عادل عبد الصادق: 3 مراحل يستخدمها الإرهابيون لتجنيد الشباب

عادل عبد الصادق: 3 مراحل يستخدمها الإرهابيون لتجنيد الشباب

عادل عبد الصادق: 3 مراحل يستخدمها الإرهابيون لتجنيد الشباب


13/01/2021

أجرى الحوار: عيسى جابلي

كشف الباحث المصري الدكتور عادل عبد الصادق عن ثلاث مراحل يستخدمها الإرهابيون لتجنيد الشباب. وقال إنّ دولاً عربية كثيرة تمكنت من الانتصار على التنظيمات الإرهابية عبر تحديث أجهزتها الأمنية، وحاصرت البنية التحتية الرقمية للإرهاب رغم تأخرها.

وأوضح الفرق بين الإرهاب الإلكتروني والإرهاب التقليدي من حيث المفهوم والوسائل والأهداف، مشيراً إلى خطورة تبعاته على "الفئة الحرجة" من الشباب خصوصاً.

وبين عبد الصادق في حوار مع "حفريات" الخطوات التي يتم عبرها تجنيد الشباب للانضمام للجماعات الإرهابية بدءاً بالتأثير الوجداني، مروراً بالتأثير المعرفي، وانتهاء بتحويل كل ذلك إلى سلوك في أرض الواقع.

والدكتور عادل عبد الصادق باحث مصري، وخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ومدير مشروع المركز العربي لأبحاث الفضاء الإلكتروني. حاصل على بكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة، وماجستير ودكتوراه في العلوم السياسية من الجامعة ذاتها.

هنا نص الحوار:

"الإرهاب الإلكتروني" مصطلح معاصر مايزال غامضاً، ما المقصود به تحديداً؟

عند تفكيك المصطلح فإنه يعبر عن التزاوج بين التكنولوجيا والإرهاب، وإن كان الجزء الأول واضحاً في أدواته، فإنّ الجزء الثاني لا يوجد اتفاق واضح حول مدلوله، وقد انعكس هذا التطور في تداخل بين الإرهاب الإلكتروني وغيره من المفاهيم المرتبطة والمتداخلة، ورغم ذلك فإنّ الإرهاب الإلكتروني يعني العدوان أو التخويف أو التهديد مادياً أو معنوياً باستخدام الوسائل الإلكترونية، الصادرة من الدول أو الجماعات، أو الأفراد عبر الفضاء الإلكتروني بهدف تحقيق هدف سياسي عبر التأثير على القرارات الحكومية أو الرأي العام باستخدام الفضاء الإلكتروني، أو أن يكون هدفاً لذلك العدوان بما يؤثر على الاستخدام السلمي له، والذي يتم استخدامه كعامل مساعد ووسيط في عملية التنفيذ للعمل الإرهابي، وقد يتم توظيفه كمنصة لممارسة القوة أو السلوك العنيف عبر شن هجمات "رقمية" مدمرة ومخربه، أو عبر استخدام "القوة الناعمة" عبر توظيفه في شن العمليات النفسية وغسل الدماغ والتحريض وبث الإشاعات والأخبار المزيفة.

♦ الإرهاب التقليدي والإرهاب الإلكتروني

يمتاز الإرهاب الإلكتروني باتساع نطاق الهجوم ومساحته


ما الذي يميز الإرهاب التقليدي عن الإرهاب الالكتروني؟

كان الإرهاب التقليدي يميل نحو استخدام القوة الصلبة، بينما يميل الإرهاب الإلكتروني إلى القوة اللينة بصورة أكبر؛ حيث المعلومات والأفكار والتأثير في الرأي العام مع رخص تكاليف البث وخروجه عن السيطرة الحكومية إذ تحرك الفكرة القوة داخل الفضاء الإلكتروني، أما في الإرهاب التقليدي فإنّ القوة هي ما تسعى لتغيير الأفكار، ويتم الاستفادة مما يتيحه الفضاء الإلكتروني من سرعة الانتشار وتوافر وسائل يمكن استخدامها كأسلحة رخيصة، ونسب النجاح في تنفيذها تكون مرتفعة، وأيضاً كوسيلة إعلام رخيصة ومتعددة الوسائط الإعلامية من نص وصوت وصورة وفيديو تخدم على الرسالة الإعلامية.

اقرأ أيضاً: تصاعد الحرب الافتراضية على الإرهاب

ويتميز الإرهاب الإلكتروني باتساع نطاق الهجوم ومساحته، مع اتساع شبكات الاتصال والمعلومات في أرجاء العالم كافة، وبشكل لا يعير تلك الهجمات اعتباراً للحدود الدولية أو المسؤولية القانونية للدولة عن أعمالها، حيث يمكن أن تقوم مجموعة من المهاجمين في عدد من الدول بمهاجمة هدف معين، وهذا ما يعني صعوبة تحديد المسؤولية القانونية.

وأصبح من السهولة انضمام أي مجند جديد إلى أية جماعة إرهابية؛ حيث لا توجد شروط للعضوية سوى الالتزام بأهدافهم، وعدم التقيد بطرق التنفيذ، وتوفر تلك العضوية مصادر جديدة من المعلومات المحلية بعيداً عن القيادة المركزية، وهذا ما يعكس طبيعة شبكية ولامركزية معقدة وخلايا قد تكون منفصلة عن بعضها البعض مكانياً إلا أنها تلتقي في الأهداف والأفكار، وهذا ما يعمل على وجود صعوبة في الملاحقة الأمنية لهم.

ما الإستراتيجيات والوسائل التي يستعملها الإرهابيون إلكترونياً؟

يجب أن يتم التمييز بين إستراتيجيات التنظيمات الإرهابية المتطرفة للمجال السيبراني وبين ما يتم استخدامه في عملية التجنيد والتعبئة عبر تفعيل خطابهم بين الكتلة الحرجة من الشباب.

كان الإرهاب التقليدي يميل نحو استخدام القوة الصلبة بينما يميل الإرهاب الإلكتروني إلى القوة اللينة بصورة أكبر

ففيما يتعلق بالبعد الإلكتروني في إستراتيجياتهم، فيكون بالعمل على تنمية مهاراتهم في مجال استخدامات المجال الإلكتروني، وبخاصة مهارات تحرير الفيديوهات والمؤثرات الصوتية والإخراج الفني، والعمل على اختيار المنصات الإلكترونية الأكثر أمناً، مع التركيز على التدريب في مجال تأمين اتصالاتهم وتشفيرها، واعتماد سياسة الكر والفر في استخدامات التطبيقات من خلال إعادة تنشيط الحسابات كلما تعرضت للاختراق أو الوقف من قبل الشركة المشغلة، والتوجه إلى أكثر التطبيقات في مجال التواصل الاجتماعي أمناً. وهو ما يفسر لجوءهم إلى استخدام "تلغرام"، واستخدام برامج الحماية والتأمين المتاحة أو عبر تنمية المهارات الذاتية في مجال التشفير، وبخاصة مع هجرة المواقع الإلكترونية والمنتديات وغرف الدردشة والمدونات إلى تطبيقات الشبكات الاجتماعية والهواتف الذكية، والتي أحدثت تطوراً في الإستراتيجية الإعلامية للتنظيمات المتطرفة، والتي تستهدف التجنيد، والتأثير، وجمع المعلومات، وشن الحرب النفسية، والتمويل، وجمع التبرعات.

اقرأ ايضاً: الإرهاب الإلكتروني.. الرعب على الأبواب

ويتم ذلك عبر؛ أولاً: القيام بهجمات رقمية الطابع عبر وسيط الفضاء الإلكتروني، حيث يتم شن عمليات التدمير والهجوم إلكترونياً. وثانياً: أن يكون الفضاء الإلكتروني عاملاً مساعداً في العمل الإرهابي عن طريق تسهيل الحصول على المعلومات والتنسيق والتجنيد والتعبئة وغيرها. وثالثاً: يتمثل في العمل على شن الحرب النفسية ونشر المعلومات المضللة والكراهية الدينية.

♦ مراحل التجنيد الثلاث

تواجه الشبكات الاجتماعية خطر اعتبارها ملاذاً للجماعات الإرهابية

ولكن، ما هي مراحل إستراتيجية التجنيد التي تتبعها التنظيمات المتطرفة لجذب الشباب والمقاتلين؟

تتم عملية التجنيد عبر ثلاث مراحل تتعلق الأولى بمرحلة التأثير الوجداني، من خلال إثارة العاطفة والنعرة والغيرة الدينية بحجة الدفاع عن القيم المقدسة الدينية أو البحث عن عالم مثالي لا يمت للواقع بصلة كفكرة "الخلافة" أو "المدينة الفاضلة"، ويتم توظيف النصوص الدينية عبر الوسائط الإعلامية كافة.

المرحلة الثانية، ترتبط بالتأثير المعرفي عن طريق دور الشبكات الاجتماعية في نقل المعلومات والبيانات التي تعبر فقط عن وجهة نظر الجماعات الجهادية. وفي تلك المرحلة تتحول الصفحات والحسابات على شبكات التواصل إلى بوق للتطرف ونقل وجهات النظر الأحادية تجاه الآخر.

اقرأ أيضاً: هل ينجح دعاة فيسبوك وتويتر بمحاصرة الإرهاب الإلكتروني؟

المرحلة الثالثة هي أخطر المراحل؛ لأنها تعمل على تحويل الفكر إلى سلوك عن طريق التغيير السلوكي لدى المنتمي، وأن يتحول من مجرد متعاطف إلى فاعل، والمشاركة الفعلية في التغيير بالقوة والعنف، وهو ما يظهر في التغيير السلوكي، وهي مرحلة تتم عبر المشاركة في أرض القتال الفعلي، أو القيام بعمليات انتحارية بعد عملية التعرض لغسيل المخ تحت دعوى رفعة الجماعة والانتقال إلى العالم الأفضل.

وما طبيعة المواد التي يتناولونها، وما مدى تأثير هذه المواد في المتلقي؟

لا شك في أنّ طبيعة الجمهور المستهدف تؤثر في طبيعة المادة والمحتوى، فهم يستهدفون ثلاثة أقسام من الجمهور، أولها جمهور الأتباع والمؤيدين، وثانيها، جمهور الأعداء أو "الكفار" وثالثها، جمهور "الأتباع المحتملين". وكل نوع من تلك الأنواع الثلاثة يتم صياغة خطاب ومادة إعلامية خاصة به تعمل على الحشد والتعبئة بين الأتباع، وشن الهجوم على الأعداء وممارسة الدفاع عن الأهداف والأشخاص والسياسات التي تتبعها التنظيمات المتطرفة.

هناك دول كثيرة انتصرت على التنظيمات المتطرفة سواء في الميدان والمعارك العسكرية أو في فضاء الإنترنت

ويتم توظيف النصوص المقدسة إلى جانب آراء بعض من الفقهاء أو بإعادة تفسيره وفق أهدافهم، فضلاً عن خطب الزعماء الجدد داخل التنظيم، سواء تعقيباً على الأحداث أو في ظل نشر ما يرونه من تطبيق الشريعة الإسلامية. وتلعب المادة أو المحتوى الديني دوراً كبيراً في تبرير سياسات التنظيمات المتطرفة، وبخاصة مع إمكانية نشر ذلك المحتوى مرادفاً للمؤثرات الصوتية مثل الأناشيد الحماسية أو الأدعية أو الموسيقى الحماسية (الدفوف مثلاً).

♦ السيطرة على المساجد

هل يمكن أن يكون الإرهاب الإلكتروني بديلاً من التواصل الحقيقي من أجل التجنيد والدعاية للمنظمات الإرهابية؟

لا شك في أن عملية السيطرة على المساجد والزوايا في المناطق النائية خاصة ما تزال هدفاً للتجنيد من قبل التنظيمات المتطرفة، لا سيما أنها تستغل عدم وجود تغطية دينية رسمية من قبل الدولة، وتستغل من جهة أخرى حالة العوز الاقتصادي والفقر لتقديم مساعدتها للعمل على تكوين حاضنة وبنية تحتية لنشر الفكر المتطرف. وعلى الرغم من أنّ دور المساجد قد تأثر بتصاعد تأثير شبكات التواصل الاجتماعي، إلا أنه لا يعني أنها فقدت الدور في التعبئة، خاصة أن ما يتم إنتاجه من محتوى ديني داخل المساجد، أو على جبهات القتال المفترضة، أو في المغارات الجبلية، يتم إعادة نشره عبر شبكات التواصل الاجتماعي بما يعمل على انتشاره وتعزيز تأثيره بين الشباب. ومن ثم يمكن القول إنّ المساجد تلعب دورا،ً إلا أنّ دورها تأثر مع التضييق الأمني على المساجد وتوجه التنظيمات المتطرفة إلى الشبكات الاجتماعية.

ولكن هل ستبقي الشبكات الاجتماعية منصة مفتوحة للتنظيمات المتطرفة؟

الشبكات الاجتماعية أصبحت تواجه خطر اعتبارها ملاذاً آمناً للجماعات الإرهابية، وذلك لاعتبارات تتعلق بالتغير الحادث في سياسات الشبكات الاجتماعية تجاه محاربة التطرف والكراهية، وتجاه الدول إلى تبني قوانين لمكافحة الجريمة السيبرانية، ومن ثم إخضاع المحتوى إلى المساءلة القانونية، وإلى تراجع قوة التنظيمات الإرهابية على الأرض مع فقدان تنظيم "داعش" أكثر من 90 % من الأراضي التي استولى عليها، والهزيمة الميدانية للتنظيمات المتطرفة عامة سيعمل على انحسار قوتها وضعف خطابها التعبوي.

ما أبرز وسائل مقاومة الإرهاب الإلكتروني برأيك؟

هناك وسائل عدة للمقاومة المضادة، وتتمثل في تبني القوة الناعمة لمواجهة الأفكار بأفكار أخرى مضادة، واستخدام المنصات التي يستخدمونها لنشر خطاب التسامح والحوار وتصحيح المفاهيم.

اقرأ أيضاً: الإرهاب الإلكتروني.. الرعب على الأبواب

ويأتي إلى جانب ذلك استخدام القوة الصلبة عبر المداهمة الأمنية والعسكرية لهم للعمل على تدمير القدرات العسكرية للتنظيمات المتطرفة ومنعها من تطوير قدراتها العسكرية سواء من حيث الأسلحة أو التكتيكات المتبعة.

ويتطلب ذلك أن تتبنى الدولة القوة الذكية التي تمكنها من اعتماد استراتيجية شاملة، تأخذ في اعتبارها معالجة جميع الدوافع لتبني الفكر المتطرف، وتفريغ البيئة الحاضنة له وبمشاركة مختلف الفاعلين داخل المجتمع.

تتم عملية التجنيد الإلكتروني عبر ثلاث مراحل تتعلق الأولى بمرحلة التأثير الوجداني والثانية بالتأثير المعرفي والثالثة بالتأثير السلوكي

وهناك أهمية لتحديث الإطار القانوني على النحو الذي يعمل على تنظيم عملية الاستخدام للشبكات الاجتماعية وحماية المجتمع من مخاطرها المادية والمعنوية، بما يعزز الثقة والمنفعة للمجتمع. وعلى الرغم من ضرورة المواجهة التقنية والأمنية، إما عن طريق الرقابة أو التجسس أو الحجب، إلّا أنها لن تصبح فاعلة، والمواجهة الفكرية والثقافية هي الأقوى لأنها ترتكز على مواجهة الفكر بالفكر في معركة ناعمة، بينما يتم استخدام القوة العسكرية المادية في تحطيم البنية الأساسية للتطرف والإرهاب.

وعلى المستوى المحلي على الدولة أن تعمل على مواجهة الأسباب الدافعة إلى لجوء الشباب للتطرف والإرهاب مثل؛ العمل على مواجهة البطالة وتفشي الأمية ومواجهة الفقر، وأهمية دور وسائل الإعلام العامة والخاصة في تبني الموضوعية والحيادية بشكل لا يجعلها عرضة لنشر التطرف والسطحية، ولا تترك الساحة أمام الشبكات الاجتماعية في التأثير في الكتلة الحرجة من الشباب داخل المجتمع.

تمكنت التنظيمات الإرهابية من استخدام الثورة التكنولوجية لصالحها

وأهمية دور المجتمع المدني في رفع الوعي بالمخاطر بنشر التطرف إلى جانب أهمية دور المؤسسات الدينية بتحديث خطابها واستخدام الشبكات الاجتماعية لنشر ثقافة التسامح والحوار وتصحيح المفاهيم، وأن تقوم مؤسسات الدولة الثقافية والدينية بخطة شاملة للدفاع عن القيم الأصيلة في مواجهة طوفان الاختراق للقيم الغريبة والمدمرة للمجتمع في الوقت ذاته، والعمل على فتح الآفاق أمام الشباب لتوظيف تلك الثورة المعلوماتية على نحو يخدم التنمية ويشجع على الابتكار والإبداع.

ولا ينفصل ذلك عن أهمية دور المجتمع الدولي في مواجهة تلك الظاهرة، وعن ضرورة تفعيل ميثاق الأمم المتحدة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والسعي إلى قيام المجتمع الدولي بالضغط على الشركات التكنولوجية لتمكين الأجهزة الأمنية من سهولة الدخول على قواعد البيانات الخاصة بها لتعقب المجرمين والإرهابيين والحصول على التكنولوجيا المتقدمة اللازمة لذلك.

الانتصار على الإرهاب

عربياً الآن، هل نجحت الدول العربية في مواجهة هذا النوع من الإرهاب للحد من خطورة الجماعات الإرهابية التي تستغل الإنترنت كثيراً؟

على الرغم من التأخر الحاصل في سبيل المواجهة إلا أنّ هناك دولاً كثيرة تمكنت من الانتصار على تلك التنظيمات المتطرفة سواء في الميدان والمعارك العسكرية أو في فضاء الإنترنت، وتم ذلك عبر تحقيق التطور الشامل في القدرات العسكرية للدولة في مواجهة تلك التنظيمات المتطرفة، والعمل على فك الارتباط بينها وبين من يقف وراءها، وتجفيف منابع التمويل وتهريب السلاح إليها. ومن جهة أخرى استطاعت الدول العربية تطوير عملية التعاون الأمني المشترك في مكافحة الإرهاب وتمويله، وسن قوانين تكافح التحريض، أو الانضمام إلى الجماعات الإرهابية.

وكان من أهم منصات المواجهة، العمل على دفع عجلة التنمية الاقتصادية، ودعم المناطق المهمشة والفقيرة، وتوفير فرص عمل للشباب، وجذب الاستثمار الأجنبي. ومن جهة أخرى قامت عدد من الدول العربية بتحديث أجهزتها الأمنية على مستوى التقنيات والتدريب للعمل على مواجهة عصر الجريمة الإلكترونية، وتدشين أجهزة معنية بالأمن السيبراني.
وعلى الرغم من ذلك التقدم الملحوظ إلا أنه يتطلب الاستمرار في ظل ظاهرة متلونة وقادرة على الظهور مرة أخرى بأسماء وكيفية مختلفة وفي مكان مختلف.

توظف الجماعات الإرهابية طاقات وتقنيات عالية الجودة إلى حد كبير، من أين تأتي بالعاملين المتخصصين في هذا المجال وكيف تستقطبهم؟ ومن أين لها بتلك التجهيزات الرقمية المتطورة التي تستخدمها؟

أتاحت البيئة الالكترونية أساليب جديدة وتكتيكات ساهمت في تعزيز القدرات الإلكترونية للتنظيمات الجهادية، في مقابل الأجهزة الأمنية وفي مواجهة أعدائها وفي مخاطبة مؤيديها وفي مخاطبة الكتلة الصامتة من مستخدمي تلك التطبيقات الإلكترونية من الشباب.

اقرأ أيضاً: الإعلام العربي في مواجهة الإرهاب

وذلك بالاعتماد على عاملين أساسيين: أولهما، الاستفادة من الثورة التكنولوجية. وثانيهما: الغطاء الديني للاستخدام والذي يعمل على الامتزاج بين القوة المادية والقوة المعنوية الروحية والتي تشكل جناحين أساسيين لنجاح التنظيمات الجهادية في استخدام الشبكات الاجتماعية. وأصبحت تستقي مصادر قوتها عبر وسائل متعددة منها ما يتعلق بتنمية معارفها الذاتية بالتقنية، أو باكتساب عناصر محترفة في مجال التأمين والاختراق والتشفير، أو بضم عناصر من القراصنة مقابل المال أو باستخدام برامج للحماية المتوافرة والمتداولة، أو عبر استخدام الإنترنت الخفي، أو باستخدام الألعاب الإلكترونية، أو باستخدام اتصالات عبر الأقمار الصناعية. ويتم ذلك بدعم من مؤيدين للتنظيمات الإرهابية سواء في محل الصراع أو من مؤيدين عابرين للحدود سواء أكانوا دولاً أم أفراداً، وسواء أكان مشاركة فعلية ميدانية أم عبر المجال الإلكتروني.

الصفحة الرئيسية