هل تكون "سناب باك" خطة الولايات المتحدة البديلة ضد إيران؟

هل تكون "سناب باك" خطة الولايات المتحدة البديلة ضد إيران؟


20/08/2020

يرجح أن تندلع مواجهة جديدة بين الولايات المتحدة وإيران، بعد فشل تمديد حظر السلاح على إيران، الجمعة الماضية، إثر امتناع أحد عشر عضواً في مجلس الأمن الدولي عن التصويت على مشروع القرار، الأمر الذي كان متوقعاً ومحتملاً في دوائر صنع القرار الأمريكي، وإدارة الرئيس دونالد ترامب؛ إذ وصف مستشار الأمن القومي الأمريكي، روبرت أوبراين، رفض بعض الدول التصويت على تمديد حظر الأسلحة على إيران بأنه "ليس مفاجئاً"، بينما اعتبر موقف فرنسا وألمانيا وبريطانيا "مخيباً للآمال".

لا بديل عن العقوبات ضد إيران

تعددت تصريحات المسؤولين الأمريكيين في ما يتصل بالتأكيد على مواصلة فرض العقوبات الأممية على طهران، وأكدوا على البند الموجود في الاتفاق النووي، الموقع في العام 2015، الذي يمنح الحق للأطراف المشاركة فيه بإعادة فرض العقوبات عند إخلال طهران ببنوده.

اقرأ أيضاً: ماذا قال الكاظمي قبل زيارته واشنطن؟ وما علاقة إيران؟

ونشر وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، تغريدة عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قال فيها: "بمجرد أن تعتقد الولايات المتحدة أنّ إيران لم تلتزم بتعهداتها، فلا يمكن لأي دولة أخرى أن تمنع قدرتنا على إعادة فرض عقوبات متعددة".

وفي المقابل، جاءت الردود المضادة من جانب النظام الإيراني، حيث قال مستشار وزير الخارجية الإيراني، محمد صدر، إن "ما حدث في اجتماع مجلس الأمن يعد هزيمة ثقيلة للولايات المتحدة، ودونالد ترامب، ونصراً للدبلوماسية الإيرانية"، ولفت إلى أنّ "الأوروبيين يعدون الاتفاق النووي مبادرتهم، رغم أنّ وزير الخارجية الأمريكي (السابق)، جون كيري، لعب دوراً بارزاً في المفاوضات النهائية، لكنّ أساس الحوار كان بمبادرة من الأوروبيين، خاصة منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فدريكا موغريني".

استقالة براين هوك، المبعوث الأمريكي الخاص لإيران، من منصبه دون تحديد أسباب وملابسات ذلك، بعث بأسئلة عديدة حول توقيت ودلالة التنحي الذي وصفه البعض بـ"الغامض

وعلى إثر ذلك، أعلن الرئيس الأمريكي تفعيل آلية عقوبات بديلة "سناب باك"، مطلع الأسبوع المقبل، والتي تقتضي العودة إلى كافة عقوبات الأمم المتحدة على إيران، وذلك في سياق الرد على رفض قرار تمديد حظر التسليح من جانب مجلس الأمن، كما دانت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، بقوة، مجموعة الدول التي امتنعت عن التصويت على قرار تمديد حظر الأسلحة على إيران، وقالت "إنّ أفعال إيران تغذي الصراع والفوضى في ظل دعم النظام للإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وخارجها. وأنها تواصل وضع حياة الملايين من الرجل والنساء والأطفال الأبرياء تحت التهديد المباشر والخطر، بواسطة دعم الجماعات التي تعمل لها بالوكالة، وكذا المنظمات الإرهابية، في بلدان مثل سوريا واليمن ولبنان والعراق". 

روسيا تدخل على الخط  

ومن جانبها، قالت وزارة الخارجية الروسية، إن وزير الخارجية سيرغي لافروف، ونظيره الأمريكي، مايك بومبيو، قد تحدثا عبر الهاتف بخصوص اقتراح روسيا عقد قمة عبر الإنترنت بالأمم المتحدة، تتناول الشأن الإيراني"، وذكر بيان الخارجية الروسية أنّ "الوزيرين تبادلا الآراء بشأن اقتراح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عقد اجتماع حول القضية الإيرانية، وإيجاد سبل لضمان أمن موثوق في منطقة الخليج، مع مراعاة مصالح الجميع".

اقرأ أيضاً: الأسطول الخامس الأمريكي يتابع تحركات إيران في الخليج.. تفاصيل

كما أكد بيان الخارجية الروسية على "دعم روسيا الكامل للقرار (2231)، موضحاً أنّ هذا القرار "يعد إنجازاً سياسياً ودبلوماسياً كبيراً، يهدف إلى تعزيز نظام الحد من التسلح والأمن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط".

وطالب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى "تجنب تصعيد المواجهة" في ما يتصل بملف حظر الأسلحة على إيران، ودعا إلى الاستجابة لمبادرة الرئيس الروسي، لجهة عقد قمة سباعية للدول الخمس، دائمة العضوية في مجلس الأمن، وكذا ألمانيا وإيران، لمناقشة برنامج طهران النووي.

المعارض الإيراني سيد فاضلي لـ"حفريات": من حق الدول العربية والخليجية التصدي للمشروع الإيراني، والوقوف أمام دور طهران التخريبي والذي تؤديه عبر تصدير الثورة، كما في أدبياتها السياسية

بيد أنّ وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، هاجم الموقف الأمريكي، وشكك في إمكانية تنفيذ "آلية (سناب باك)، لأنهاغير قانونية إلى درجة لا يمكن القبول بها، وهم يدركون أنه لا يمكنهم استخدامها"، وأضاف: "لا تتصوروا أنهم لو تحدثوا بصوت عال، وكرروا ما يقولونه، أنهم على حق".

وغرد محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني، عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "أمريكا تواصل أخطاءها السابقة في سعيها وراء آلية الزناد"، مضيفاً: "ستهزم بأدلة سياسية وقانونية أقوى، بالطريقة نفسها التي رفضت القرار الأخير".

استقالة في سياق غامض

وبحسب مراقبين، فإنّ استقالة براين هوك، المبعوث الأمريكي الخاص لإيران، عن منصبه دون تحديد أسباب وملابسات ذلك، خلال الشهر الجاري، بعث بأسئلة عديدة حول توقيت ودلالة التنحي الذي وصفه البعض بـ"الغامض"، من ناحية، والنتائج والمآلات التي ستترتب على ذلك، من ناحية أخرى، خاصة وأنّ هوك الذي تولى مسؤولياته قبل نحو عامين، من خلال تشكيل مجموعة عمل بشأن إيران، كان يتولى متابعة تنفيذ إستراتيجية سياسة "الضغط القصوى الأمريكية"، بهدف تغيير سلوك طهران.

اقرأ أيضاً: فشل قرار تمديد حظر السلاح: إيران أكثر قدرة على التخريب

وحفل سجل المبعوث الأمريكي الخاص لإيران، بالعديد من المحطات المهمة التي نجح من خلالها في وضع إيران تحت "ضغوط غير مسبوقة"، بحسب إشادة الرئيس الأمريكي ذاته، كما قال بومبيو أثناء الإعلان عن استقالته: "حقَق نتائج تاريخية في مواجهة النظام الإيراني، ونجح في الإفراج عن الأسيرين الأمريكيين لدى إيران، مايكل وايت وشيو وانغ، واختتم: "لقد كان مستشاراً موثوقاً لي وصديقاً جيداً".

اقرأ أيضاً: ضغوط متفاقمة.. حظر السلاح والتصعيد الأميركي- الإيراني

 ومن بين أهداف المجموعة التي أعلن بومبيو عن تشكيلها في منتصف آب (أغسطس) العام 2018، وترأسها هوك، تنسيق أنشطة وزارة الخارجية الأمريكية المرتبطة بإيران، ومتابعة العقوبات المفروضة على طهران، إضافة إلى مراقبة الدول التي تواصل علاقاتها التجارية مع طهران.

وبحسب المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، فإنّ "اختيار إليوت إبرامز تحديداً كمبعوث خاص لإيران بعد هوك، يشير إلى وجود تغيير محتمل سيطرأ على التوجهات الأمريكية تجاه إيران، وأنّ التوجهات المقبلة ربما تكون راديكالية بصورة متزايدة، وربما تصل إلى تبني تغيير النظام، ما لم يكن اختيار إبرامز مسألة مؤقتة وانتقالية لحين تسمية مسؤول آخر لتولِي مسؤولية ملف إيران؛ لأنّ إبرامز يعد واحداً من الصقور المسيسين والمتشددين تجاه إيران، وله سجل حافل بين المحافظين الجدد، وكان أحد الداعين لغزو العراق، العام 2003".

اقرأ أيضاً: رسالة الاحتجاجات الإيرانية إلى الولي الفقيه: "انتهت اللعبة"

وإلى ذلك، يرى سيد فاضلي، المعارض الإيراني، أنه من حق الدول العربية والخليجية التصدي للمشروع الإيراني، والوقوف أمام دور طهران التخريبي، حسب وصفه، والذي تؤديه عبر تصدير الثورة، كما في أدبياتها السياسية، منذ العام 1979، إضافة إلى دعمها بالمال والسلاح للميلشيات في عدة دول بالإقليم أو في أوروبا والغرب، ما يتطلب اصطفافاً عربياً ودولياً بصورة ضرورية، باتجاه الكشف عن مخاطر حصول طهران على السلاح.

اقرأ أيضاً: النظام الإيراني في مأزق جديد... ما علاقة النفط؟

بيد أنّ إخفاق واشنطن في الحصول على تأييد من الدول الأوروبية الحليفة لها، والتي رفضت التصويت على مشروع القرار الامريكي في مجلس الأمن، كما يوضح فاضلي في حديثه لـ"حفريات"، فضلاً عن موسكو وبكين، سيحدث تصدعات عنيفة داخل النظام الإيراني، بجناحيه سواء المرتبط بالحرس الثوري أو التابع للرئيس الإيراني، حسن روحاني؛ فالأخير سيعتبر فشل الإدارة الأمريكية بمثابة نجاح للدبلوماسية الإيرانية، وهو الأمر الذي يتبناه وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بينما سيرفض ذلك الفريق المقابل، لا سيما في ظل إصرار إدارة ترامب على مواصلة عقوباتها الأممية، وحصار النظام الإيراني.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية