز في عدد من الدول العربية.

وتوقع عبادي أن تواصل إسرائيل تصعيدها ضدّ إيران للتأكيد على موقفها لدى إدارة بايدن، بالطبع لن يكون التصعيد كما كان إبّان الضوء الأخضر الكامل في عهد إدارة "ترامب- بومبيو"، لكنه سيكون ضمن مساحات أقلّ حدّة واستفزازاً للإيرانيين، مثل الساحة السورية المفتوحة أمام الهجمات الإسرائيلية، وأيضاً الهجمات السيبرانية، وهي مساحة آمنة لشنّ هجمات بين الطرفين، فضلاً عن استغلال المحافل الدولية والاجتماعات الإقليمية للضغط الدبلوماسي على إدارة الديموقراطيين، التي تمثل امتداداً لسياسات باراك أوباما الذي منح إيران اتفاقاً وشرعية دولية وعشرات المليارات، كان لها أثرها الكبير في تحويل المنطقة إلى برميل بارود من خلال دعم الميليشيات الإيرانية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية